الخليج أونلاين-
في بلد قليل النفوس ويعتبر من البلدان النفطية يمكن أن يوفر لسكانه معيشة جيدة وعملاً لجميع أبنائه، لكن البحرين التي لم يتجاوز عدد مواطنيها 700 ألف نسمة، تعاني من بطالة في حين توفر فرص عمل لعدد كبير من الأجانب، يرى المواطنون البحرينيون أنهم يأخذون فرصهم بالعمل.
وبحسب ما هو متوفر من إحصاءات رسمية دقيقة فإن عدد سكان البحرين يبلغ مليوناً و641 ألف نسمة.
وتفيد هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية البحرينية بأن البحرينيين يشكلون ما نسبته 45% من عدد السكان، في حين تصل نسبة السكان الأجانب إلى 55%.
تلك النسبة المرتفعة من الأجانب المقيمين في البحرين تشغل وظائف عديدة، يقول البحرينيون، بحسب ما تتحدث مختلف وسائل الإعلام المحلية، إنهم أولى بتلك الوظائف، في حين يصفُّ عدد كبير منهم في طابور البطالة يبحثون عن فرصة للتعيين بمؤسسات حكومية أو خاصة.
وفي البحث عن نسبة البطالة المحددة عبر وسائل الإعلام المحلية لا يمكن الوصول إلى رقم أو نسبة بعينها، في حين أن ما تعلنه الجهات الرسمية من انخفاض نسبة البطالة يخالف ما ينشر في وسائل الإعلام حول نسب البطالة.
ووفقاً لأرقام معلنة فإن عدد العاطلين المسجلين لدى وزارة العمل 10275 عاطلاً، منهم نحو 74% من الإناث ما يعادل 7600 باحثة عن عمل، و26% منهم من الذكور أي ما يقارب 2675 عاطلاً.
وتبلغ نسبة العاطلين من حاملي الشهادات الجامعية قرابة 55%.
وبعد ضغوط كبيرة لمعالجة مشكلة البطالة المتفاقمة أعلنت الحكومة البحرينية، في 25 فبراير 2019، عن مشروع وطني لتوظيف العاطلين.
أرقام حكومية غير دقيقة
ووفقاً لصحيفة "مرآة البحرين" المحلية "لا تكشف البحرين عن الأرقام الحقيقية للبطالة. وتثبّت الحكومة نسبة البطالة منذ سنوات عند نسبة 4.5%، على الرغم من آلاف الخريجين والعاطلين سنوياً، لكن منظمات دولية تقول إن البطالة في البحرين تفوق 15%".
نفس الصحيفة أفادت، في خبر لها نشرته صيف 2019، أن "آلافاً من العاطلين سينضمون إلى طابور البطالة في البلاد"؛ نتيجة إكمال "نحو 3 آلاف طالب دراستهم الجامعية".
وذكرت أن لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة في "بحرنة الوظائف" تعبر عن تخوّفها "من عدم استيعاب سوق العمل لهذا العدد من الخريجين؛ ما سيرفع نسبة البطالة بين البحرينيين".
وتقول الصحيفة: "إذا ما اعتمدنا فقط على الأرقام الحكومية فإن عدد العاطلين الجامعيين الذي يبلغ نحو 5600 عاطل من المرشح أن يزداد مع نهاية العام الدراسي".
وأشارت إلى أنه بإضافة نحو 3 آلاف طالب من جامعة البحرين، وألف على أقل تقدير من الجامعات المحلية الأخرى والدارسين في الخارج، فإن عدد الجامعيين العاطلين سيقترب من حاجز 10 آلاف جامعي.
بحرنة الوظائف
مع مرور عام على تبني الحكومة البحرينية توطين الوظائف، المعروف بـ"بحرنة الوظائف"، ما زال البحرينيون يشكون من البطالة ووجود الأجانب في وظائف بإمكانهم شغلها.
وتستمر الصحف المحلية تتناول مشاكل البطالة، ويستعرض الكتاب البحرينيون في مقالاتهم الحلول التي يرون أنها تتجسد في تطبيق حقيقي لبحرنة الوظائف، عادين الخطوات الحكومية في هذا الجانب لا تعدو كونها تصريحات إعلامية.
في مقال لها بصحيفة "أخبار الخليج"، حمل عنوان "بحرنة الوظائف والغموض!" تتطرق الكاتبة فوزية رشيد إلى مطالبة لجنة التحقيق البرلمانية ببحرنة الوظائف، وتستشف من تصريحات اللجنة أن "هناك هوةً واسعة بين التصريحات الرسمية في هذا المضمار وبين التطبيق!".
وتابعت: "بحسب تصريحات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية (...) فإن أكثر التخصصات الموجودة في قوائم الوزارة للباحثين عن عمل هم من المهندسين وخريجي تخصصات الحقوق وعلم الاجتماع وتقنية المعلومات! في الوقت الذي اتضح أن عدد الأجانب الموجودين في القطاعين العام والخاص يفوق الـ400 ألف عامل!".
واستطردت: "فإذا أضفنا إلى العاطلين تخصصات أخرى كالطب والتدريس (...) ندرك أن هناك هالة كثيفة من الغموض تلف موضوع البحرنة وبشكل غير مبرر!".
