د. عبدالحميد الأنصاري- الايام البحرينية-
يختلف المحللون في تشخيص الظاهرة الإرهابية التي تعاني منها المجتمعات العربية والغربية، ويتجه جانب من التشخيص وبخاصة لدى المحللين الغربيين إلى أن (البطالة) من أقوى العوامل الدافعة وراء التحاق الشباب المسلم بالتنظيمات الإرهابية ومن ثم يجب استثمار طاقات الشباب في التنمية والإنتاج حتى لا يكونوا فريسة للتنظيمات الإرهابية، فهل - حقًا - البطالة هي الدافع القوي في تحويل الشباب إلى إرهابيين، مفجرين؟! مع تفهمي لدوافع هذا الطرح في حث الحكومات لوضع خطط تحجم البطالة وتحمي الشباب من الانزلاق إلى التطرف والإجرام، إلا أنني لا أرى للبطالة أي تأثير في تحويل الشاب إرهابيا لمجرد أنه عاطل، نعم قد يصبح - في حالات معنية - مجرمًا، يمارس السرقة والاعتداء ويهرب الممنوعات، لكنه ليس سببًا كافيًا لينقلب إرهابيًا يفجر نفسه في أبرياء في سوق أو مسجد أو فندق، لماذا؟! لأنه يحب الحياة ويعشقها ! نعم المجرمون، يحبون الحياة وملذاتها ومتعتها، وهم لذلك يسرقون ويهربون الممنوعات طمعًا في المال، لكنهم لا يفجرون أنفسهم، التفجير بحاجة إلى مبرر أقوى بكثير يجعل صاحبه لا يبالي بالحياة، ولا يقيم لها وزنًا، يضحي بنفسه وبالأخرين في سبيل هدف أسمى، ووصولاً إلى حياة أبقى، وهذا فارق مهم بين المجرم والإرهابي، يغفل عنه المحللون الغربيون، أسرى (العامل الاقتصادي) كمحرك وحيد للسلوك الإنساني، أنصار المادية التاريخية لا يأبهون بالدوافع غير المادية: الدينية والقومية والمذهبية والقبلية مع أنها هي الدوافع الأقوى للسلوك والتصرفات والعلاقات وقبول الآخر.
المجرم، نفسية محبة للحياة، والإرهابي نفسية كارهة للحياة والأحياء بسبب الشحن والتحريض المستمرين لكراهية الآخر. ومن ناحية ثانية، فإن كافة الوقائع الإرهابية على امتداد خمسة عقود وأكثر، تكذب نظرية (البطالة) دافعا للإرهاب، كل قادة التنظيمات الإرهابية بدءًا من بن لادن، مرورًا بالظواهري، وصولا إلى البغدادي، من عائلات ميسورة لا تشكو فقرًا ولا عوزًا، وهم أصحاب شهادات دراسية عالية، أما أتباعهم القادمون من مجتمعات عربية وغربية، فهم أيضا لم يأتوا من فقر أو بطالة، هؤلاء تركوا أعمالهم وتكلفوا أموالاً وصولاً لداعش! لا يفجر الإنسان نفسه من ظلم أو فقر أو بطالة، فالحياة عزيزة على الإنسان، لكنه مستعد للتضحية في سبيل عقيدة غلابة تزين له الحياة فانية والآخرة هي الباقية، أكثر من يختلف المحللون في تشخيص الظاهرة الإرهابية التي تعاني منها المجتمعات العربية والغربية، ويتجه جانب من التشخيص وبخاصة لدى المحللين الغربيين إلى أن (البطالة) من أقوى العوامل الدافعة وراء التحاق الشباب المسلم بالتنظيمات الإرهابية ومن ثم يجب استثمار طاقات الشباب في التنمية والإنتاج حتى لا يكونوا فريسة للتنظيمات الإرهابية، فهل - حقًا - البطالة هي الدافع القوي في تحويل الشباب إلى إرهابيين، مفجرين؟! مع تفهمي لدوافع هذا الطرح في حث الحكومات لوضع خطط تحجم البطالة وتحمي الشباب من الانزلاق إلى التطرف والإجرام، إلا أنني لا أرى للبطالة أي تأثير في تحويل الشاب إرهابيا لمجرد أنه عاطل، نعم قد يصبح - في حالات معنية - مجرمًا، يمارس السرقة والاعتداء ويهرب الممنوعات، لكنه ليس سببًا كافيًا لينقلب إرهابيًا يفجر نفسه في أبرياء في سوق أو مسجد أو فندق، لماذا؟! لأنه يحب الحياة ويعشقها ! نعم المجرمون، يحبون الحياة وملذاتها ومتعتها، وهم لذلك يسرقون ويهربون الممنوعات طمعًا في المال، لكنهم لا يفجرون أنفسهم، التفجير بحاجة إلى مبرر أقوى بكثير يجعل صاحبه لا يبالي بالحياة، ولا يقيم لها وزنًا، يضحي بنفسه وبالأخرين في سبيل هدف أسمى، ووصولاً إلى حياة أبقى، وهذا فارق مهم بين المجرم والإرهابي، يغفل عنه المحللون الغربيون، أسرى (العامل الاقتصادي) كمحرك وحيد للسلوك الإنساني، أنصار المادية التاريخية لا يأبهون بالدوافع غير المادية: الدينية والقومية والمذهبية والقبلية مع أنها هي الدوافع الأقوى للسلوك والتصرفات والعلاقات وقبول الآخر.
