الخليج أونلاين-
مع زيادة الاضطرابات السياسية، وقمع السلطات، والتراجع الاقتصادي، وزيادة الفساد، باتت الهجرة أكثر القرارات التي يتخذها الشاب العربي، ومنهم في بعض دول مجلس التعاون الخليجي الثرية، إلا أنهم بين الأقل الساعيين للهجرة.
وبات الشباب العربي، ومنهم الخليجي ولكن بنسب أقل، يفكرون بالهجرة إلى بلاد أخرى بشكل جدي، وفقاً لما كشف عنه استطلاع الشباب العربي الذي أصدرته وكالة العلاقات العامة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "أصداء بي سي دبليو" بالتعاون مع شركة الأبحاث الدولية PSB.
وحسب الاستطلاع المنشور، الجمعة (9 أكتوبر الجاري)، فإن نحو 42٪ من الشباب العرب يفكرون بالهجرة إلى بلد آخر بشكل جدي، بينما قال 32٪ إنهم لا يفكرون بالهجرة من بلدهم، و25٪ قالوا إنهم لا يفكرون بالهجرة حالياً، ولكن توجد احتمالية القيام بذلك في المستقبل.
وأما الشباب في دول الخليج العربي فكانوا أقل ميلاً للهجرة بنسبة (13%)، حيث تتمثل الدوافع الرئيسية لهذه الرغبة في الأسباب الاقتصادية (24%)، والفساد (16%)، كما تعتبر فرص التعليم والتجارب الجديدة والأمن والأمان من الأسباب المهمة لذلك أيضاً.
وشمل الاستطلاع 4000 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً من 17 دولة عربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع توزع العينة بين الجنسين بنسبة 50:50.
وأجري البحث على مرحلتين؛ حيث أجري الاستطلاع الرئيسي بين 19 يناير و3 مارس 2020، قبل أن يصل تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد إلى المنطقة.
البحرين تصدرت قائمة شباب دول الخليج الذين يفكرون في الهجرة، حيث أظهر الاستطلاع أن 28% من العينة يفكرون في الهجرة، في حين جاءت الكويت في المرتبة الثانية بنسبة 18%، ثم سلطنة عُمان بنسبة 12، والسعودية 6%، ثم الإمارات بـ3%.
ورغم أن نسب الشباب الخليجي الذين يفكرون بالهجرة قليل ولكنها تدق ناقوس الخطر حول إمكانية زيادتها في السنوات القادمة، خاصة في ظل ارتفاع نسب البطالة بين العديد من الدول الخليج ومنها السعودية والبحرين.
ولم يأتِ في الاستطلاع ذكر الشباب القطري بين الأشخاص الذين يرغبون في الهجرة من بلادهم إلى الخارج، وهو ما يؤشر على مدى الرضا السياسي والاقتصادي في بلادهم، بحسب ما يؤكده محللون قطريون.
أسباب اقتصادية وسياسية
المستشار السابق في الحكومة السعودية والمعارض الموجود هو وعائلته في العاصمة البريطانية لندن، محمد القحطاني، يؤكد أن الأسباب وراء فكرة الشباب الخليجي للهجرة -خاصة في السعودية- تعود إلى الوضع الاقتصادي، والضرائب الجديدة التي لم يعرفها المواطن.
كما تعود الأسباب وراء تفكير الشباب الخليجي بالهجرة، وفق حديث القحطاني لـ"الخليج أونلاين"، إلى غلاء المعيشة في بعض دول مجلس التعاون، خاصة السعودية، التي لا يملك غالبية سكانها بيوت ملك لهم بل يعيشون بالإيجار، مع وقف بعض الخدمات عنهم من قبل الدولة.
ويعد الاقتصاد بشكل أساسي، كما يؤكد القحطاني، السبب الرئيس الذي يجعل الشباب يفكرون بالهجرة وترك بلادهم، ولكن ذلك يعتمد على الشهادات العلمية التي يمتلكونها وتوفر اللغة، وذلك حتى تتوفر لهم فرص عمل جيدة في الدول التي سيستقرون بها.
كذلك تأتي الهجرة السياسية، كما يرى القحطاني، من بين الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة للخارج وترك بلادهم، خاصة في حال كانوا يعانون من اضطهاد وقمع سياسي من قبل الحكام في أوطانهم.
