عمان اليوم-
تشهد محافظة الداخلية نشاطا اقتصاديا متفاوتا في القطاعات التجارية والسياحية والعقارية بشكل عام. وكحال محافظات السلطنة شهد النشاط العقاري المحلي طفرة في العرض لم يقابله زيادة في الطلب، مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية. فالنشاط العقاري كان بمثابة فرصة كبيرة أمام العاملين في السوق التجاري، بل ويعد من أفضل المجالات المضمون تحقيق عوائد مالية مجزية، ومع زيادة التوسع في مختلف أوجه النشاط العقاري قابله ضعف ملحوظ في الإقبال. ولم يكن الأمر مقتصرا على محافظة مسقط بل تعدى ذلك إلى المحافظات الأخرى، فقد شهدت ولايات محافظة الداخلية طفرة اقتصادية في النشاط العقاري الإسكاني والتجاري والصناعي، وقد تمثل ذلك في زيادة الاستثمار العقاري من خلال توفر مجالات استثمارية متنوعة، وذلك ما سوف نستعرضه في التحقيق الصحفي عن الوضع الاقتصادي للاستثمار العقاري بمحافظة الداخلية. فإلى أي مدى تأثر القطاع العقاري بالركود الاقتصادي العالمي، وذلك ما سوف نتناوله في «عمان الاقتصادي».
النشاط العقاري .. انتعاش نسبي
يقول بدر بن سيف بن محمد الدغاري (مشاريع أطلال دارس للخدمات العقارية) إن أوضاع النشاط العقاري في محافظة الداخلية جيدة إلى حد ما من ناحية العرض والطلب، وفي الفترة الحالية هناك زيادة في العرض مقارنة مع الطلب نتيجة الأوضاع الاقتصادية الحالية، ومن الملاحظ في هذه الفترة تأثر النشاط العقاري في محافظة الداخلية، ومن وجهة نظري كان من المفترض أن يشهد النشاط العقاري انتعاشا نسبيا وعدم تأثر مباشر بالوضع الاقتصادي الحالي خاصة فيما يتعلق بعمليات البيع والشراء. ومع ذلك فإن النشاط العقاري في محافظة الداخلية لا يزال صامدا أمام الإغراءات الموجودة في المحافظات الأخرى، ويلاحظ بالنسبة لولاية نزوى توجه المستثمرين إلى البناء الاستثماري التجاري كما هو الحاصل حاليا في منطقة فرق ذات النشاط التجاري النشط، وهذا بدوره ساعد على نشاط القطاع العقاري، كذلك فإن النشاط العقاري السكني أكثر إقبالا على مستوى محافظة الداخلية مقارنة بالقطاع السكني التجاري والصناعي. وكلما زاد العرض في النشاط العقاري صاحبه انخفاض في الطلب، وفي الوقت الحالي فإن فرص الشراء بأسعار مناسبة متاحة بشكل أفضل مع توسع في عمليات البناء للشقق والمحلات وغيرها.
التمويل المصرفي
وقال بدر الدغاري إن للتمويل المصرفي دورا كبيرا في النشاط العقاري منذ عدة سنوات حتى الآن، ونتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة إعادة التخطيط لرسم خارطة الاستثمار العقاري بشكل عام وفق القدرة الشرائية يصاحبه انخفاض في القيمة الإيجارية، ومن حيث الاستثمار في القطاع السياحي فيوجد فيه نوع من المخاطرة والمجازفة، لأن هذا القطاع لا يزال بحاجة إلى الكثير من الإصلاحات والتطوير. كما أن النشاط العقاري يعد مجالا واعدا لدى كثير من أصحاب المؤسسات لما له من مردود ودخل مالي، حيث إن النشاط العقاري يعتمد على حركة العرض والطلب بشكل مباشر خاصة بالنسبة لبيع وشراء الأراضي الذي يتوقف على مدى توفر الخدمات الأساسية للمخططات مثل رصف الطرق وخدمات الكهرباء والمياه وغيرها. وحول أهمية تنظيم السوق العقاري قال الدغاري: نتمنى تفعيل نظام الوسيط العقاري وفق ما نص عليه المرسوم السلطاني رقم 78/86م المتعلق بقانون تنظيم أعمال الوساطة العقارية، وكذلك ضرورة ربط المكاتب العقارية إلكترونيا بوزارة الإسكان بهدف تنظيم سوق العمل في النشاط العقاري في السلطنة بشكل عام، مما يساعد على الحد من التلاعب في أسعار البيع وحفظ حقوق جميع الأطراف.
