في مشاركة له حول مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل أقيمت في جامعة حائل قبل أيام، أكد عضو مجلس الشورى الأمير الدكتور خالد بن عبدالله بن مقرن آل سعود أنه يوجد لدينا 700 ألف مواطن باحث عن العمل، في حين يوفر الاقتصاد الوطني 12 مليون وظيفة في القطاع الخاص يشغلها حالياً غير سعوديين.
وفصّل الأمير أن مفهوم البطالة لدينا ليس بالتقليدي كما في الدول الأخرى، أي شح بالوظائف وكثرة بالمتقدمين لها، بل إن المشكلة هي في برامج إحلال الكوادر الوطنية محل العمالة الأجنبية، ويبدو أن هذا الطرح معروف ولكن له إشكالاً مزمناً من وزارة العمل التي عملت برامج السعودة في القطاع الخاص، من نظام نطاقات وغيره من البرامج المصممة لزيادة عدد الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، ولكن يبدو أن تلك البرامج فشلت في تحقيق أهدافها، والدليل هو الزيادة الكبيرة والمستمرة في أعداد الأجانب في القطاع الخاص وارتفاع البطالة بين المواطنين، بل إن بعض برامج السعودة وللأسف زادت من عمليات توظيف السعوديين بشكل مشوه وأصبحوا يكملون نسب توطين الوظائف كما تحددها وزارة العمل، وأصبحوا موظفين على الورق فقط وتنزل في حساباتهم رواتب متدنية جداً وهم على أرض الواقع لا يمارسون أي عمل.
لن أتحدث عن مخرجات التعليم ومواكبتها سوق العمل، لأنني أعتقد أنها حجة ضعيفة في مشاركة السعوديين في القطاع الخاص، فنحن نشاهد الآلاف من الأجانب يقومون بالكثير من الوظائف الإدارية وحتى الفنية التي يوجد لدينا من يستطيعون القيام بها، ولكن برأيي أن القطاع الخاص يجلب عمالة رخيصة من حيث الرواتب والمواطن لا يمكن أن يقبل بها، وعلى رغم أن الجهات الرسمية وضعت حداً أدنى للأجور إلا أننا لم نشاهد ارتفاعاً في نسب التوظيف المحلية. نعم يوجد لدينا إشكال في أن الغالبية من شبابنا لا زال يفضل العمل في القطاع العام على رغم تدني المداخيل فيه، ولكن هذا القطاع متشبع وفيه تكدس كبير، إضافة إلى أن الالتزامات المالية من الحكومة ضخمة جداً ويمثل عليها عبئاً في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الاقتصادي العالمي، لذا على القطاع الخاص أن يتخلى عن فكرة أن المواطن لا يحب العمل وأنه كسول وأن عمل في شركة ما فإنها تعتبر فترة موقتة حتى يحصل على عمل حكومي.
الحال التي ذكرها عضو مجلس الشورى أن هناك 12 مليون وظيفة يشغلها أجنبي بالقطاع الخاص مع وجود بطالة مختلف على نسبتها هي حال كارثية في أي دولة بالعالم ولا يمكن السكوت عنها، علينا كحكومة ومجتمع مراجعة حال اقتصادنا المشوه التي أنتجت لنا هذه الأرقام المخيفة، والكل يعرف أن البطالة لها عواقب وخيمة في أي مجتمع من زيادة في معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات، وقد تكون دافعاً للانغلاق والتطرف خصوصاً أن مجتمعنا مجتمع شاب يحتاج إلى وظيفة محترمة تحسس المواطن بقيمته ومشاركته في بناء وطنه.
قرأت قبل سنة أو أكثر أن من الوظائف محصور التوظيف عليها بالمواطن هي مدير الموارد البشرية بهدف عدم محاربة السعودي في العمل بالشركات والمؤسسات، ولكن يبدو أن هناك التفافاً عليها، وتقدم أوراق للجهات الرسمية بأن ذلك الشرط مطبق بالقطاع الخاص ولكن في الواقع غير ذلك.
ختاماً، لا يوجد لدي موقف من الأجانب في العمل لدينا في بعض القطاعات التي بها نقص من الكوادر الوطنية، ولكن الأفضلية يجب أن تكون للسعودي حتى لو صرف عليه ودرب أكثر.
عقل العقل - الحياة السعودية-