ورغم كل الأسباب التي تدفع الشباب الخليجي إلى التفكير بالهجرة، يوضح المستشار السابق في الحكومة السعودية أن قرار الهجرة للشاب الخليجي ليس سهلاً؛ لكونه سيصطدم بعادات وتقاليد مختلفة تماماً عن التي نشأ عليه في بلاده، لذا يفكر هؤلاء أكثر من مرة قبل الاستقرار خارج بلادهم.
أسباب أخرى
بدوره يضع الاستشاري وخبير الإرشاد النفسي، الدكتور أحمد الحواجري، عدداً من الأسباب التي تجعل الشباب العربي ومنهم الخليجي يفكرةن بالهجرة؛ وأولها الارتباط بعوامل داخلية تابعة للشخص نفسه.
ووفق حديث الحواجري لـ"الخليج أونلاين" فمن الدوافع التي تجعل الشباب يفكرون بالهجرة في بلاد ثرية ومستقرة اقتصادياً كدول الخليج العوامل الأسرية التي قد تكون من ضمن الأسباب، إضافة إلى النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
ويلجأ الشباب إلى التفكير في الهجرة، حسب الحواجري، بهدف تقليد باقي المجتمعات، خاصة من هم في مرحلة المراهقة، والتي يكونون فيها غير مدركين لخطورة مغادرة أوطانهم، إضافة إلى وجود بعض التغيرات الاجتماعية الضاغطة التي لا تحقق للشباب ميولهم.
كما يرى الخبير النفسي أن بعض القيود المفروضة على الشباب قد تكون سبباً آخر بتفكيرهم في الهجرة، رغم استقرارهم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، إضافة إلى محاولة تقليدهم للأشخاص الموجودين في الخارج.
ويعد عدم السماح للشباب بالتعبير عن رأيهم، كما يؤكد الاستشاري وخبير الإرشاد النفسي، ومنع التواصل بين الجنسين، أو الحجر على سلوكهم، والقيود التي تمنعهم من تلبية احتياجاتهم، من الأسباب التي تدفع الشباب للتفكير في ترك أوطانهم.
ويوصي الحواجري بضرورة الحذر الشديد في التوجيه الأسري والمجتمعي، سواء في المدارس أو في غيرها، للشباب والأطفال، وضرورة إعطاء مساحة من الحرية المجتمعية للأبناء في التعبير عن رأيهم في أمان.
القمع في البحرين
وفي العودة إلى الأسباب التي جعلت شباب البحرين يتربعون على قائمة دول مجلس التعاون الخليجي في الهجرة نجد أن السجل الحقوقي في تلك الدولة سيئ السمعة، حيث سبق أن أكد منتدى البحرين لحقوق الإنسان تزايد الاعتقال التعسفي فيها.
وطال الاعتقال التعسفي، وفق تقرير نشره منتدى البحرين مؤخراً، 934 حالة، من بينهم أكثر من 140 طفلاً، فضلاً عن المداهمات والإخفاء القسري والأحكام المسيّسة.
كما سبق أن اعتبر تقرير "هيومان رايتس واتش" لعام 2019 أن المحاكم المدنية والعسكرية تواصل إدانة المعارضين السلميين وحبسهم في البحرين، ومن بينهم مدافعون بارزون عن حقوق الإنسان وزعماء معارضة؛ بدعوى حماية الأمن القومي.
وتواجه المنامة انتقادات دولية كبيرة بسبب ارتفاع وتيرة أحكام الإعدام خلال السنوات الماضية، وطالبت عدة منظمات بوقف هذه الأحكام وإلغاء العمل بالعقوبة التي قالت إنها باتت سلاحاً ضد المعارضين السياسيين، متهمة القضاء البحريني بتجاهل الأدلة التي تصب في مصلحة المتهمين.
وبالنظر إلى الاقتصاد البحريني فهو الآخر يعاني من تراجع حاد، حيث كشفت بيانات رسمية بحرينية عن انخفاض عجز الميزان التجاري للمملكة خلال الربع الثاني من عام 2020 إلى 485 مليون دينار (1.29 مليار دولار).
وأظهر تقرير هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية البحرينية الحكومية، في يوليو الماضي، انخفاض العجز التجاري بنسبة 1.4% قياساً على أساس سنوي.
وسجَّل عجز الميزان التجاري (يمثل الفرق بين الصادرات والواردات) للبحرين 492 مليون دينار (1.31 مليار دولار) في الربع الثاني من عام 2019.
وكان عجز الميزان التجاري ارتفع بنسبة 17% خلال الربع الأول من عام 2020، إلى 1.16 مليار دولار، من 996.5 مليون دولار بالفترة المماثلة من العام الماضي.