أشرف كمال - الخليج أونلاين-
في خضم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مملكة البحرين، والتي انعكست سلباً على قضية البطالة، رفض مجلس الشورى البحريني مشروع قانون كان ينص على حصر بعض الوظائف في المواطنين دون غيرهم، وهو ما أحدث سجالاً داخل أورقة المجلس.
وعلى عكس المعمول به في دول الخليج من سعي مستمر لتوطين العديد من القطاعات خفضاً لمعدلات البطالة وتقليلاً للاعتماد على العمالة الوافدة، رفض البرلمان البحريني قانون توطين بعض الوظائف.
ويوم الأربعاء 10 نوفمبر 2021، وقعت مشادات بين عدد من النواب على خلفية رفض مشروع القانون، حيث وصف بعضهم المجلس بأنه "مقبرة للتشريعات".
رفض القانون
بحسب ما نقلته صحيفة "الأيام" المحلية، الاثنين 8 نوفمبر 2021، فقد رفض المجلس مشروع القانون لأن التجربة أثبتت عدم جدوى التوطين خلال السنوات السابقة.
وقال المجلس إن مشروع القانون لا يتماشى مع "رؤية البحرين-2030".
وبيّنت لجنة الخدمات بمجلس الشورى، والتي رفضت مشروع القانون، أن من الأفضل الابتعاد عن وضع مزيد من الضوابط التي يتطلب تغييرها إجراءات بيروقراطية، وتستلزم تغيير التشريعات واللوائح المتعلقة بها.
وأوضحت اللجنة أن مشروع القانون يفرض قيوداً على اختصاص هيئة تنظيم سوق العمل في وضع الخطة الوطنية بشأن سوق العمل.
وأشارت إلى أن الإجراءات التي اتخذتها هيئة تنظيم سوق العمل أثبتت نجاحاً خلال الفترة الماضية في رفع كفاءة وتنافسية المواطن البحريني.
ويوم الجمعة 5 نوفمبر 2021، نقلت صحيفة "الوطن" المحلية، عن هيئة تنظيم سوق العمل في البحرين قولها إن الفكرة غير قابلة للتطبيق؛ لأنها أدت في السابق إلى حدوث تشوهات في سوق العمل.
وفي 2019، وافق المجلس على توطين بعض الوظائف سيراً على خُطا دول خليجية أخرى. لكن هيئة تنظيم سوق العمل قالت إن مشروع القانون الأخير يتعارض مع توجهات الدولة الرامية لجعل المواطن هو الخيار الأمثل للتوظيف بدعم حكومي.
وقالت الهيئة إن دعم رواتب البحرينيين من خلال صندوق "تمكين" ساعد في تراجع نسبة البطالة من 17% إلى 3.8%.
ونقلت "الأيام" عن البرلماني علي العرادي أنه لا يختلف مع هدف القانون في معالجة البطالة، غير أن بحرنة بعض الوظائف ليست حلاً.
وقال العرادي (8 نوفمبر 2021)، إن حل أزمة البطالة يكمن في إصلاح سوق العمل ودعم تمكين المواطن عبر تدريبه وتأهيله ليصبح الخيار الأمثل للتوظيف.
وقالت النائبة ابتسام الدلال، إن البحرنة وإن كانت خياراً وطنياً فإن المواطن دون تأهيل لن يكون خياراً مناسباً في قطاعات مهمة مثل الصحة والتمريض.
سجال نيابي
صحيفة "أخبار الخليج" المحلية قالت، الأربعاء 10 نوفمبر 2021، إن النائب هشام العشيري وصف المجلس بأنه" مقبرة التشريعات".
وقال العشيري إن المجلس قدم عدة اقتراحات من أجل دعم الصفوف الأمامية والطواقم الطبية، ومنحهم حق الوظيفة، مضيفاً: "لكن للأسف هناك مجلس آخر هو مقبرة لكافة المقترحات والتشريعات".
وتابع: "للأسف عقلية رجال الأعمال التي تسود بعض الأفراد ترفض أن يكون البحريني أولاً، وتشعر البحريني بعقدة النقص (..) أتمنى من أعضاء مجلس الشورى مراجعة القرارات التي تقف ضد المواطنين وتؤكد أن هناك فئة لا تتمنى أن يحصل المواطن على حقوقه".
من جهته قال النائب محمود البحراني إن هناك حالة من الأجواء السلبية والإحباط العام بين المواطنين؛ بسبب رفض مجلس الشورى مقترح حصر وظائف معينة على المواطنين البحرينيين.
وقال إن مجلس الشورى دائماً ما يتبنى الرؤية الحكومية بعيداً عن تطلعات المواطن البحريني.
أزمة البطالة
وسبق أن أكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، عبد القادر الشهابي، أن أكثر من 14699 عاطلاً عن العمل سجلوا بياناتهم في البرنامج الوطني لتسجيل العاطلين الذي أطلقه الاتحاد.
