محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
في ظل أزمات اقتصادية تضرب العالم ومنه دول عربية، نتيجة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتحديات التي فرضتها على المنطقة، ستنطلق القمة العربية في دورتها الـ32 بالعاصمة السعودية الرياض خلال مايو القادم.
وسيكون على طاولة القادة العرب المشاركين بالقمة، الملف الاقتصادي والتحديات التي تواجه الدول نتيجة الأزمات العالمية، إلى جانب الملفات السياسية كالقضية الفلسطينية التي تشهد تصعيداً إسرائيلياً في ظل حكومة متطرفة.
ومن المتوقع أن يناقش القادة العرب الأزمة السياسية اللبنانية، وعدم نجاح الأطراف المختلفة في انتخاب رئيس الجمهورية، وآثار ذلك على هذه الدولة العربية التي تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
وتكمن الأهمية السياسية للقمة، في إمكانية مشاركة سوريا فيها، خاصة بعد حديث سعودي عن زيادة التواصل مع دمشق.
وسبق أن أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الثلاثاء 7 مارس الجاري، أن زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت عشر سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.
وجدد الوزير السعودي تأكيد أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أنّ عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار مع دمشق ضروري خاصة لمعالجة الوضع الإنساني هناك.
أجندة القمة
ظهرت أجندة اجتماع القمة القادمة، بتأكيد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن الموضوع الرئيسي لها سيكون اقتصادياً، ويتناول كيفية مساعدة الأقاليم العربية المحتاجة.
وأكد أبو الغيط، خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي في بيروت، الثلاثاء (14 مارس الجاري)، أنّ مؤتمر القمة العربية سيُعقد في شهر مايو المقبل بللسعودية.
وسبق أن أعلن وزير الخارجية السعودي، في نوفمبر الماضي، بختام أعمال الدورة الـ31 للقمة العربية، التي عقدت في الجزائر، استضافة بلاده اجتماع القمة القادم، وقال: "انطلاقاً من حرص المملكة على ديمومة التعاون القائم، فإننا نعلن عن استضافة بلادنا لاجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة في دورتها الـ32، ونرحب بالقادة الأعضاء في بلدهم الثاني".
وخلال أعمال القمة الماضية في الجزائر، أكد القادة العرب مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، والتمسك بمبادرة السلام العربية بعناصرها وأولوياتها كافة، والالتزام بالسلام العادل والشامل، والتشديد على ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية إلى حماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها.
الاتفاق السعودي الإيراني
تكتسب أعمال القمة القادمة زخماً سياسياً خاصة بعد إعلان السعودية وإيران يوم 10 مارس 2023، التوصل إلى اتفاق مشترك برعاية صينية، يقضي باستئناف العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل السفراء في غضون شهرين، حيث غالباً ما تشمل القمم موقفاً عربياً مديناً لسلوك إيران في المنطقة.
وسيكون التقارب السعودي الإيراني مطروحاً على طاولة القمة، خاصةً أن أبو الغيط سبق أن أكد أن الاتفاق بين الرياض وطهران "ينهي حالة الاحتدام ومؤشر لمرحلة إيجابية في العلاقات الثنائية".
وعقب الاتفاق غرد أبو الغيط على "تويتر": "الاتفاق بين السعودية وإيران ينهي حالة الاحتدام بين الدولتين التي استمرت ما يزيد على سبع سنوات.. وهو خطوة يمكن أن تؤشر لمرحلة جديدة إيجابية في العلاقات الثنائية قد تكون مفيدة للإسهام في تحقيق قدر من الاستقرار إقليمياً".
وخلال لقائه ميقاتي، أضاف أبو الغيط: "القمة السعودية الصينية الإيرانية إيجابية جداً"، وأن "مفاعيلها الأوّلية هي إرساء نوع من الاستقرار السياسي والأمني بين السعودية وإيران، لكنّ مفاعيلها على سائر الملفات المطروحة في المنطقة غير واضحة بعد".
لم الشمل
يؤكد الكاتب والباحث في الشأن الإقليمي، محمد الأغا، أن القمة العربية القادمة في السعودية جاءت بعد تجاذبات كثيرة شهدتها القضايا العربية، خاصة خلال قمة الجزائر السابقة.
وقال الأغا في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "السعودية بذلت جهوداً حثيثة من أجل لمّ الشمل العربي قبل انعقاد القمة على أراضيها في الرياض خلال مايو الماضي، وحققت إنجازات في هذا الملف".
ويضيف: "تكمن الأهمية السياسية لعقد الدورة الـ32 من القمة العربية بالسعودية، في أنها تأتي بعد وقت من عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وتجاوز الخلافات السياسية بينهما، والدخول بمرحلة جديدة من العلاقات".
وأوضح أن القمة تكتسب أهمية سياسية أيضاً من إمكانية مشاركة سوريا فيها وعودتها إلى جامعة الدول العربية، وطرح عديد من الخلافات العربية حول هذا الملف.
ويبين أن القمة في دورتها القادمة بالسعودية "ستكون مفصلية بتاريخ القمم العربية السابقة؛ لكونها تأتي بعد التجاذبات التي شهدتها المنطقة خاصة بعد مرحلة ما يسمى بالربيع العربي، وإمكانية حدوث قرارات مصيرية تتعلق بإنهاء الحرب على اليمن، وزحزحة بعض الأزمات".
وتوقع أن تكون القضية الفلسطينية بارزة خلال أعمال القمة، خاصةً ما تعانيه من تطور خطير بوجود الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تشكل خطراً على المنطقة العربية ككل.
كما اعتبر أن "الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، قد تدخل في حروب وصراعات بالمنطقة، لذلك ستقف القمة عند القضية وستناقش تفاصيلها بشكل جدي، بحيث ستكون البيانات الصادرة عنها داعماً لها".
ويرى أن "نجاح السعودية في استضافة القمة العربية سيكون بتقديم مقترحات حلول، للتخفيف عن شعوب الدول العربية، خاصةً أن للمملكة دوراً مركزياً بالمنطقة".