الخليج أونلاين-
يعمل أكثر من مليوني يمني، بينهم مئات الأكاديميين وبمجال الصحة، في المملكة العربية السعودية، لكن مؤخراً أصبح كثير منهم مهددين بفقدان وظائفهم بعد قرارات قيل إن الحكومة السعودية أصدرتها بحقهم بعد الاستغناء عنهم، خصوصاً في المناطق الجنوبية للمملكة.
لم تؤكد السعودية أو تنفِ تلك المعلومات رسمياً، لكن الحكومة اليمنية كشفت مؤخراً عن إجراء الرئيس عبد ربه منصور هادي اتصالات مع القيادة السعودية من أجل "معالجة التحديات" التي تواجه العمالة اليمنية في المملكة.
وإلى جانب ذلك دعت الحكومة اليمنية السلطات السعودية إلى معالجة أوضاع المغتربين اليمنيين في المملكة، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الرياض ستستجيب للمطالبات اليمنية، أم أن القرار سيمضي دون تراجع.
دعوات يمنية
في 22 أغسطس 2021، كشفت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عن إجراء الرئيس هادي اتصالات مع القيادة السعودية من أجل "معالجة التحديات" التي تواجه العمالة اليمنية في المملكة.
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء اليمني، قالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" إن الحكومة "ثمنت الجهود التي تبذلها القيادة السياسية ممثلة في رئيس اليمن عبد ربه منصور هادي واتصالاته مع الأشقاء في قيادة المملكة العربية السعودية التي كانت دوماً وأبداً وفي كل المحطات الصعبة مع اليمن وشعبها".
واستمعت الحكومة لـ"إحاطة عن أوضاع المغتربين اليمنيين والجهود المبذولة للارتقاء بوضعهم ومعالجة التحديات التي تواجههم بالتنسيق مع الأشقاء في السعودية"، حيث دعت السلطات السعودية إلى معالجة أوضاع المغتربين اليمنيين في المملكة.
وأعرب المجلس "عن ثقته في تجاوب الأشقاء بالمملكة مع هذه الجهود انطلاقاً من العلاقات التاريخية ووشائج القربى والأخوة المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، والمصير المشترك الذي يجمعهما".
وناقشت الحكومة اليمنية "تلك التحديات وتداعياتها المحتملة على الأصعدة كافة؛ لما لهذه الشريحة المهمة من دور حيوي في خدمة الاقتصاد الوطني، بالإضافة للدور المعول عليه في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية، وتجاوز الآثار المدمرة التي خلفها الانقلاب الحوثي".
ومنتصف الشهر ذاته، أكد وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك، خلال لقائه في الرياض بنظيره السعودي فيصل بن فرحان، "ضرورة العمل كذلك على حل مشاكل المغتربين وتذليل الصعاب التي يواجهونها لما يشكلونه من أهمية كرافد اقتصادي حيوي لليمن ومساهمتهم في إعالة عوائلهم داخل اليمن خاصة في ظل الظروف الراهنة".
استغناء.. وتراجع جزئي
وكان مسؤولون يمنيون ووسائل إعلام يمنية كشفوا عن إنهاء السعودية عقود عمل جميع المغتربين اليمنيين العاملين جنوبي المملكة، دون معرفة أسباب هذا القرار.
وفي تغريدة له، دعا مستشار وزارة الإعلام اليمنية، مختار الرحبي، "الجهات الرسمية اليمنية إلى التحرك لدى الأشقاء في السعودية لمعرفة دوافع إقرار إنهاء عقود كل اليمنيين في المناطق الجنوبية بالمملكة، وإيجاد حلول عاجلة لدى الجانبين".
وأضاف: "هذا القرار كارثة حقيقية على اليمنيين في الداخل، والمغتربين في السعودية".
ووفق إعلام يمني بدأت السعودية مؤخراً حملة لإنهاء عقود العديد من المغتربين اليمنيين العاملين بالجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة جنوبي المملكة، بينهم 106 أساتذة في جامعة نجران.
