القدس العربي-
أثار البيان الختامي لمؤتمر القمّة الطارئ المنعقد في الرياض، أول أمس، ردود فعل متباينة في العراق، ففيما اعتبر نائب رئيس البرلمان الاتحادي، محسن المندلاوي، بأن «لا قيمة» لخطب الإدانة أو القرارات التي لا تلامس حاجة الشعوب ومصيرها، أكد قيادي في تحالف «الفتح»، وجود «قصور» في البيان وإن القمّة لم تنجح في توجيه رسالة قوية لمواجهة الكيان الصهيوني ومن يدافع عنه.
وحسب بيان صحافي أصدره المندلاوي عقب انتهاء القمّة، أفاد بأنه «لا قيمة لأي بيانات استنكار أو خطب إدانة أو قرارات لا تلامس حاجة الشعوب ومصيرها، تُلقى في قمة عربية – إسلامية استثنائية، وفي وقت انعقادها تُرتكب أبشع المجازر الدموية البربرية للاحتلال الإسرائيلي بحق النساء والأطفال الفلسطينيين».
وأضاف: «كُنا نأمل من القادة العرب والمسلمين المتواجدين في هذه القمة، أن تكون مشاهد الموت واستهداف المؤسسات المدنية أمام أنظارهم بأن يتفقوا على إصدار قرارات تاريخية شجاعة ورادعة، تُحسب لهم ولتاريخهم، تتناسب مع حجم جرائم الإبادة الجماعية اليومية التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الأشقاء الفلسطينيين».
في حين، قال القيادي في تحالف «الفتح» رعد التميمي، إن «قمة الرياض التي جمعت العشرات من قادة الدول العربية والإسلامية لم تنجح في توجيه رسالة قوية لمواجهة الكيان الصهيوني ومن يدفعه من الغرب ومنها أمريكا»، لافتا إلى أن «مع قراءات البيانات استشهد وأصيب 100 فلسطيني أغلبهم من الاطفال والنساء».
ووفقاً للقيادي المُنتمي للتحالف الذي يتزعمه هادي العامري، فإن من بين نقاط الضعف في بيان القمة الختامي بأنه لم يتطرق إلى «قطع العلاقات مع الكيان المغتصب من قبل بعض الدول العربية والإسلامية»، متسائلا: «كيف تكون الرسالة قوية لكيان متطرف يتفنن بقتل الأبرياء منذ 34 يوما دون رسائل رادعة تدفعه للتوقف؟». وأشار في تصريحات لمواقع إخبارية تابعة «للإطار التنسيقي» الشيعي، إلى ان «موقف فصائل المقاومة اقوى في الرد على جرائم الكيان الصهيوني في تدمير غزة وتهجير الأهالي».
في حين، رأى نائب رئيس الجمهورية الأسبق، طارق الهاشمي، إن البيان الختامي لقمّة الرياض، «لا يشفي الغليل»، لافتاً إلى ضياع ما وصفها «فرصة ثمينة» في وقف العدوان على غزّة.
وحسب «تدوينة» للهاشمي، فإن «البيان الختامي الصادر عن قمة الرياض لا يشفي الغليل، لا يتناسب وهول المصاب، لا حزم فيه ولا إلزام، لن يردع المعتدي ولن يسعف المعتدى عليه»، موضحاً إنه «باختصار لا أظافر فيه ولا أنياب. ضاعت فرصة ثمينة رغم توفر الوسائل والإمكانيات، سيوظفها النازيون الجدد للتمادي في عدوانهم على غزة».
وسبق أن وجّه الهاشمي الذي يواجه دعوى قضائية يقيم على إثرها خارج العراق، رسالة إلى قادة وزعماء الدول العربية تزامناً مع انعقاد القمّة، حثّهم فيها على إصدار قرار يقضي بوقف فوري لإطلاق النار في غزّة وانسحاب الصهاينة منها.
وذكر في «تدوينة» أصدرها تزامناً مع انعقاد المؤتمر مساء أول أمس، إن «مؤتمر قمة عربية إسلامية استثنائية يعقد الان في الرياض (السعودية) بمشاركة قادة الدول العربية، إضافة إلى تركيا وايران، قوة لا يستهان بها عسكرية واقتصادية وبشرية، تؤهل المجتمعين لاتخاذ قرارات تاريخية تتناسب والأحداث الخطيرة في عموم فلسطين».
وأضاف: «رسالتي للقادة والزعماء: هذه فرصتكم لاستعادة وتعزيز ثقة شعوبكم بكم. لتكن قراراتكم هذه المرة حازمة وملزمة (وقف اطلاق النار والانسحاب الفوري للغزاة الصهاينة»، مبيناً إنه «إن لم تؤد الى نتيجة تذكر، فإن التدخل العسكري هو البديل».
وزاد: «ليرضى من يرضى ويغضب من يغضب. لا تسيئوا تقدير الموقف ولا مآلات السكوت عن غزو غزة واحتلالها ولا تحسنوا الظن بالوعود».
لكن في مقابل ذلك، أثنى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على البيان الختامي لقمّة الرياض، موجّهاً دعوة للدول العربية لمقاطعة إسرائيل.
وقال في «تدوينة» له، إنه «لا يسعني إلا أن أثني على ما أصدرته الدول الإسلامية والعربية في اجتماعها (أول أمس) من إدانة واستنكار لأفعال الصهاينة الإرهابيين ضد فلسطين العروبة، وكذلك مطالبتها بفك الحصار وعدم المعاقبة الجماعية ضد المدنيين».
