يوسف حمود - الخليج أونلاين-
بعثت القمة الخليجية الثانية والأربعون، التي عقدت في الرياض في ديسمبر من العام الماضي، بـ"رسائل مهمة وواضحة" تؤكد طي صفحة الخلاف وتعزيز التكامل وتوحيد المواقف بين دول مجلس التعاون الست، في وقتٍ يترقب الجميع القمة الـ43 القادمة.
وتقام القمة الخليجية في ديسمبر من كل عام، لكن حتى اللحظة لم يتم تحديد موعدٍ محدد لعقد القمة التي تم تسليم رئاستها لسلطنة عُمان، والتي تهدف إلى تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق الأهداف السامية.
ومنذ قمة العلا الحادية والأربعين، التي أنهت الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف 2017، عادت القمة الـ42 في الرياض لتعكس أجواءً إيجابية، أكدت ضرورة العمل الجماعي لمواجهة التحديات، والحفاظ على تماسك مجلس التعاون ووحدة الصف، فما المتوقع من القمة المقبلة؟
مباحثات استباقية
مع اقتراب موعد القمة التي غالباً ما تعقد في شهر ديسمبر من كل عام، شهدت العاصمة العُمانية مسقط مباحثات بين الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، ووزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، حول مسيرة العمل الخليجي المشترك، وترتيبات القمة الخليجية المقبلة.
ووفقاً للأمانة العامة لمجلس التعاون، فقد تناول اللقاء "الترتيبات الخاصة بالقمة الخليجية الـ43 التي ستترأسها عُمان".
كما بحث الجانبان سبل تعزيز ودعم المكتسبات الخليجية المشتركة في إطار مجلس التعاون، بما يسهم في تلبية تطلعات مواطني دول المجلس.
وقالت وزارة الخارجية العُمانية، إنه جرى خلال اللقاء "استعراض جدول أعمال الاجتماع القادم للمجلس الوزاري في دورته الـ(154) التحضيرية للقمة الخليجية في دورتها الـ(43) للمجلس الأعلى، وبحث تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق الأهداف السامية، وتطوير مجالات التعاون المشترك في منظومة مجلس التعاون الخليجي والمشاريع المستقبلية، نحو مزيد من الترابط والتعاون".
قمة الرياض
لعل القمة الخليجية الـ42 التي عقدت في العاصمة السعودية (14 ديسمبر 2021) عكست حقيقة أن العلاقات بين دول مجلس التعاون بعد قمة "العلا" ليست كما كانت قبلها، وأن ثمة تحركاً خليجياً فعلياً نحو مزيد من العمل المشترك، وإن بوتيرة بطيئة.
وحينها جدد القادة الخليجيون تأكيدهم على الوحدة الأمنية لدول مجلس التعاون، وقالوا في البيان الختامي للقمة الثانية والأربعين، إن أي اعتداء يقع على أي من دول المجلس الست يعتبر اعتداءً على الجميع.
وجرت القمة الأخيرة وسط حالة من اللايقين تسيطر على عدد من الملفات المهمة بالمنطقة، وفي مقدمتها حرب اليمن، والعلاقات الخليجية الإيرانية، فضلاً عن الملف النووي الإيراني الذي تحول إلى أزمة بين الغرب وطهران.
وشدد البيان الختامي على العمل الجماعي وإزالة العقبات أمام العمل الاقتصادي المشترك، مؤكداً "ما تضمنته المادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك؛ بأن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها يتهددها جميعاً".
وحظيت القمة بأهمية خاصة؛ لكونها الأولى منذ قمة "العلا" التي جرت مطلع 2021 في السعودية، وتم خلالها التوقيع على اتفاق المصالحة الخليجية الذي أنهى خلافاً استمر أكثر من 3 سنوات، بين قطر من جهة، وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من جهة أخرى.
قمة هامة
يرى المحلل السياسي العُماني عوض بن سعيد باقوير، أن القمة الخليجية القادمة "تعد من القمم المهمة في ضوء التطورات السياسية الدولية خاصة في ضوء تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية".
وإلى جانب ذلك يرى باقوير أن أهميتها في كونها تأتي في ظل "موضوع العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية خاصة في مجال الطاقة".
ويشير، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى وجود "إجماع خليجي على أهمية وجود شركاء آخرين على الصعيد التجاري والاستثماري فيما يخص الشأن الخليجي"، مضيفاً: "هناك تواصل مستمر في تعزيز التعاون الخليجي على ضوء قرارات القمة في العلا السعودية".
وتابع: "كما أن التنسيق السياسي وصل مرحلة متقدمة بعد انتهاء الأزمة الخليجية، ووجود مشاريع استراتيجية بين الدول الست على الصعيد الأمني والعسكري وفي مجال الطاقة البديلة".
ويرى أن ملفات القمة الخليجية القادمة "ستكون ذات طابع اقتصادي واستراتيجي وفي مجال الطاقة بعد أن حدد الغرب سعر 60 دولاراً للنفط الروسي، وأثر ذلك على أسعار النفط العالمية".
ويضيف: "ما يلفت النظر أن القمة الخليجية سوف تسبقها القمة الصينية الخليجية التي تهدف إلى تنوع الشركاء وعدم الاعتماد على الغرب فقط في ظل التطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، إضافة إلى الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة موضوع الحرب في اليمن وأيضاً الملف النووي الإيراني".
التفاهم الخليجي
قبل أكثر من أربعة عقود شهدت المنطقة ولادة مجلس التعاون الخليجي، حيث أعلن تأسيسه في 25 مايو 1981، وذلك من العاصمة السعودية الرياض، التي تستضيف المقر الرسمي للمجلس، ويضم ست دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان.
ويؤكد النظام الأساسي للمجلس العمل من أجل "تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها"، لكن ورغم نجاح دول مجلس التعاون في تعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينها، فإن طموحات الوحدة الشاملة لم تتحقق بعد.
وحقق مجلس التعاون الخليجي خلال مسيرته الكثير من الإنجازات على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني، والشراكة الخارجية مع القوى الإقليمية والدولية، فضلاً عن المستوى الدفاعي والعسكري.
واستطاع مجلس التعاون أن يتجاوز جميع التحديات المتصاعدة التي تشتد مع تعاظم أهمية هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، بالتزامن مع ما شهدته المنطقة من أزمات عسكرية وسياسية واقتصادية كان لها تبعات هائلة على استقرار وتوازن القوى الفاعلة.