احترت بماذا أصف العنوان أعلاه، أهو عيب، حرام، فشيلة... إلخ، وأخيراً وجدت أن التوصيف الأقرب هو فضيحة لأنه في كل بقاع الدنيا معروف أنه كلما ازداد علم الإنسان ازدادت لديه فرص الحصول على وظيفة لائقة، إلا في البحرين فكلما تعلم الإنسان وحاز شهادات فإنه سيزيد رقماً إضافياً إلى سجل العاطلين!
وهذا التوصيف لم اختره تجنياً ولا اتهاماً للجهات المذكورة، وإنما لواقع يعيشه أبناء البحرين وشبابهم الذين اجتهدوا وثابروا والآلاف منهم درسوا على حساب أهاليهم وحسابهم الخاص والبعض الآخر نال بعثات دراسية عن جدارة واستحقاق، ثم وجد نفسه ملقى على رصيف البطالة!
دعونا نتحدث بثلاث لغات عن هذا الموضوع، فأما لغة الأرقام فتقول إنه بنهاية العام 2015 أصبح في البحرين 6946 عاطلاً، بينهم 3881 عاطلاً من حملة الشهادات الجامعية فأعلى، وهذا يعني أن 55 في المئة من عاطلي البحرين هم من الجامعيين وأصحاب الشهادات العليا من الماجستير والدكتوراه!
وتؤكد الإحصاءات الحكومية تحول التخصصات الجامعية التي تتركز فيها البطالة أكثر من التخصصات الاجتماعية والتربوية إلى تخصصات إدارة الأعمال والمحاسبة والأعمال المصرفية والحقوق والقانون، مع استمرار ارتفاع نسب البطالة في التخصصات التربوية والاجتماعية!
وتشير الأرقام الرسمية أيضاً إلى أن غالبية العاطلين هم من الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 20 و29 عاماً، إذ يبلغ عددهم 4522 عاطلاً.
اللغة الثانية هي لغة المنطق، وفيها نجيب عن السؤال التالي: لماذا نعتبر أن ارتفاع عدد العاطلين الجامعيين فضيحة؟، لأن هناك 31 في المئة من موظفي الحكومة هم من الوافدين، أي أن هناك 26900 موظف غير بحريني يعملون في القطاع الحكومي، بحسب الأرقام التي عرضتها هيئة تنظيم سوق العمل للعام 2015.
وهو فضحية للحكومة ووزارة العمل تحديداً، لأن أرقام الجامعيين العاطلين تضاعفت خلال 8 سنوات فقط، ففي حين كان الحديث عن قائمة جامعيين عاطلين تبلغ 1912 في العام 2008، فإننا وصلنا اليوم إلى العام 2016 والبحرين تضم 3881 عاطلاً جامعياً، وأعتقد أن هذا التنامي في أعداد الجامعيين العاطلين يحتم على ديوان الخدمة المدنية أن يخجل من كل هذه الأعداد من الأجانب في الحكومة في الوقت الذي يبقى فيه أبناء البحرين عاطلين، كما يحتم على وزارة العمل أن تستحي من الفخر بمشاريعها التي تخرج بها على الناس بين فينة وأخرى للحديث عن توظيف 10 و15 ألف عاطل!
اليوم 95 في المئة من الوظائف ذات الأجور العالية (1000 دينار فأكثر)، تذهب إلى غير البحرينيين، وهناك 26 ألف وظيفة يستحوذ عليها الأجانب سنوياً في البحرين، فبأي منطق يمكن أن نقنع الدنيا والعالم بأن بطالة البحرينيين وخاصة الجامعيين هي في حدودها الآمنة والمطمئنة؟!
اللغة الثالثة التي نتحدث بها، هي لغة الضمير والإنسانية والحس الوطني، أستحلفكم بالله هل يمكن أن تذكروا لنا يا حكومة ويا وزارة، عن شعب آخر غير البحرين، أكثر من نصف عاطليه هم من أصحاب الشهادات الجامعية؟، هل تعرفون معاناة هؤلاء الشباب وأسرهم في توفير لقمة العيش لهم ولأبنائهم؟
ماذا تريدون أن تقولوا لشبابنا وشاباتنا، لا تتعلموا ولا تجتهدوا ولا تتفوقوا، لأنكم في النهاية ستلقون شهاداتكم في سلة المهملات؟، هذا الأمر معيب جداً في حق شعب متحضر وواعٍ ومثقف مثل شعب البحرين!
حسن المدحوب- الوسط البحرينية-