زهير ماجد- الوطن العمانية-
ماذا يبقى من المنطقة العربية وهي تخسر أهم مدخراتها لتصبح بالتالي عاجزة عن أن تكون حاضرة في سمع العالم وبصره .. عندما يهبط النفط إلى أدنى أثمانه، وعندما تفقد السياحة العربية السائح الغربي والعربي، لايبقى ماهو مفيد لهذه الأقطار غير أن تضرب كفا بكف حسرة ولوعة.
لايملك العرب غير هذين المدخولين تقريبا، النفط اساس اقتصاد أقطار والسياحة أساس اقتصاد أقطار أخرى، لكن موقع الشرق الأوسط يصبح كله موقعا سياحيا متشكلا بين الديني والتاريخي ..
الحرب التي تشن على تونس مثلا حرمتها من أكثر مدخراتها تأثيرا، وليس عبثا اختيار الارهابيين متحف باردو والأماكن السياحية الأخرى لهجماتهم الارهابية .. أما مصر التي تعوم على سياحة متطورة ولها تأثيراتها في عالم البحث عن اسئلة الماضي، فهي الأخرى لم تتجاوز بعد ما يجري من حرب على سياحتها تحديدا، أي على ناتجها القومي الرئيسي والأساسي، وليس عبثا أيضا أن تغلق فنادق داخل القاهرة وخارجها، وأن ينحسر عدد السياح إلى أقل رقم ممكن .. وفي سوريا التي كان معدلاتها السياحية في قمة نتاجها الوطني، أدت الحرب عليها الى فقدان هذه الميزة بشكل نهائي، بل إنها خسرت مواقع سياحية مهمة نالها تدمير الارهاب وسطوته عليها، اضافة الى قتل أبرزرجالاتها السياحيين المعروفين باختصاصهم المقتدم. ورغم ان لبنان مازال بعيداعن الأزمات المتتابعة عربيا، إلا أنه أيضا نال نصيبه من تلاشي أي أمل بوجود سياحة لديه، وكان لبنان من اوائل بلدان المنطقة في هذا المجال الهام. اما العراق الذي يعوم على ماض ترك تأثيره فيه حتى غدا في وقت ما رقما سياحيا مهما، فلم تتراجع السياحة فيه فقط بل إنه فقد بعضا من أرشيفه التاريخي أثر نهب متحفه الوطني، كما ان ” داعش ” قام بتدمير بعض الآثار مما أصاب العراق بصدمة لايمكن تصحيحها في المستقبل وتعتبر خسارة كبرى.
من هنا القول إن الأمن مفتاح نجاح السياحة في محله .. أسبانيا مثلا تقوم على سياحة متطورة وأن كان أصلها إسلامي عربي ويصل مدخولها منه الى عشرات المليارات من الدولارات .. وربما إيطاليا بسمعتها السياحية ايضا، بل كل أوروبا تقريبا تعيش هذا النجاح السياحي بما قد يصل الى ملايين الناس من مختلف اصقاع العالم، بل ان الاميركي حين يتباهى فلا يجد غير باريس على الأقل المكان الذي يعتز بزيارته في أي وقت.
نأسف إذن لأننا خسرنا ” نفطا ” ضائعا هو السياحة ونفطا سائلا هو الذهب الاسود الذي حقق لبعض العرب مستويات تنموية متقدمة .. وها نحن نتحسر على الخسارتين بما أصابنا من حروب وأزمات .. ولا نرى في البعيد أملا بتغيير مسار هذا الواقع المؤلم.
اذا فلنا أن الأمر من باب المؤامرة على العرب، قد نكون محقين، فليس عبثا كما قلنا أن تشن الحرب على السياحة وأن تضرب الفوضى الأمن العام، فمن خطط لهذه الغايات يعرف تمام المعرفة على ماذا يعتمد العرب، بل ماذا يقدمون للعالم سوى صيت من التاريخ القديم الذي له أرشيفه وآثاره المعبرة عنه. لا أمل لسنوات طويلة أن تعود أقطار العرب الى مستوى إيمان السائح الغربي وغير الغربي من التطواف بين ربوعها براحة واطمئنان.