وبلغت نسبة البطالة، وفق حديث الشهابي خلال مؤتمر صحفي، في ديسمبر الماضي، 10%، يشغل الشباب منها ما نسبته 84%، ثلثاهم من الإناث بنسبة 63%، فيما بلغت نسبة الذكور 37%.
كما بيّنت النتائج أنه لا توازن جغرافي للبطالة في البحرين، حيث بلغت نسبة العاطلين في المحافظة الشمالية 56%، وأن العدد الأكبر من العاطلين في البحرين يتركز في مدينة حمد، فيما بلغت النسبة 23% في العاصمة، و12% في المحرق، و9% في الجنوبية، وربط الأمين العام بين هذه النسبة ومستويات الكثافة السكانية في المحافظات.
وأظهرت النتائج أن أغلبية المسجلين لم يسبق لهم العمل بنسبة 53%؛ ما يعني أنه لا فرص حقيقية للعاطلين، لا من حيث الكم ولا من حيث النوع، كما أظهرت عدم تطابق أعداد العاطلين ومن يتسلمون بدل التعطّل.
خطة حكومية تصطدم بالبرلمان
أقرت الحكومة هذا الشهر خطة للتعافي الاقتصادي، كان في مقدمة أولوياتها خلق فرص عمل وجعل المواطن خياراً أولاً في سوق العمل، ووضعت هدفاً يتمثل في توظيف 20 ألف بحريني، وتدريب 10 آلاف سنوياً حتى 2024.
ويرى الكاتب البحريني محمد عيسى الكويتي أن الحكومة تواجه عدداً من التحديات لتحقيق هذه الأهداف، خصوصاً مع رفض مجلس الشورى وهيئة تنظيم سوق العمل بحرنة بعض الوظائف.
وفي مقال في صحيفة "أخبار الخليج"، 10 نوفمبر 2021، قال الكويتي إن على الحكومة أن تستبدل البحرنة عبر توفير فرص تدريب وتطوير أكثر للمواطن، بحيث يصبح خياراً أمثل. كما لفت إلى ضرورة التركيز على مشروعات تكنولوجية كبرى يمكنها احتواء المواطنين.
وأشار الكاتب إلى أن "بحرنة بعض الوظائف لن تحل المشكلة؛ لأن ثمة قطاعات لا يرغب المواطن بها مهما بلغ الدعم الحكومي لها، ومن ثم فإن تركيز الحكومة على إقامة مشروعات كبرى بالتعاون مع الخاص لاحتواء المواطنين المؤهلين سيكون خياراً أفضل".
وزير العمل البحريني جميل حميدان قال أمام مجلس الشورى، 8 نوفمبر 2021، إن الحكومة تدعم توظيف المواطنين عبر دفع 70% من راتبه خلال السنة الأولى من توظيفه، و50% في السنة الثانية، و30% في الثالثة.
وأضاف حميدان: "نحن نتجه نحو خلق وتنويع فرص العمل، ولا يغيب عنا تشجيع القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين الذين يوفرون البيئة الصالحة لخلق فرص العمل".
وكان النائب الثاني لرئيس مجلس النواب البحريني علي زايد أوصى، في أغسطس الماضي، بالعمل على حل مشكلة البطالة، وقال إن بعض المواطنين ينتظر الوظيفة لـ10 سنوات.
وقدم عدد من نواب البرلمان أفكاراً ومقترحات لحلحلة أزمة التوظيف؛ من بينها إنشاء مصانع وشركات للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني وتوظيف الشباب.
وقال مجلس النواب إن مشكلة البطالة باتت الهم الأول للمجتمع البحريني؛ حيث لا يوجد بيت بحريني إلا وفيه عاطل أو عاطلة عن العمل ينتظرون الحصول على وظيفة، سواء في القطاعين العام أو الخاص.
وحذر النواب من أن تفاقم البطالة يؤدي إلى انعكاسات سلبية على المجتمع، وقالوا إن الاعتماد على معارض التوظيف وتدريب وتأهيل الباحثين عن العمل ليس حلاً كافياً في ظل تزايد الخريجين والباحثين عن العمل بشكل مستمر.
كما أوصى النواب بإيجاد حلول تشريعية تلزم بتوظيف البحريني كخيار أول.
وكان الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبد القادر الشهابي، قد طرح رؤية لخفض معدل البطالة؛ وتتمثل بعدة خطوات أبرزها تعزيز "بحرنة" الوظائف في القطاعين العام والخاص.
وشملت رؤية الشهابي إحلال عمالة بحرينية في 20 ألف وظيفة من مجموع 40 ألفاً يفوق أجرها 700 دينار (1856 دولاراً)، وتشغلها حالياً عمالة وافدة.