أليف عبدالله أوغلو - الخليج أونلاين
من جديد تجتمع دول الجامعة العربية في تونس، يوم الأحد (31 مارس الجاري)، لتعقد قمتها الـ30 التي وصفها محللون سياسيون بأنها "اجتماع بروتوكولي" و"قمة عابرة"، عقب سنوات من الفشل والقرارات والتوصيات التي لم تطبق على أرض الواقع.
وفشلت القمم التي عقدت عاماً بعد آخر في التصدي لتحديات الشرق الأوسط، أو حتى في التوصّل إلى نقطة التقاء بين البلدان التي فرقتها الأزمات، مثل الأزمة الخليجية.
وكانت القمة الـ29 قد عقدت في مدينة الظهران شرقي السعودية، في شهر أبريل من العام 2018.
وأعادت القمة الجديدة وضع العديد من القضايا التي لطالما نوقشت دون أن يتغير أي شيء فيها، وفي جدول أعمالها نحو 20 مشروعاً وملفاً؛ على رأسها القضية الفلسطينية، وأزمة سوريا، والوضع في ليبيا واليمن، ودعم السلام والتنمية بالسودان، والتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، والجزر الإماراتية الثلاث، ودعم الصومال.
ومن الممكن أيضاً التطرق إلى ملف هضبة الجولان المحتلة، التي أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تبعيتها لسيادة "إسرائيل"، وفق ما بين المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، السفير محمود عفيفي.
وبدأ، اليوم الثلاثاء، اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي برئاسة تونس، خلفاً للسعودية، كما يعقد غداً الأربعاء، اجتماع المندوبين الدائمين للدول العربية.
وسيُعقد اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، يوم الخميس (28 مارس)، ثم اجتماع وزراء الخارجية، الجمعة (29 مارس).
وقال محللون سياسيون إن هذه القمة لن تأتي بشيء جديد على الساحة العربية؛ فهم يرون أن تاريخ فشلها يجعل من السهل التنبؤ بمخرجاتها قبل عقدها.
اجتماع بروتوكولي
وبين المحلل العُماني، عوض باقوير، أن القمة تأتي في ظل وضع عربي في غاية الصعوبة، وقال: إن "هناك تآكلاً في التعاون العربي، وإن الجامعة وضعها صعب في ظل قرارات الرئيس الأمريكي حول الجولان"، مؤكداً أن الاجتماع الجديد لدول الجامعة ما هو إلا "اجتماع بروتوكولي".
ويرى المحلل العُماني في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن الجامعة العربية "عليها علامة استفهام كبيرة؛ فهي شبه ميتة".
وتطرق إلى ذكر مثال على أزمات لم تنجح الجامعة في حلها، مثل الأزمة الخليجية، وقال: "إذا لم يتم إنهاء تلك الأزمة من خلال مواجهة صريحة وحوار واضح فالخطر يهدد الوطن العربي".
واندلعت أزمة الخليج في يونيو من العام 2017، بحصار دولة قطر من أربع دول (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر)؛ بحجة دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة جملة وتفصيلاً وتعتبره تحكماً في سيادتها.
وقال باقوير: إن "الأزمة الخليجية لم تستطع الدول الكبرى إنهاءها، وهي أشبه بالأزمة القبلية بين الأنظمة الوراثية، ولا أحد يعرف ما سبب الخلاف الأساسي، وهناك تطلعات منافسة شديدة على النفوذ"، منوهاً بعدم تطرق الجامعة لحلها.
قمة عابرة متدنية التمثيل
وتفتقد القمة لأهميتها، إذ إن عدداً كبيراً من القادة العرب لن يحضروها، ومنهم العاهل السعودي ورؤساء كل من الإمارات وعُمان والجزائر وغيرهم، وفق ما يرى المحلل القطري محمد المسفر.
وقال المسفر لـ"الخليج أونلاين": إن "الدول الفاعلة في الوطن العربي لن تكون فاعلة بالقمة؛ لأنها أسيرة مواقفها وظروفها، ولا يوجد في المنطقة العربية إلا دولتان أو ثلاث دول ليست فيها إشكالات".
وبين المسفر أن "هذه القمة ستكون ككل القمم العابرة، وسيكون التمثيل فيها من الدرجة الدُّنيا، ولن يكون هناك تمثيل عالٍ إلا من بعض الدول".
وعقب سنوات من الفشل الذريع في العديد من الملفات الشائكة طُرح الكثير من المبادرات من دول أعضاء في الجامعة العربية لإصلاحها، إلا أنها قوبلت بالرفض والتهميش.
