لينا الخطيب | وورلد بوليتيكس ريفيو - ترجمة الخليج الجديد-
ماذا قدمت زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى السعودية من دلالات؟
حول إجابة هذا السؤال دار تحليل لمديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، "لينا الخطيب"، مشيرة إلى ترقية "رمزية" للعلاقات بين الرياض وبيكن.
وذكرت "لينا"، في التحليل المنشور بموقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" وترجمه "الخليج الجديد"، أن زيارة الرئيس الصيني، الأسبوع الماضي، شملت التوقيع على اتفاقية استراتيجية شاملة مع ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، ما عده مراقبون ردا على نتيجة زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى جدة قبل نحو 5 أشهر.
وترأس "شي" و"بن سلمان"، في وقت لاحق، قمة صينية خليجية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث وقعوا اتفاقية استراتيجية شاملة أخرى.
وأخيرًا، حضر "شي" قمة مع قادة جامعة الدول العربية، حيث أدلى الجانبان ببيانات عامة اتفقا فيها على تعميق التعاون بين الصين وأعضاء الجامعة.
وسلطت تلك القمم والاتفاقيات، وتزامنها مع التوترات المتصاعدة بين الرياض وواشنطن بشأن إنتاج النفط وقضايا أخرى، الضوء على جهود السعودية لتنويع محفظتها من الشراكات الدولية، ودور الصين متزايد الأهمية في المنطقة.
ورغم أن السعودية والصين أقامتا علاقات دبلوماسية رسمية فقط في عام 1990، لكنهما تطوران العلاقات بشكل مطرد منذ ذلك الحين، وتمثل قمة الأسبوع الماضي ترقية رمزية كبيرة للعلاقات الثنائية بينهما، خاصة بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الثنائية، التي تحدد خططًا لتعميق العلاقات بين البلدين على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.
وركز البيان المشترك، الصادر في ختام القمة الصينية السعودية، على إيجاد أوجه تكامل بين مبادرة الحزام والطريق الصينية للبنية التحتية وخطة التنويع الاقتصادي لرؤية السعودية 2030. كما خلقت القمة فرصة لكل من السعودية والصين لإظهار نفوذهما الدولي، لا سيما في ضوء التوترات الخاصة بكل منهما مع الولايات المتحدة.
ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن" للصحفيين إن الصين "هي المنافس الوحيد الذي ييقصد إعادة تشكيل النظام الدولي، ولديه القدرة على القيام بذلك بشكل متزايد".
وبينما تؤشر زيارة "شي" إلى تعميق العلاقات بين الصين والسعودية وبقية العالم العربي، تؤكد أيضا على أن الرياض هي القوة الإقليمية المهيمنة في الخليج، وتبعث برسالة معبرة إلى واشنطن.
فالترحيب الفخم الذي قدمته السعودية لـ"شي" يتناقض بشكل صارخ مع الاستقبال الذي لقيه "بايدن" في وقت سابق من العام الجاري.
لكن "لينا" ترى أن قمة "شي-بن سلمان" بحد ذاتها لا تشير إلى قطع السعودية أو دول الخليج العربية الأخرى للعلاقات مع الولايات المتحدة، إذ لا تزال تشترك في المصالح والاهتمامات مع واشنطن بشأن ملفات عديدة، على رأسها مواجهة إيران.
وبحسب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز تشاتام هاوس للأبحاث، فإن الاتفاقية الموقعة بين السعودية والصين أظهرت موقف بكين الطويل الأمد "بعدم التدخل" فيما يتعلق بالشؤون السعودية المحلية، وحددت اسم إيران صراحة، بإدانة تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الجوار.
وهذه الاتفاقية أكثر شمولاً بكثير من نظيرتها التي وقعتها طهران وبكين في مارس/آذار 2021، وأقرت خطة للتعاون الاستراتيجي مدتها 25 عاما، إذ ركزت الاتفاقية السعودية الصينية على تعميق العلاقات التجارية بين البلدين، مع بقاء نصها، الذي لم يتم الإعلان عنه، غامض النطاق تمامًا.
غير أن "لينا" تشير، في هذا الصدد، إلى أن اتفاقية بكين وطهران لم يكن لها تأثير ملحوظ على العلاقات الثنائية بين إيران والصين بعد أكثر من 18 شهرًا من توقيعها. ومع ذلك ظلت الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، دون الاستثمار القوي في الإنتاج المحلي لطهران.
وترى المحللة السياسية أن الصين تحافظ على موقفها المفضل المتمثل في الحفاظ على العلاقات مع الدول المتنازعة إقليميا، دون الانحياز لأي منها، ما يسمح لبكين بحماية نفوذها الاقتصادي العالمي.
وتوقعت "لينا" أن يقتصر الاتفاق السعودي الصيني على طابع "رمزي" رغم نطاقه الواسع، مشيرة إلى أن "التطبيق الفاتر لاتفاق بكين مع طهران يشير إلى أن الاتفاق السعودي الصيني أيضًا قد ينتهي به المطاف إلى أن يقتصر على الجانب الخطابي".
ويبدو أن الولايات المتحدة ترجح هذا أيضا، بدليل ردود أفعال واشنطن إزاء توقيع الاتفاقية السعودية الصينية، حسبما ترى "لينا"، مشيرة إلى أن البيت الأبيض قلل من أهمية الادعاءات الواردة في تقارير صحفية بشأن دور كبير للسعودية والإمارات في الوساطة بين موسكو وواشنطن في صفقة تبادل سجينين بينهما مؤخرا.