في مناسبات نردد أن السعودية للمسلمين، وأنها قلب العالم الإسلامي النابض، ومهوى قلوب العشاق من كل مكان، ثم نعود في مناسبات أخرى لنقول إن السعودية للسعوديين فقط.
وبين هذه وتلك توجد حقيقتان لا يمكن تجاهلهما، الأولى أنه من الطبيعي أن يكون أهل كل بلاد أولى من غيرهم بخيراتها خاصة في وقت «الخصاصة»، والثانية أن المغتربين والمقيمين في هذه البلاد لم يدخلوها عنوة ودون رغبة أهلها، لكنهم دخلوا بطرق نظامية وبواسطة سعوديين، إما أفراد أو مؤسسات.
ويبدو منطقيا ومفهوما أن يطالب السعوديون بتوطين الوظائف والحرف، ولكن غير المنطقي اعتبار الأجانب أعداء، مع أننا من دعاهم ومنحهم تأشيرات للعبور والعمل.
حتى الفاسد من غير السعوديين لا يمكن أن يكون فاسدا لوحده لا بد من وجود سعودي يتستر عليه ويساعده في أن يكون مسيطرا على سوق ما أو سلعة ما.
ومن المرجح أن كل واحد منكم أيها السادة الأفاضل والسيدات الفاضلات يعرف على الأقل سعوديا واحدا يردد عبارة من عينة «الأجانب أكلونا» مع أنه كفيل بضعة عمال يعملون بدلا عنه، أو يديرون محلات مسجلة باسمه، وهو لا يعرف عنها إلا ذلك المبلغ الذي يقتطعه نهاية كل شهر.
أما المواطن الذي يريد أن يعمل بنفسه فإن العقبة التي تواجهه هي وجود لوبيات غير السعوديين في كافة المهن والتي لم تكن لتتواجد لو لم يكن هنالك مواطن آخر يتكسب من هذا الوضع الشاذ، وأنظمة غريبة تبدو وكأنها صممت ليتحايل عليها الناس.
وعلى أي حال..
كلنا ـ دون استثناء ـ نريد أن نشاهد أبناء وطننا يعملون في كافة المهن، وأن يكونوا هم المسيطرين على كافة المهن والسلع والأسواق، ولكن الوصول إلى هذه الغاية لن يكون عن طريق مناصبة العداء لأناس كانوا نتيجة للمشكلة، ولم يكونوا سببا في حدوثها. ولن يكون بشتم أناس كانت لديهم الرغبة في العمل أكثر من غيرهم. وكما قال الشاعر البنغالي المقيم: حل المشكلة يكون بالقضاء على أسبابها وليس بشتم نتائجها.
عبدالله المزهر- مكة السعودية-