كامل جميل - الخليج أونلاين-
نجاح آخر تحققه السعودية بفوزها باستضافة "إكسبو 2030"، ما يؤكد أن المملكة تسير في خط تصاعدي على طريق الإنجازات والنشاطات المختلفة لا سيما الاقتصادية، بما يعزز مكانتها العالمية.
والثلاثاء (28 نوفمبر 2023) فاز ملف السعودية لتنظيم معرض "إكسبو 2030"، وذلك بـ 119 صوتاً حصلت عليها المملكة خلال الفعالية التي نظمها المكتب العالمي للمعارض في العاصمة الفرنسية باريس، للإعلان عن اسم المدينة الفائزة بتنظيم هذا الحدث العالمي.
وإلى جانب السعودية سعت إيطاليا وكوريا الجنوبية للحصول على حق امتياز استضافة نسخة "إكسبو" للعام 2030، لكنها خسرت في الاقتراع الإلكتروني لأعضاء المكتب العالمي للمعارض.
وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال الفعالية، أن المملكة ملتزمة بتقديم نسخة مميزة من "إكسبو 2030"، وذلك قبل دقائق من حسم اسم المدينة التي ستفوز بتنظيم هذا الحدث، بأغلبية الأعضاء البالغ عددهم 180 دولة.
وأعرب الأمير بن فرحان عن شكر المملكة لـ130 دولة قررت دعم ملف الرياض لاستضافة "إكسبو 2030".
من جانبه اعتبر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن فوز المملكة باستضافة إكسبو 2030 يرسخ "دورها الريادي والمحوري، والثقة الدولية التي تحظى بها، والذي يجعل منها وجهةً مثاليةً لاستضافة أبرز المحافل العالمية، حيث يعد معرض إكسبو واحداً منها".
وأضاف، في تصريحات نقلتها "الإخبارية": "المملكة تعتزم تقديم نسخة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ إقامة هذا المحفل العالمي بأعلى مراتب الابتكار".
وقال: "ستتزامن استضافتنا لإكسبو 2030 مع عام تتويج مستهدفات وخطط رؤية السعودية 2030؛ حيث يعد المعرض فرصة رائعة نشارك العالم خلالها الدروس المستفادة من رحلة التحول غير المسبوقة".
أهمية "إكسبو"
يعد "إكسبو الرياض 2030"، الذي سيحمل عنوان "معاً نستشرف المستقبل"، تجمعاً ضخماً للدول والمنظمات بحضور 226 مشاركاً رسمياً، من بينها الدول والمنظمات الدولية بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية والجامعات ورجال الأعمال والفنانين والمبتكرين.
كما يبرز المعرض تميز الموقع الجغرافي للسعودية وثقافتها وسياحتها وتاريخها وتطورها وثقلها السياسي والاقتصادي.
ويستهدف "إكسبو 2030" تجاوز الأرقام المسجلة في عدد الزوار من خلال استهداف 40 مليون زيارة إلى المعرض، وكان "إكسبو 2020 دبي" جذب 24 مليون زيارة على مدى ستة أشهر.
كما يشمل المعرض 3 مواضيع فرعية، هي "غد أفضل" و"العمل المناخي" و"الازدهار للجميع".
وسيركز "غد أفضل" على ما تتيحه الابتكارات في العلوم والتكنولوجيا من فرص مستقبلية، تحقق التحول بما يعزز الصمود أمام التحديات ويخدم البشرية.
أما "العمل المناخي" فيعنى بدفع عجلة الابتكار من خلال التعاون الدولي، في سبيل المحافظة على النظام البيئي والموارد الطبيعية وذلك بتقديم حلول مستدامة لجميع الدول.
ويهتم "الازدهار للجميع" بمعالجة أوجه التفاوت والاختلالات العالمية، من خلال مشاركة كل دولة من منظورها الثقافي وظروفها المحيطة وتطلعاتها.
جاهزية تامة
الرياض وضعت مسبقاً خطة محكمة للفوز بالمعرض، ففي 12 مارس الماضي اختتمت بعثة المكتب الدولي للمعارض زيارتها إلى الرياض، وناقشت خلالها ملف المملكة لاستضافة "إكسبو 2030".