وحول إصلاح الجامعة قال المسفر: إن "كلاً من قطر والكويت والجزائر تقدموا بمشاريع لإصلاحها ولكن لم يُستجب لها؛ لأن الدول التي تعتبر نفسها فاعلة لا ترغب بتغيير نمطها".
وشدد المحلل القطري على أن "هذه الجامعة لا يوجد لها أي فعالية على أرض الواقع بالوقت الراهن، كما كان في الخمسينيات والستينيات، وهي لا تساعد بأي قرار جماعي؛ لا من أجل القدس ولا بشأن الجولان التي ستنتزع بقرار من الولايات المتحدة".
وأشار إلى الحصار المفروض على قطر، والذي لم تتحرك الجامعة العربية من أجله، كما تطرق إلى الحروب والصراعات في كل من ليبيا واليمن، التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين.
خلافات حادة
العديد من الخلافات أثيرت داخل الجامعة أبرزها كانت حول الملفين العراقي والفلسطيني، والضغوط الأمريكية من أجل الإصلاح والديمقراطية، كما طرحت تساؤلات عدة حول مدى جدّية الحكومات العربية في إصلاح الجامعة العربية.
وحول قضية فلسطين، التي لا تزال محطّ اهتمام الجامعة منذ تأسيسها، لم تفلح الجهود المبذولة من أجل توحيد الصف العربي دفاعاً عنها للحيلولة دون قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو دون تمكينها من المضيّ في تحقيق أطماعها على حساب الحقوق العربية.
وفي غزو أمريكا للعراق، الذي دمّره وأثار الحروب الطائفية فيه، وقفت الجامعة مكتوفة الأيدي أمام القرار الأمريكي بغزوه، مستندةً إلى أن العراق يمتلك أسلحة نووية، وهو ما ثبت عدم صحته بعد ذلك.
بالإضافة لقضايا حدودية اشتعلت بين مصر والسودان عام 1958، وبين الجزائر والمغرب عام 1963، واليمن الشمالي واليمن الجنوبي عام 1972، والنزاع العراقي الكويتي عام 1961، والذي أُوجدت له تسوية مؤقتة، ليعود من جديد عام 1973، وعام 1990.
وتوجد نزاعات أخرى تجاهلتها الجامعة؛ مثل النزاع السوري اللبناني عام 1949، وحرب الخليج الثانية عام 1990.
ومع اندلاع الثورات العربية وجدت الجامعة نفسها أمام تحديات كبيرة سقطت فيها أنظمة تونس ومصر.
أما في الثورة السورية في العام 2011، فلم تتحرك الجامعة إلا بعد سقوط أكثر من 5 آلاف مدني لتجمّد عضوية سوريا.
فشل الجامعة في مواجهة التحديات يعود إلى ميثاقها القاصر، الذي لا يعطي دوراً فعالاً في الحالات الطارئة والاستثنائية، بالإضافة إلى بطء كبير في التحرك الدبلوماسي.
ونبعت فكرة الجامعة العربية التي تعكس النظام الإقليمي العربي منذ البداية من ضرورة الاتحاد بين الدول والتنظيم لتخطي العقبات المستقبلية، وتنظيم الصفوف، وتنسيق الخطط فيما بينها، بما يحقق الاستفادة المشتركة لجميع الدول فيها، لكنها منذ أعوام لم تحقق أهدافها، لتحيد عن طريقها في توثيق العُرا، وسط الأزمات المتوالية، والحروب والثورات.
ويتألف ميثاق جامعة الدول العربية من 20 مادة، تتعلّق بأغراض الجامعة وأجهزتها، والعلاقات فيما بين الدول الأعضاء، وغير ذلك من الشؤون، ويتّصف بالشمولية والتنوّع، ويجوز تعديله بموافقة ثلثي الدول الأعضاء.
وبالعودة إلى تاريخها؛ تأسّست جامعة الدول العربية في مارس 1945، بعضوية سبع دول؛ هي الأردن والسعودية وسوريا والعراق ولبنان ومصر واليمن، وعقدت هذه الدول أول اجتماعاتها بالقاهرة عام 1946.
وفي القمة الثانية ببيروت عام 1956، شاركت ثماني دول عربية بعد انضمام ليبيا عام 1953.
وواصلت الدول العربية الانضمام إلى الجامعة التي يقع مقرّها الدائم في العاصمة المصرية القاهرة، ليبلغ عدد الأعضاء فيها 22 دولة، وذلك بالتحاق جمهورية جزر القمر عام 1993.
ودولها الآن هي: الأردن، والإمارات، والبحرين، وتونس، والجزائر، والسعودية، والسودان، وسوريا، والعراق، والكويت، ولبنان، ومصر، والمغرب، واليمن، وموريتانيا، والصومال، وجزر القمر، وفلسطين، وعُمان، وقطر، وليبيا، وجيبوتي.