المجرم، نفسية محبة للحياة، والإرهابي نفسية كارهة للحياة والأحياء بسبب الشحن والتحريض المستمرين لكراهية الآخر. ومن ناحية ثانية، فإن كافة الوقائع الإرهابية على امتداد خمسة عقود وأكثر، تكذب نظرية (البطالة) دافعا للإرهاب، كل قادة التنظيمات الإرهابية بدءًا من بن لادن، مرورًا بالظواهري، وصولا إلى البغدادي، من عائلات ميسورة لا تشكو فقرًا ولا عوزًا، وهم أصحاب شهادات دراسية عالية، أما أتباعهم القادمون من مجتمعات عربية وغربية، فهم أيضا لم يأتوا من فقر أو بطالة، هؤلاء تركوا أعمالهم وتكلفوا أموالاً وصولاً لداعش! لا يفجر الإنسان نفسه من ظلم أو فقر أو بطالة، فالحياة عزيزة على الإنسان، لكنه مستعد للتضحية في سبيل عقيدة غلابة تزين له الحياة فانية والآخرة هي الباقية، أكثر من 6 آلاف أوروبي ذهبوا للقتال مع الجماعات الإرهابية في سوريا، ما تفسير ذلك؟ هل كان هؤلاء يعانون بطالة؟! إرهابيو أوروبا كلهم، صلاح عبدالسلام، أباعود، دواعش باريس وبروكسل ومجانين لندن، من قبل، عاشوا حياة رخية، ومنهم تجار مخدرات وتزوير، وكانت أوروبا تدللهم، ولم تكن البطالة سببًا إو دافعًا لتحولهم إلى إرهابيين مفجرين! وما يصدق على التنظيمات الإرهابية الأوروبية يصدق على كافة التنظيمات الأخرى: داعش، النصرة، بوكوحرام.. الخ، لم تكن البطالة دافعًا أو عاملاً في إرهابهم لا في الحاضر ولا في الماضي، الخوارج الذين استباحوا دماء الصحابة، وجماعة جهيمان الذين استباحوا الحرم الشريف، وقبلهم الإخوان الذين تمردوا على حكم الملك عبدالعزيز وقطعوا الطرق وأرعبوا، حتى قاتلهم عبدالعزيز وشتت شملهم في السبلة 1928، وجماعات التكفيروالهجرة والجهاد الإرهابية في مصر، وغيرها لم ينطلقوا من إملاق أو بطالة بل من عقيدة فاسدة ونفسية كارهة وفكر عدواني زين لصاحبه تملك الحقيقة المطلقة، واحتكار الجنة، وتكفير الآخرين وإقصائهم، ومن ناحية ثالثة، لو كانت نظرية الفقر والبطالة صحيحة، فلماذا لم تنتج المجتمعات الأكثر فقرًا وبطالة قنابل بشرية؟! لماذا نجد معظم الإرهابيين من مجتمعات غنية أو ميسورة؟
ختامًا: ربط البطالة بالإرهاب، تشخيص خاطئ، لا سند له ماضيًا وحاضرًا، والخلل الأساسي في هذا التشخيص، أنه ينطلق من أن الإرهاب رد فعل، للبطالة أو المظالم الداخلية والخارجية أو الإحباط أوالاستبداد والقمع، وهذا خطأ منهجي، لأن الإرهاب في الأول وفي الآخر، ليس رد فعل، بل هو فعل قائم بذاته له بنائه الديني والمعرفي، ومنظروه ودعاته، وأجندته وأهدافه، بعيدًا عن مبرراته ودوافعه الخادعة المضللة.