ولفتت الكاتبة البحرينية في مقالها النظر إلى أن "كثيرين من أصحاب التخصصات من البحرينيين يدفعون مبالغ طائلة لنيل الشهادات على تخصصاتهم ثم يعودون إلى الوطن ليبحثوا عن العمل فيجدون السراب!".
وتساءلت: "كيف يستقيم أن ينال المتخصص البحريني شهاداته بعد جهد جهيد ثم تحت حالة اليأس يقبل بوظيفة خارج تخصصه وبراتب زهيد؟!".
وزادت: "كيف يستقيم أن يكون الموظفون الأجانب في القطاع الحكومي يشغلون تخصصات في قطاع التعليم مثل اللغة العربية والإنجليزية وبالإمكان أن يشغلها بحرينيون؟!".
وشددت بالقول: "لا تهمنا التقارير الدولية التي تشيد بالبحرين كأفضل مكان للأجانب أو المقيمين أو.. إن كانت تأتي على حساب المواطن! ومن المفترض أن نلتفت إلى هذا المواطن الذي أصبح الأجنبي يزاحمه حتى في لقمة عيشه!".
وختمت مقالها بالقول: "على الجهات المسؤولة أن تفك الغموض الذي يحيط بهذا الملف، وأن تعالج موضوع البحرنة بشكل جاد وجذري، وكفانا تصريحات لا تغني من جوع!".
الوظائف ثكنات للأجانب
في الصحيفة نفسها، كان الكاتب إبراهيم الشيخ كتب مقالاً بعنوان: "2019 عام بحرنة الوظائف.. أمنية هل تتحقق؟"، قال فيه: إن "الجميع يعلم كيف يدير الأجنبي موقع العمل، ليحوله مع مرور الوقت إلى ثكنة عائلية قرائبية أو من نفس جنسيته حتى يحمي منصبه من أن يُمس".
وأضاف: "شركات وطنية فَصلت مواطنين بحرينيين تعسفياً، واستبدلتهم بعمالة أجنبية، مع أن الوظائف فنية بحتة، وبالإمكان ملء شواغرها بالشباب البحريني الذي ما زال يبحث عن مستقبله في وطنه!".
ويرى إبراهيم الشيخ أن "العملية بسيطة، تحتاج الى الإيمان بالبحريني وتقدير كفاءته والاهتمام بتطويره".
وواصل يقول: "لا أحد يعترض على توظيف الأجانب وإشراك خبراتهم وتجاربهم في بعض المواقع التي يقلّ أو يندر تواجد الخبرات البحرينية فيها، ولكن ما نشاهده من تمكين للأجنبي والإنفاق عليه ببذخ تحت غطاء قوانين غير موفقة أبداً تجاوز الحدود المعقولة".
بحرنة الوظائف جعجعة بلا طحين
ويتساءل الكاتب البحريني محمد محفوظ، في مقاله بصحيفة البلاد المحلية، قائلاً: "هل يسامحنا دعاة البحرنة إذا قلنا إنّ دعواتهم للبحرنة ليست سوى تصريحات استهلاكية ودغدغة لمشاعر المواطن لسبب بسيط هو أنها لم تترجم على أرض الواقع كإنجازات ملموسة؟"، في إشارة إلى ما تعلن عن الجهات الرسمية.
وأضاف محفوظ، في مقاله الذي حمل عنوان: "بحرنة الوظائف جعجعة بلا طحين"، قائلاً: "في كل يوم تصدمنا الحقائق بأنّ الأجانب لا يزالون يحتلون مواقع وظيفية كان الأجدر أن تكون لأبناء الوطن الذين يقبع الآلاف منهم على أرصفة البطالة، أما الأدهى والأشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند هو ما يتقاضونه من رواتب خيالية تستعصي على المنطق".
وتابع: "الذي يبعث على الأسى نسبة البحرنة بشركة (ألبا) كمثال، حيث انخفضت النسبة فيها مع زيادة الأجانب، وهذا أمر غير مبرر على الإطلاق، وهؤلاء يشغلون مختلف الوظائف حتى الأعمال الإدارية، ويتقاضون رواتب بلغ متوسطها أربعة آلاف دينار بحريني، ناهيك عن وظائف أخرى كالمراقبين والفنيين ومتوسط رواتبهم 1266 ديناراً".
واستطرد: "أما شركة طيران الخليج فإن عدد الأجانب العاملين بها يناهز 1120 موظفاً أجنبياً، وليس من مسوغ لإبقاء أكثر من 200 موظف بحريني بعقود مؤقتة، بينهم رؤساء ومدراء تنفيذيون ومشرفون".
وبين أن "أكاديمية الخليج كان متوسط رواتب الأجانب فيها يفوق 2000 دينار، أما شركة مطار البحرين فإن عدد الأجانب حسب التقرير ناهز 136 موظفاً أجنبياً، ومنهم من يشغل وظائف تنفيذية برواتب 700 دينار، ناهيك عن وظائف أخرى تخصصية فنية برواتب تفوق 1700 دينار".
وختم قائلاً: "بقي القول إن مسألة بحرنة الوظائف لا يجب التعامل إزاءها بوصفها قضية عابرة، فعدم اكتراث الوزراء بالبحرنة يجب مواجهته بجدية بالغة، وفي رأينا على النواب التنسيق بينهم لإنجاح المساءلة والخروج بقرارات فاعلة تعيد للعاطلين حقوقهم".