علي المطاعني- الشبيبة العمانية-
المئات من الجامعيين يتدفقون من منابع العلم و المعرفة، هذه الأيام إحتفالا بالتخرج من الجامعات و الكليات الحكومية و الخاصة، تراهم في مواكب مهيبة لحملة العلم في مختلف التخصصات العلوم التطبيقية و الانسانية، أحلامهم تتسابق لخدمة وطنهم في كافة الميادين، الابتسامات ترتسم على محياهم بعد سنوات قضوها في مقاعد الدراسة نهلوا فيها من رحيق الفكر و المعرفة ما يؤهلهم في لأداء دورهم في شتى المجالات.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا أعددنا لهؤلاء الخريجين من مؤسسات التعليم العالي الذين يتدفقون عاما بعد الآخرمن داخل السلطنة و خارجها،لكي يساهموا في خدمة وطنهم كل في مجال تخصصه ؟
هل قمنا بتعيئة أبنائنا لسوق العمل بطرق عدة لكي يكونوا قادرين على استيعاب المتغيرات في هذا السوق و ظروفه و كيفية إدارة الأعمال الحرة ؟
الأمر الذي يفرض علينا بجد التفكير في مستقبل هذه الكوادر التي تتدفق من دور العلم و المعرفة..
فبلاشك أن أعداد الخريجين و الخريجات تتزايد عاما بعد الآخر من الجامعات و الكليات يلوحون فرحين بشهاداتهم الجامعية في ختام الإحتفالات معلنين انتهاءهم من مرحلة مهمة من مراحل حياتهم العلمية ، ويبدون استعدادهم لمرحلة المشاركة في بناء وطنهم و أعداد أنفسهم لمرحلة عملية أخرى مفعمة بالتحدي، إلا أن المسؤولية تقتضي أن نعمل على تهيئة هؤلاء الخريجين و الخريجات لحياة عملية بكل صنوفها ، لما في ذلك من الاهمية لمواجهة التحديات و القدرة على التأقلم مع الواقع ، وهي مهمة لم نقم بها لإعداد طلابنا وهم في مقاعد الدراسة سواء كانوا في المدارس أو الجامعات.
هناك قصور واضح في التهيئة المهنية للطلاب لمراحل العمل بجانب تلقى صنوف العلم و المعرفة، فالإعداد المهني للخريجين لمواجهة لما ينتظر الخريجين و الخريجات لمرحلة بعد الدراسة شئيا مهما في هذه المرحلة لكي تواكب توجهات الحكومة في تعزيزريادة الأعمال و تشجيع المبادرات الحرة لدى الشباب، و خريجي الجامعات يجب أن يكونوا أهم الفئات الذين تشملهم هذه التهيئة و اكسابهم مهارات تساعدهم على سبر أغوار سوق العمل بشكل أكثر سهولة.
ان الخريجين و الخريجات اليوم يحلمون بالعمل في القطاع الحكومي و يفضلونه على غيره من فرص العمل، فالبرستيج أصبح هومن يوجه احلام الشباب في خدمة بلادهم، و ليس كما كان سابقا، بل إن هذا الفهم أصبح مسيطرا على عقليات الكثيرين من أبنائنا،وأصبح العمل في وزارة أو جهة حكومية هو حلم كل خريج نتيجة للعديد من المتغيرات التي تعصف بالعقليات ،لوجود قصور في العديد من الأمور منها تغير ثقافة العمل و تهئية الطلاب في مراحل الدراسة و اكسابهم كيفية إدارة العمل الحر، و النظرة إلى ماهية العمل في القطاع الخاص و التدرج في الوظيفة و المثابرة في التحصيل و الجد و الاجتهاد الغائبة عن اذهان الكثيرين من أبنائنا في مكابدة الظروف و التغلب عليها.
يحدث ذلك رغم كل الجهود المبذولة لتهيئة السبل أمام الشباب لممارسة العمل الحر والإعتماد على الذات ، وأمنا النتائج الكبيرة التي تحققت منذ قرارات ندوة سيح الشامخات ، وماتلاها من خطوات واسعة كان أهمها وجود كيان مهم مثل الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، وصندوق الرفد .
والجانب الآخر الذي لا يقل أهمية هو الفارق في المزايا بين القطاعين العام و الخاص ،والذي مازال كبيراً خاصة في المرتبات و ما يحتاج إلى تضييق من خلال خطوات عملية تسهم في قبول الخريجين على الانخرا ط في الشركات و المؤسسات من خلال تحسين ظروف العمل في القطاع الخاص،وتوعية الشباب بموجبات العمل في هذا القطاع خاصة زيادة الإنتاجية و احترام آليات العمل و الكفاءة و الربحية ، فمازالت الكثير من أبجديات العمل في الشركات غائبة عن أبنائنا بسبب عدم اطلاعهم على هذه الجوانب الحيوية التي يفترض أن تدرس في مدارسنا و كلياتنا كمواد أساسية لاكساب الطلاب مهارات تعينهم على العمل بالطبع هناك من يجد طريقه للعمل و المشاركة في البناء في البلاد سواء لتفوقه أو لقدراته التي تؤهله على الانخراط في العمل، و لكن يجب أن نعترف بأن الكثيرين يقبعون في المنازل في انتظار قطار الوظيفة الحكومية و موعد الامتحان و المقابلة في هذه الجهة أو تلك، بدون أن يحرك الخريج ساكنا إلى هذه اللحظة للأسف .
نامل ان نتحرك لاستيعاب هذه الموجات المتدفقة من الكليات و الجامعات في مواقع العمل، و نبدأ بمعالجة التكدس ، لنحرك تلك المخرجات نحومواقع العمل في البلاد، فالاعداد تتزايد عاما بعد الآخر و أرقام الباحثين عن عمل من حملة الشهادات الجامعية تزيد كل سنة بدون أن نحرك ساكنا يكسر الجمود في هذا الشأن.