وأطلق ناشطون يمنيون منذ أيام حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمطالبة السلطات السعودية بعدم الاستغناء عن العمال اليمنيين نتيجة الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلادهم.
وعقب الضجة الكبيرة، أعلن نائب وزير المغتربين اليمنيين، د. محمد العديل، في 21 أغسطس، عودة أعضاء هيئة التدريس اليمنيين في جامعات جنوب المملكة العربية السعودية إلى أعمالهم، دون مزيد من التفاصيل.
لا تراجع كبير
يعتقد الناشط اليمني محمد السامعي، أن قرار الاستغناء عن العاملين اليمنيين في المملكة "حق تمارسه حكومتها بحسب مرئياتها أو أي حكومة في العالم"، إلا أنه في الوقت ذاته يعتبر القرار في الوقت الحالي "غير منطقي ويضر باليمنيين والسعوديين في ذات الأثناء".
ويرى أن القرار السعودي ليس واضحاً حتى الآن، خصوصاً أنه ليس هناك أي توجيهات واضحة، إضافة إلى الصمت السعودي إزاء كل الأنباء المتواردة.
ويضيف، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "هذه الخطوة تكلف اليمن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويصيب المغتربين أولاً وأهلهم في الداخل، كما يغذي الحوثيين الذين سيستغلونه في تربية الضغائن ضد المملكة"، في إشارة إلى التصريحات الأخيرة للجماعة، التي بدأت بالتصعيد ضد السعودية.
ويرى أن السعودية لن تتراجع بشكل كبير عن هذا القرار، باستثناء بعض الحالات، مشيراً إلى أن الأمر "قد يتعلق بحسابات سياسية لا أحد يعلمها".
تواصل حكومي
أما الصحفي اليمني خليل مثنى العُمري فقد أشار إلى الجهود الحكومية اليمنية من خلال تواصل الرئيس والحكومة المباشر مع الجهات السعودية العليا من أجل "وقف الإجراءات التي تمس المغتربين اليمنيين بشكل مباشر".
ويشارك "العُمري" ما طرحه "السامعي" من أن تداعيات القرار ستكون "على المستويين السياسي والاقتصادي على اليمن"، مضيفاً لـ"الخليج أونلاين" أن "اليمن يعيش أسوأ كارثة، وعودة آلاف المغتربين الى الداخل يعني خروج مئات الآلاف إلى رصيف المجاعة".
ويضيف: "بالنسبة للتداعيات السياسية فهذه تمثل طعنة لآمال اليمنيين وثقتهم بالحكومة الشرعية المقيمة بالرياض، وتعمل على منح الحوثيين مبرراً آخر للتحشيد في الحرب".
ولا يختلف العُمري عن رأي سابقه في أن الإجراءات السعودية "ماضية في طريقها، وأنه لا بوادر لدى السلطات السعودية للتراجع عن القرار، رغم التحرك اليمني والتواصل مع الجهات الرسمية العليا بالمملكة".
مآلات وعواقب
يقدر عدد اليمنيين المغتربين في السعودية بأكثر من مليوني شخص، أي قرابة 8% من إجمالي تعداد سكان اليمن، وتشكّل العمالة اليمنية في المملكة عصب الاقتصاد اليمني خلال الحرب.
ووفقاً لبعض التقديرات فإن كل مغترب يمني بالخارج يعول نحو خمس أسر في الداخل اليمني، وهو ما دفع محللين اقتصاديين إلى التحذير من "كارثة اقتصادية" ستُلْحِق بالوضع المعيشي المتأزم حالياً في اليمن "عواقب وخيمة".
وتعتبر التحويلات أيضاً مصدراً مهماً للعملة الأجنبية لليمن الذي تواجه حكومته صعوبات لدفع رواتب العاملين في القطاع العام.
وتعد الجالية اليمنية في السعودية الأكبر على مستوى المغتربين اليمنيين في العالم، حيث تقدر قيمة تحويلاتهم مع مواطنيهم المغتربين في بقية الدول بـ8 مليارات دولار سنوياً.