روبرت ماغولنيكي - معهد دول الخليج العربي في واشنطن -
تسلط استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين الافتراضية، في الفترة من 21 إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني في الرياض، الضوء على دور البلاد كقوة اقتصادية.
ومع ذلك، فهو توقيت مناسب للتفكير في السجل المتناقض للإصلاحات الاقتصادية والتقدم غير المتكافئ في عدد من الأبعاد الاقتصادية لـ "رؤية 2030".
وفي حين أن جائحة كورونا ربما تقدم عذرا مبررا للتقدم البطيء وغير المؤكد لأفكار ولي العهد "محمد بن سلمان" التي تمثلت في الرؤية السعودية، فلن يتسامح المراقبون والمحللون مع الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى.
بصيص أمل
بالرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة الفيروس التاجي، فإن تولي رئاسة مجموعة العشرين لعام 2020 لا يزال يضفي مصداقية على الأهمية العالمية للاقتصاد السعودي.
وينقسم موضوع القمة وهو "تحقيق فرص القرن الحادي والعشرين للجميع" إلى 3 مكونات فرعية عملية وهي تمكين الناس مع التركيز على النساء والشباب، وحماية الكوكب، وتشكيل آفاق جديدة.
ومن المتوقع أن يهيمن الوباء واستراتيجيات إنعاش الاقتصاد العالمي على المناقشات خلال القمة.
وتتوافق الطبيعة الافتراضية لقمة مجموعة العشرين مع أجندة التحول الرقمي الطموحة في المملكة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أطلقت السعودية استراتيجيتها الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، التي تأتي بعد إنشاء هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي في عام 2019.
وتهدف الاستراتيجية التي تركز على التكنولوجيا إلى جذب 20 مليار دولار من الاستثمارات وتدريب 2000 سعودي كمتخصصين في البيانات والذكاء الاصطناعي خلال العقد المقبل.
ويجعل اجتماع مجموعة الـ 20 عن بعد من الصعوبة عرض الوجهات السياحية الناشئة والمعالم الثقافية وأماكن الترفيه الموسعة في المملكة.
ومع ذلك، تستمر مبادرات التنمية الوطنية ذات الأولوية العالية، من "نيوم" إلى "أمالا"، في المضي قدما، وإن كان ذلك بوتيرة حذرة.
كما أنشأت الحكومة الشركة السعودية للرياضة، وذلك لإدارة وتأمين حقوق البث لأحداث النخبة الرياضية، وحصلت السعودية على حقوق استضافة سباقات الفورمولا 1 لمدة 15 عاما.
وستمكن هذه التطورات المسؤولين السعوديين من الترويج بشكل أفضل للمبادرات المحلية وتسويق البلاد لجمهور عالمي.
وتم تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بالزيادة في الربع الثالث من العام.
ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي -5.4% في عام 2020، ارتفاعا من المتوقع بـ -6.8% في وقت سابق من العام.
ومع ذلك فقد تقلص الاقتصاد السعودي بنسبة 7% في الربع الثاني، ما يترك مجالا كبيرا للتحسين.
ودفعت الدولة بإجراءات جديدة لزيادة تدفقات الإيرادات غير النفطية، مثل رفع معدل ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% وزيادة الرسوم الجمركية على بعض الواردات.
كما أعلنت الحكومة عن إصلاحات في سوق العمل تسمح لبعض المغتربين بحقوق إضافية، والتي قد تفيد صورة السعودية على المسرح العالمي.
ويعتمد مدى تحسين هذه الإصلاحات لبيئات عمل المغتربين على تنفيذ تلك السياسة في عام 2021 وتطبيقها لاحقا.
رؤية باهظة التكلفة
دعت "رؤية 2030" إلى تحول مكلف بقيادة الحكومة.
وأتاح الانتعاش البطيء لأسعار النفط بين عامي 2016 و2018 بعض القدرة المالية لدفع هذه الأجندة الاقتصادية.
ومع ذلك، تحوم أسعار النفط الآن حول 40 دولارا للبرميل لخام غرب تكساس الوسيط، ولا تزال السعودية تعتمد على عائدات النفط والغاز لغالبية الإيرادات الحكومية.
واستحوذت الخدمات الحكومية على أكبر شريحة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، بإجمالي 24.5%، في الربع الثاني من العام، بينما كان قطاع النفط الخام والغاز الطبيعي ثاني أكبر قطاع بنسبة 14.5%.
ويواجه صانعو السياسة السعوديون معضلة في كيفية تحقيق أهداف طموحة بموارد مالية أقل.
وسيكون هذا صعبا دون مساعدة المستثمرين المحليين والدوليين، الذين يعتمد اهتمامهم بالتحول الاقتصادي في المملكة على قدرتهم على تأمين الفرص التجارية المربحة في البلاد.
وتُعد خصخصة أصول الدولة أحد السبل التي حددها صناع القرار السعوديون لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وتحرير أموال إضافية.
وأكملت الحكومة طرحا عاما أوليا لشركة أرامكو السعودية، لكنها لم تسفر عن طلب كبير على أصول حكومية أخرى.
وتكافح العديد من هذه الكيانات الحكومية.
وقد وظفت أرامكو بنوكا لإصدار سندات للمساعدة في تلبية مدفوعات أرباحها لعام 2020.
كما تدرس أرامكو الخصخصة الجزئية لأصول أخرى للنفط والغاز، كما فعلت شركة بترول أبوظبي الوطنية الإماراتية في الأشهر الأخيرة.
وكان الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية مخيبا للآمال على مدى العقد الماضي، وكان في اتجاه تنازلي إلى حد كبير منذ عام 2008.
وأخطأت السعودية في تحقيق هدفها للاستثمار الأجنبي المباشر البالغ 10 مليارات دولار في عام 2019، وبدلا من ذلك اجتذبت نحو 4.6 مليار دولار فقط.
ومن غير المرجح أن يكون أداء تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020 أفضل بكثير.
وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر نحو 945 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2020، بعد أن سجل 1.6 مليار دولار في الربع الأول.
ولا تزال البطالة مشكلة دائمة في المملكة، بالنظر إلى حجم سكان البلاد.
وبلغ إجمالي البطالة 15.4% في عام 2020، وهو رقم قياسي. وتبدو أرقام توظيف الإناث في تحسن قليل، لكن لا تزال هناك تحديات على هذا الصعيد.
وأعلن "بن سلمان" في خطابه أمام مجلس الشورى في بداية هذا الشهر أن صندوق الثروة السيادي سيضخ 40 مليار دولار سنويا في الاقتصاد المحلي في عامي 2021 و2022.
وقد أدى الضغط على الصندوق لإعادة توجيه المزيد من رأس المال محليا إلى تعطيله عن أهدافه الخارجية لبعض الوقت.
كما أن هذه الالتزامات تجعل هدف زيادة أصول الصندوق إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030 يبدو غير واقعي.
وبالنظر إلى تأكيد المسؤولين الحكوميين السعوديين أن "رؤية 2030" قد أعدت البلاد لهذه الفترة الصعبة، فإن هذا يعني أنهم يصورون الرؤية على أنها عامل تمكين للتقدم الاقتصادي، وليس عائقا.
ولكن في كثير من النواحي، عادت الرؤية إلى حيث بدأت؛ أي تبدد طموح يجب أن تقوده حكومة مستعدة للإنفاق بشكل كبير وسط حالة من عدم اليقين في البيئة الاقتصادية.
وسيكشف العقد المقبل إلى أي مدى يمكن لولي العهد السعودي والمسؤولين الحكوميين الآخرين وضع السياسات الاقتصادية اللازمة للأوقات الصعبة المنتظرة.