رملة عبد الحميد- الوسط البحرينية-
لا أدري لمَ الحديث عن العنف ضد المرأة يقتصر دائما على العنف الجسدي من ضرب واغتصاب دون غيرهما، هو مهم وضروري لعالم يمتاز بالوحشية والقسوة، لكن ذلك لا يدعنا أن نركز الحديث عليه دون العروج إلى الحديث عن عنف السياسات الممنهجة، والتي تجعل المرأة تشعر بالضعف والعوز وهو ليس خيارها، وتجعل جهدها الدراسي وشهاداتها في مهب الريح، وتعيش حالة من القهر وخاصة إذا كانت البلد في حاجة وتستدعي غيرها من بقاع الأرض وأصقاعها! فيا أيتها المتصديات للدفاع والقضاء على العنف ضد المرأة، أليس هذا عنفا يمارس ضد المرأة البحرينية التي تنتظر وظيفة؟
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1999 القرار (54/134) بعد مطالبات نسوية، وذلك باعتبار 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث دعت الأمم المتحدة الحكومات، والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، إلى تنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس بشأن مدى حجم المشكلة في هذه الاحتفالية الدولية.
العنف هو شر الإنسان وراسب من رواسب الانتقام، وسلوك بشري ينافي المدنية والتحضر والإنسانية. وسيادة هذا المنهج هو ناتج لقوة يمتلكها إنسان دون آخر، فيحيلها إلى تجبر وسيطرة من خلال العنف القسري الممارس ضد الأضعف. يجانب الحقيقة من يقصر العنف على الجانب المادي؛ فالظلم عنف، والتمييز عنف، ووضع عراقيل لعدم العمل عنف آخر، يموت فيه الانسان ألف مرة، فما بالك إذا كانت امرأة!
اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة نراه يوماً مناسباً للحديث عن معاناة المرأة البحرينية العاطلة من العمل. لسنا نبالغ، ولسنا دعاة تأزيم، ولكن ما نراه، وما نسمعه، يدعونا لنكتب، فكم يصعب علينا أن تقول بحرينية «عمري 40 ومازلت عاطلة وأنا خريجة جامعية»، كانت بالأمس القائمة المعروفة بقائمة (1912) وأغلبها نساء، والتي كتب لها الخلاص في عام 2009، ولكن بعد 5 أعوام من العمل في الحكومة، قررت وزارة العمل وسائر وزارات الدولة التي احتضنت موظفي القائمة التخلص منهم وإلقاء غالبيتهم في ساحة البطالة.
في منتصف هذا الشهر نشرت صحيفة «الوسط» على لسان الحكومة بأنها وظفت 1329 عاطلاً جامعياً من القائمة 1912، لكن لا يزال آخرون عالقين في البطالة، إذ علقت إحداهن على ما نشر بقولها «أنا جامعية، ومن ضمن القائمة 1912، انني العائل الوحيد لأسرتي كوني منفصلة ولدي طفل واحد، ولا أعمل، والدخل الوحيد لي من وزاره التنمية، وإيجار المنزل وظروف الحياة الصعبة وغلاء المعيشة، فأنا بنت البلد وجامعية، فمن حقي أن أعمل». نعم، من حقها أن تعمل، ومن حق من كتبت «أنا احمل بكالوريوس بمؤهل تربوي منذ العام 2005، فلماذا هذا الاجحاف بحق المواطن، وزارة التربية والتعليم مكدسة بالأجانب؟»... لم لا تضمها وزارة التربية والتعليم، فلا تقول لا توجد شواغر، فمازالت تستقدم معلمات من الخارج! ولا تشد عنها «الصحة» و«الاشغال» و«الكهرباء» وغيرها، ومازالت قوائم العاطلات تزداد، ومازالت المرأة البحرينية تنتظر حقها الإنساني والدستوري في الحصول على وظيفة لائقة.
والمرأة التي تحتاج الى وظيفة وتمنع عنها، لها الكثير من النتائج المدمرة والقاسية عليها، فهو يؤدي إلى تأزّم حياتها، وعدم شعورها بالأمان والاستقرار النفسي، وينعكس بالتالي على وظائفها الاجتماعية والوطنية، والذي بالإمكان أن يفقدها القدرة على تربية أطفالها وتنشئتهم، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، حري بنا جميعا أن نساهم في إيقاف هذا العنف ضد المرأة البحرينية.