الراي الكويتية-
فيما وصف الممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، أنها تنطوي على قدر كبير من التوحش، وتناقض كل تطلعات ساكني كوكبنا، حض رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم على تحويل الاتحاد البرلماني الدولي إلى سلطة أخلاقية، لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والإنذار والتجميد إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ الاتحاد، معتبراً أنه رغم تقدم الانسان ما زالت هناك بؤر تتجسد فيها كل البدائيات والغرائزيات والنزعات المتوحشة.
وقال الغانم في كلمته أمس أمام الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في مؤتمره الـ 137 في سان بطرسبورغ بروسيا الاتحادية «نحن نتفهم إيمان البعض ورغبته بعدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي إلى محكمة، لكنني ولتعذروني، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل هو تحولنا إلى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير».
وتساءل «أليس هناك طريق ثالث؟»، مشددا على أهمية أن يتحول الاتحاد إلى سلطة أخلاقية لها حق اتخاذ الإجراءات المختلفة إزاء كل برلمان لا يلتزم بالمبادئ التي نص عليها النظام الأساسي للاتحاد.
وضرب الغانم مثالا على الخروقات التي ترتكب بحق النظام الاساسي للاتحاد وميثاق الامم المتحدة بممارسات سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
وتطرق الغانم في كلمته إلى المأساة الإنسانية لمسلمي الروهينغا والتي وصفها بـ «الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر، لمجرد أنه مختلف عرقيا أو دينيا أو ثقافيا».
واستدرك الغانم قائلا «بالرغم من كل شيء فنحن مدينون بالشكر لاعضاء الاتحاد على الموقف الرائع الذي اتخذوه امس بالتصويت بشكل كاسح للبند الطارئ المتعلق بالروهينغا».
وحيا الغانم الجمعية العامة للاتحاد على اختيار موضوع التعددية الثقافية والسلام من خلال حوار الأديان والاعراق، موضوعا للمناقشة العامة في هذه الدورة، لاسيما وأن أهمية هذا الموضوع محل النقاش، وتزايدت في السنوات الأخيرة، خاصة مع صعود ظاهرتي الإرهاب والتعصب دينيا، والتطرف اليميني سياسيا، وهما ظاهرتان، شكلتا نكوصا وتراجعا في الوعي الإنساني العالمي، قياسا بما تحقق من نجاحات وتقدم مع نهايات القرن العشرين، مستدركاً أنه «برغم التقدم الذي احرزه الانسان خلال العقود الماضية، ما زالت هناك بؤر تتجسد فيها كل البدائيات والغرائزيات والنزعات المتوحشة».
واعتبر أن «آخر حلقات السقوط، تمثلت في الأزمة الإنسانية المروعة لأقلية الروهينغا في ميانمار، تلك الكارثة التي جسدت المثال الصارخ لرفض الآخر، لمجرد انه مختلف عرقيا او دينيا او ثقافيا. وبرغم النداءات والاستنكارات المتتالية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لا تزال تلك الأزمة تتصاعد والعالم يتفرج».
وقال الرئيس الغانم «اذا ما ذكرت كلمة (احتلال) على سبيل المثال، فما النموذج الذي سيتم استدعاؤه تلقائيا عند كل انسان يسكن هذا الكوكب؟ من الذي لا يزال يمارس هذه الكلمة القميئة القديمة عمليا؟ أنا متأكد بأن نقطة جغرافية واحدة هي التي سيتم التفكير بها لأول وهلة، انها فلسطين ليس غيرها، فلسطين الأرض العتيقة، فلسطين أرض الديانات والأنبياء، فلسطين، الجرح المفتوح، القاتل والمقتول. هناك تتجسد كلمة (احتلال)، ليس بوصفها مناقضة لكل مفاهيم التعددية الثقافية والدينية والعرقية، والذي هو محل نقاشنا اليوم، بل بوصفها إلغاء تاما ونهائيا للآخر من جذوره. اذا، نحن لا نتحدث عن كيان يمارس تفرقة وتمييزا عنصريا ودينيا فحسب، بل عن كيان يلغي هذا الآخر من الأساس، يعتبره بلا حق، ويرفض حتى الاعتراف بوجوده كحقيقة ديمغرافية».