وأعرب عن أمله في أن «تكون هذه هي الخطوة الأولى وليست الأخيرة من القادة الإسلاميين والعرب وأن يبقوا اجتماعهم مفتوحاً وجارياً باستمرار الإرهاب الصهيوني ضد فلسطين عموماً وغزة خصوصاً»، مقترحاً «إعلان حالة التأهب للجيوش الإسلامية والعربية.. فإن سقطت غزة والمقاومة فإن ذلك سيكون نهاية لآخرين».
ودعا إلى «مقاطعة اقتصادية شاملة للعدو الصهيوني، ووقف ضخ النفط المباشر وغير المباشر للعدو الصهيوني – إن وجد، وغلق السفارات الإسرائيلية وتجريم التطبيع لكل الدول العربية والإسلامية»، مشدداً على وجوب «إيصال المساعدات الطبية والحياتية الى غزة رغماً على أنف الصهاينة».
وحث أيضاً على «تهديد شديد اللهجة ضد الدول الداعمة للكيان الصهيوني وبالخصوص إلى أمريكا الداعم الأكبر من خلال التهديد بغلق قواعدها العسكرية في البلدان الإسلامية والعربية»، مؤكداً أهمية «إيقاف الأصوات الرسمية وغير الرسمية التي تدعم الكيان الصهيوني في بلداننا من خلال معاقبتهم تحت طائلة القانون المتداول في كل دولة».
وطالب الشعوب الإسلامية والعربية بـ»التظاهر في وقت واحد من أجل غزة وعدم السماع الى من يحرم ذلك ظلماً وعدواناً»، وفيما لفت إلى «دعم المقاومة الفلسطينية في ملف التفاوض بخصوص الأسرى الفلسطينيين من أطفال ونساء وغيرهم مطلقاً من الذين يقبعون في سجون الاحتلال الصهيوني منذ أعوام بل مطلقاً»، شدد على «محاولة تجريم الكيان الصهيوني بكون كبيرهم (النتن) مجرم حرب».
وسبق أن طرح رئيس الجمهورية العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، جملة نقاط لإنقاذ الشعب الفلسطيني، فيما وصف ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي في غزة بأنه «تجسيد للسياسة العنصرية».
وقال رشيد في كلمة خلال القمة العربية الإسلامية، إن «ما يرتكبه جيش الاحتلال في غزة، هو تجسيد للسياسة العنصرية القائمة على التهجير ومصادرة الأراضي وتهويد المناطق الفلسطينية وتوسيع بناء المستوطنات».
وأضاف، أن «العراق يدعو لوضع إطار عملي للأخذ بزمام الأمور وإنقاذ شعب فلسطين من هذه المجازر»، من خلال «دعوة المجتمع الدولي للتحرك الجاد لإدانة الهجوم الممنهج والانتهاكات الخطيرة واستهداف المؤسسات المدنية في قطاع غزة ويتبع ذلك الوقف الفوري للأعمال الحربية».
وشدد على «التحرك السريع والجاد لأجل السماح لقوافل المساعدات الإنسانية بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية فوراً ومن دون قيود لإغاثة المواطنين الفلسطينيين»، مؤكداً إن «قطع الاتصالات عن قطاع غزة يهدف إلى عزل أكثر من مليوني إنسان واخفاء جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال هناك عن العالم، فضلاً عن إعاقة مهام المنظمات الدولية وبالأخص أونروا». ووفق رئيس الجمهورية فإن «ما تقوم به سلطات الاحتلال من أعمال وحشية الآن هي محاولة مجرمة تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من ديارهم وهي سياسة بائسة ومرفوضة رفضا باتاً».
يأتي ذلك في وقتٍ، كشف مصدر مسؤول، عن مخرجات اجتماع عقده رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مع وزير النفط حيان عبد الغني، ومستشاريه في الطاقة والاقتصاد، لبحث إمكانية اتخاذ قرار لخفض تصدير النفط بواقع مليون برميل يومياً بسبب استمرار حرب غزة.
مواقع إخبارية محلّية نقلت تصريحات للمصدر- لم تسمّه- أفاد خلالها بأن «السوداني اجتمع ليلة (السبت/ الأحد) مع وزير النفط ومستشاريه في الطاقة والاقتصاد لبحث اتخاذ قرار خفض تصدير النفط بواقع مليون برميل يومياً من الحصة المقررة للتصدير»، مؤكداً إن «هذا القرار يأتي لعدم توصل القمة العربية الإسلامية إلى قرارات فاعلة لإيقاف إطلاق النار في غزة». وتعليقاً على تلك الأنباء، ذكر المحلل السياسي العراقي، علي البيدر في «تدوينة» له أمس، إنه «قرار شجاع. بواقع مليون برميل يوميا.. العراق يدرس تخفيض إنتاج النفط وتصديره ليكون أولى الدول التي تلوّح بسلاح الطاقة لإيقاف إطلاق النار في غزّة بعد فشل القمة العربية والإسلامية التوصل إلى قرارات فاعلة في هذا الشأن. دائماً ما يكون العراق أول المضحين في القضايا المصيرية ومحط إلهام الجميع»، حسب رأيه.