الاستثمار في القطاع العقاري
قال عامر بن حمد بن عامر أمبوسعيدي (عامر للخدمات العقارية) إن عمليات الشراء والطلب على النشاط العقاري قد تأثرت نتيجة لانخفاض أسعار النفط والأوضاع الاقتصادية في الفترة الحالية التي كان لها دور رئيسي ومباشر على حركة النشاط العقاري من ناحية القوة الشرائية وتوفر السيولة النقدية وتحفظ المستثمرين بعدم المجازفة في عمليات الشراء. ولكن هناك أماكن استثمارية حيوية لم تتأثر بالأوضاع الحالية حيث تتمركز عليها عمليات البيع والشراء وتحافظ على قيمتها السوقية لموقعها الاستراتيجي وجدوى الاستثمار فيها. ويوجد طلب جيد للنشاط العقاري في محافظة الداخلية حيث يشهد الاستثمار في قطاع الأراضي التجارية والصناعية نشاطا ملحوظا، بينما انخفض الاستثمار في الاستثمار السكني نتيجة انخفاض الطلب على الشقق السكنية ووجود فائض في العرض مقارنة مع قلة الطلب عليها وانخفاض القيمة الإيجارية. إلا أن الأوضاع الاقتصادية شجعت الكثير من المواطنين والمستثمرين بشكل عام على تشييد البنايات لمختلف الاستخدامات، حيث نرى حاليا قلة في الطلب على الشقق السكنية نتيجة تشبع سوق العقار بالكثير منها. وقد ساعدت عمليات التمويل المصرفي بما في ذلك الصيرفة الإسلامية في زيادة الاستثمار العقاري سواء من حيث البناء أو الشراء الجاهز. أما بالنسبة للاستثمار في القطاع السياحي فما يزال أقل من غيره من القطاعات الاستثمارية الأخرى، وذلك نتيجة ارتفاع نسبة المخاطرة حيث يحتاج قطاع السياحة إلى رؤوس أموال كبيرة كذلك فإن الجدوى الاستثمارية تكون على المدى البعيد، إلى جانب ذلك تشكل الإجراءات العديدة وعدم وجود تنسيق بين جهات الاختصاص التي تمنح تراخيص الاستثمار في المجال السياحي أسبابا لعدم المخاطرة في الاستثمار السياحي.
القطاع السياحي دون الطموح
يرى محمد بن صالح بن يوسف العمري (مكتب إمطي للخدمات العقارية) أن هناك نموا في الطلب على النشاط العقاري بمحافظة الداخلية بنسبة 10% تقريبا، حيث إن تأثير الأوضاع الاقتصادية الحالية على النشاط العقاري بسيط حتى الآن، والنشاط العقاري أقل من المتوسط من حيث الاستثمار بمحافظة الداخلية مقارنة بما هو متاح في محافظات السلطنة الأخرى، ومع زيادة العرض على الطلب فإن السوق العقاري سوف يوازن نفسه مع الطلب. وبالنسبة للتمويل المصرفي في النشاط العقاري فإن الاستثمار العقاري المعتمد على القروض البنكية ضعيف، وفيما يتعلق بالاستثمار في القطاع السياحي فما زال دون الطموح المأمول تحقيقه وذلك نتيجة ضعف الخدمات المقدمة وموسمية القطاع السياحي. وأشار العمري إلى الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمنافسة الاستثمارية خاصة في القطاع العقاري، وذلك بسبب نقص البيانات أو المعلومات التي يبني عليها المستثمر من أجل الاستثمار في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، ووجود المنافسة من قبل الملاك الذين لديهم رؤوس أموال من عائدات العقارات، والتركيز على العمل الفردي في نشاط العقارات، والطابع الاجتماعي للمواطن الذي يرغب في السكن المفرد.
فرص التطوير والاستثمار
من جهته قال فلاح بن أحمد الرقيشي مدير فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الداخلية عن مدى تأثر الاستثمار العقاري بمحافظة الداخلية ودوره في التنمية التجارية والاقتصادية:
نرى أن الوضع العقاري في محافظة الداخلية ما زال متماسكا ويملك الفرصة للتطوير والاستثمار، وذلك لوجود مقومات البنية التحتية في الخدمات الأساسية وفي ظل تنامي حركة المجمعات التجارية الكبيرة والتجارية المحاذية لهذه المجمعات، كما أن وجود منطقتين صناعيتين بمحافظة الداخلية في كل من طيمساء بولاية نزوى ( منطقة نزوى الصناعية)، وفي ولاية سمائل (منطقة سمائل الصناعية) أسهم في استقطاب المصانع الكبيرة والمتعددة، وتشجيع المستثمرين في توفير الدعم اللوجستي التي تحتاجه هذه المناطق من خدمات إسكانية للعاملين بها، إضافة إلى ذلك المخططات الصناعية في الولايات التي تمت بشكل مطرد في الفترة الأخيرة، كما أن وجود خيارات التمويل بعد فتح المصارف الإسلامية قد شجع الكثيرين على الخوض في مجال الاستثمار العقاري، ونأمل أن يستمر هذا النمو في كافة المجالات الاقتصادية لانعكاسه على الاقتصاد الوطني، حيث يمثل مردودا مجزيا للمستثمرين كافة، كما نأمل من المستثمرين العقاريين أن يضخوا استثماراتهم في المشاريع السياحية بحكم أن محافظة الداخلية منطقة جذب سياحي واعد وما زالت بحاجة إلى تنمية هذا القطاع في المجال العقاري.