وأضاف «تصف ورقتكم التعريفية التي وزعت قبل أشهر والمتعلقة بنقاشنا اليوم، برلمانيي العالم بأنهم (حراس السلام)، وانا أتساءل هنا، كيف لحارس أن يمارس مهامه، وهو مجرد من سلاحه، بل ومن قدرته حتى على تسجيل مخالفة إزاء أي خرق؟ هنا يتحول الحارس الى متفرج، وبالتبعية الى متواطئ بالصمت، وشاهد زور، وهذا ما لا نريده لاتحادكم الموقر»، مشيراً إلى «تفهم ايمان البعض ورغبته بعدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي الى محكمة، لكنني، ولتعذروني، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل، هو تحولنا الى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير».
وتساءل الغانم «أليس هناك طريق آخر؟ أن يتحول كياننا مثلا، الى سلطة أخلاقية، لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والانذار والتجميد، إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ اتحادنا. أين نحن من كل تلك الاجراءات، التي تشكل ضغطا حقيقيا على كل من يتجرأ على خرق الاجماع العالمي؟ وعندما أقول الاجماع العالمي، فأنا أتحدث عما اتفقنا عليه جميعنا منذ عام 1945، أتحدث عن ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف الحقوقية، ومواثيق القانون الدولى، وأخيرا مبادئ نظامنا الأساسي في الاتحاد البرلماني الدولي».
وقال «نحن لا نطالب باجراءات انفعالية بل نطالب بممارسة سلطتنا الأخلاقية، إزاء ملف صارخ وواضح وقديم ومزمن، اتفقت كل قرارات الشرعية الدولية على انها تمثل انتهاكا واضحا لمبادئها الإنسانية الجامعة. أن تحتل اراضي ليست لك وتمارس الاستيطان في مدن وقرى مملوكة لغيرك، وان تمارس القتل والاغتصاب ضد شعب أعزل طيلة 70 عاما، وان تمنع أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم في مقدساتهم، هذه ليست قضايا ملتبسة ومحل خلاف، بل هي ممارسات شديدة الوضوح، وتنطوي على قدر كبير من التوحش، وتناقض كل ما يدعو إليه الإنسان المتطلع الى السكن في كوكب، يسوده العدل والكرامة الإنسانية. أتحدث عن كيان، يقوم في عصر الفضاءات المفتوحة، ببناء جدار عازل، جدار عال من الاسمنت والخرسانة أي جنون هذا؟ هل يوجد عاقل أو سوي في العالم الان، يفكر ببناء الأسوار والقلاع والحصون؟ في أي عصر يعيش هذا الكيان؟».
وقال «بدلاً من انصياع إسرائيل لهذا القرار قام الكنيست، الذي هو عضو بيننا الآن، في السادس من فبراير هذا العام بالمصادقة على قانون تنظيم الاستيطان، والذي يشرعن وبأثر رجعي بناء ما يقارب 4 آلاف مسكن استيطاني في 16 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية. اذا لم يكن هذا هو العبث، والاستهتار، والتجاهل المطلق لقرارات الشرعية الدولية فكيف يكون شكل العبث اذاً؟».
وجدد الغانم «الدعوة دون كلل او ملل، الى ضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي، وإلى تفعيل سلطة اتحادنا ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة الى الحرية والكرامة والعدل لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته وتحافظ على مبادئه».
والتقى رئيس مجلس الامة أمس نائب رئيس مجلس النواب اليمني محمد الشدادي، على هامش اعمال المؤتمر الاتحاد. كما التقى الغانم رئيس البرلمان التنزاني جوب يوستينو ندوغاي، ورئيس مجلس الشعب المالديفي عبد الله محمد.
وحضر اللقاءات وكيل الشعبة البرلمانية النائب راكان النصف وامين سر الشعبة النائب الدكتور عودة الرويعي، وعضوا الشعبة النائبان يوسف الفضالة وعمر الطبطبائي، والنائبان محمد الدلال وصفاء الهاشم، وسفير دولة الكويت لدى روسيا عبدالعزيز العدواني.