وخلال مؤتمر صحفي عُقِد في ختام زيارة البعثة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد بن عبد المحسن الرشيد: "ملفنا قوي، وجاهزون لاستضافة إكسبو 2030".
وتوقع الرشيد أن يحظى المعرض "بأكثر من 40 مليون زيارة، بالإضافة إلى مليار زيارة عبر المنصة الافتراضية (الميتافيرس)، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ معارض إكسبو".
بدوره قال رئيس بعثة المكتب الدولي للمعارض، باتريك سبيشت: "تعرفنا على إمكانيات السعودية"، مؤكداً أنها تمتلك جميع الممكنات المطلوبة.
من جهته أعرب الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض، ديمتري كيركنتزس، عن اعتقاده بأن المملكة ستنظم معرض إكسبو "متناسباً تماماً مع البرنامج الذي اطلعنا عليه، ومسيرة تطور المملكة على مدى السنوات القليلة الماضية"، مضيفاً أن "وجود البنية التحتية المتكاملة في المملكة يلبي متطلبات حدث مثل معرض إكسبو".
الرياض خلية نحل
وبحسب تقارير محلية رسمية، تبلغ قيمة الميزانية الموضوعة لبناء موقع "إكسبو" 8 مليارات دولار، فيما تبلغ استثمارات البناء الحالية 400 مليار دولار في المدينة، التي يصل عدد سكانها إلى 8 ملايين نسمة.
وتبني المملكة أكبر شبكة مواصلات في العالم، وأكبر مطار في العالم، كما يجري إنشاء أكثر من 30 مشروعاً ضخماً حالياً.
كما تخطط المملكة لضخ استثمارات إجمالية تبلغ نحو 800 مليار دولار، تمكنها من زيادة مساحة الرياض وعدد السكان بها إلى الضعفين بحلول "2030".
يشير المحلل الاقتصادي نمر أبو كف، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "أهمية هذا المعرض تكمن في أنه أقدم معرض دولي مستمر حتى اليوم، لذا فإن معظم الدول تحاول جاهدةً المنافسة على استضافته على أراضيها".
ويلفت إلى أن "للتاريخ الذي تقام فيه نسخة 2030 خصوصية بالنسبة للمملكة، إذ سيكون عام التتويج لرؤية الأمير محمد بن سلمان (2030)".
وعما تبحث عنه السعودية من وراء هذا التنظيم يقول أبو كف: "السعودية تنافس على تنظيم هذا المعرض للحصول على فوائد كبيرة، منها رغبتها في تعظيم مداخيلها غير النفطية، وربما تستفيد مدينة الرياض بشكل خاص من هذا المعرض".
وأوضح أن "المعرض أيضاً سيعزز فرص السعودية في عدم الاعتماد على البترول مستقبلاً في التنمية المستدامة، وربما يكون هذا حافزاً للدول والشركات المختلفة لاقتحام السوق السعودية، خصوصاً أن المملكة تشهد نمواً في اقتصادها وازدهاراً، وهي من الدول القليلة التي لديها هذه الميزة الآن".
ويلفت إلى أن "تنظيم السعودية لهذا المعرض سيجلب لها فوائد كثيرة، منها الاستفادة من التعاون مع كثير من الدول والشركات عبر إمكاناتها الهائلة، والعبور إلى عصر التكنولوجيا، وربما يكون المعرض فرصة لإبراز كثير من القطاعات غير المستغلة في السعودية، وهو ما سيعزز مكانتها العالمية ويدفعها إلى التقدم دولياً في عدة مجالات".
ويؤكد الخبير الاقتصادي أنَّ "ولي العهد السعودي يريد نقل المملكة إلى مراحل متقدمة وجديدة، كثير منها متوافق مع رغبة الغرب في تعديل وتغيير الصورة النمطية للمملكة في الخارج بأنها دولة منغلقة؛ وهو ما يدفع السعودية إلى الانفتاح على العالم".