هاشم عبده هاشم- الرياض السعودية-
أما المشكلة الثالثة التي تتسبب في البطالة ومحدودية فرص العمل.. وقامت هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة من أجل معالجتها.. فإنها تتمثل في عنصر العمل المحلي (الوطني(!).
هذه المشكلة – من وجهة نظري - هي أقل المشكلات تعقيداً مقارنة بالمشكلتين السابقتين اللتين تحدثت عنهما يوم أمس وأمس الأول في هذه الزاوية وهما : سوء مخرجات التعليم، وهشاشة سوق العمل وضعفها، وتردد رأس المال الوطني ومحدودية مساهمته في رفع نسبة الناتج الوطني في الدخل العام للدولة.
هي الأقل تعقيداً؛ لأنها ناتج طبيعي للمشكلتين السابقتين.. فإذا نحن صححنا مسار التعليم، وإذا نحن وسعنا نطاق سوق العمل وحركناه بقوة.. فإن ملايين الفرص الوظيفية ستتوفر في الوقت الذي ستكون فيه مخرجات التعليم قد تغيرت وأصبحت ثقافة وسلوكيات العامل أفضل مما هي عليه الآن.. وتكون الأنظمة والتشريعات الحاكمة نافذة، وقابلة للتطبيق ومحترمة من قبل المستثمر المحلي أو المستثمر القادم من الخارج..
لذلك أقول..
إن الإسراع في إيجاد الهيئة العليا المتفرغة كلية لهذه المهمة خلال مدى زمني محدد كفيل بأن يحدث التغيير الإيجابي الكبير والملموس.. والمهم الآن هو أن نبدأ الخطوة الأولى تفعيلاً لدور الهيئة الجديدة التي كانت أحد منتجات المجلس الاقتصادي والتنمية المباركة حقيقة..
ولا حاجة بنا هنا إلى الحديث عن عيوب ومثالب عنصر العمل الوطني.. وإنما نحن بحاجة إلى تهيئة بيئة العمل الصالحة والمدعومة بالحس الوطني الذي يتوجب عليه أن يضع يده – بصورة أفضل – في يد الدولة لإصلاح حال سوق العمل.. أولاً، وتصحيح أوضاعه.. ووضع الوطن في مقدمة الأولويات.. وإعادة بنائه على أسس صحيحة وذلك لا يتم إلا بحوارات.. ولقاءات صادقة.. وشفافة.. ومسؤولة بين من يرسمون مستقبل البلد في المجالات الاقتصادية والتنموية، وبين المستثمرين من المواطنين، وأن تكون هناك رغبة حقيقية في وضع اليد على الأخطاء والمعوقات.. مقابل توفر الإرادة القوية على إصلاحها وإن احتاج ذلك إلى اتخاذ خطوات وإجراءات صعبة وقد تكون مؤلمة تقتضيها مصلحة الوطن وتوجبها المسؤولية على الدولة والمستثمر على حد سواء..
فإذا تحقق هذا..
فإن أبناء البلد المؤهلين، والأكفاء، والمخلصين سيكونون خير معين على الانخراط في عملية البناء.. والمشاركة في التنمية الشاملة والمستدامة والمتوازنة.. ولن يصبح هناك عاطل واحد.. ولن يكون هناك إنسان يصنف بين قائمة محدودي الدخل أو الفقراء لأن في هذه البلاد الخير كل الخير.. وما ينقصها هو أن نغير قناعاتنا، وسياساتنا، ومواقفنا، ومناهجنا.. وبعض ممارساتنا التي وضعت بلادنا في غير مكانها الطبيعي من هذا العالم.. جاء الوقت الذي نُصلح الحال.
ضمير مستتر :
إيمان الشعوب بأوطانها يصحح مساراتها الخاطئة في بعض لحظات التاريخ الفارقة..