السياحة البحرية، الدفاعات البحرية، إنتاج النفط البحري، الجزر البحرية، محاور برامج ومشاريع خليجية عملاقة بدأت في الفترات الأخيرة تأخذ حيزاً كبيراً في أروقة وأجندة الأعمال لدى دول المجلس التعاون الخليجي، تُوج آخرها بإعلان شركة "أرامكو" السعودية عن مشروع لإنتاج وتصنيع السفن والبواخر التجارية، وناقلات النفط، ومنصات استخراج النفط من البحر.
- النفط البحري
رئيس شركة أرامكو، أمين الناصر، كشف الخميس، 26 مايو/أيار، عن مشروع مشترك مع شركة النقل البحري في مدينة رأس الخير على ساحل الخليج العربي؛ لإنتاج وتصنيع السفن والبواخر التجارية، وناقلات النفط، ومنصات استخراجه من البحر، برأس مال يبلغ 6 مليارات دولار، موضحاً أن الحكومة أسهمت بـ3.5 مليار دولار، إذ من المقرر أن يوفر المشروع -الذي سيدخل الخدمة عام 2021- 14 مليار ريال سنوياً للاقتصاد السعودي (نحو 4 مليارات دولار).
كما وقعت السعودية اتفاقاً للتعاون المبدئي مع كوريا الجنوبية نهاية العام 2015؛ لتصنيع أول ناقلة بحرية عملاقة للبترول بأيدٍ سعودية، ذات جودة عالمية منافسة، تنطلق إلى أرجاء العالم بحلول العام 2021، حيث وقعت "أرامكو" مذكرة تفاهم شاملة مع مجموعة "هيونداي هيفي إندستريز" للتعاون في استكشاف وتطوير الأعمال بالسعودية، منها مجمع الصناعات البحرية.
وفي صيف العام 2015 دشنت السعودية أول سفينة عسكرية بحرية "الزور 10" محلية الصنع 100%، في ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، شرقي المملكة، صنعت لصالح قوات خفر السواحل الكويتية، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة الزامل للخدمات البحرية، سفيان الزامل.
و"الزور 10" يبلغ طولها 46 متراً، ضمن واحدة من أربع قطع بحرية عسكرية تبنى خصيصاً للإدارة العامة لخفر السواحل بوزارة الداخلية الكويتية، تختص بالعمليات اللوجيستية، والمراقبة، والدعم، والتموين، وتتمتع بتقنيات متقدمة، وقدرة عالية على المناورة.
- سياحة بحرية
بالإضافة إلى مشاريع إنتاج النفط من البحر تشهد المنطقة الشرقية تطوراً ملحوظاً في مرافقها السياحية، خاصة الواجهات البحرية التي تسعى الرياض إلى جعلها محطة جذب للسياح ممن يرغب بالمتعة والراحة والترفيه، حيث بدأت الشركات السياحية في المملكة مؤخراً باستثمار الجزر والواجهات المطلة على البحر، والتخطيط لدعم وتطوير السياحة البحرية.
وفي الإمارات دُشن نهاية العام 2014 مبنى المسافرين في محطة سفن الرحلات البحرية بــ"ميناء راشد"، التابع لشركة موانئ دبي العالمية، الذي يعد الأحدث والأكثر فخامة، وأكبر منشأة منفردة لسيّاح الرحلات البحرية في العالم، بقدرة استيعابية تصل إلى 14 ألف سائح يومياً.
ويمتد المبنى على مساحة 28 ألف متر مربع، ويُشكل أحدث إضافة إلى مرافق محطة سفن الرحلات السياحية في ميناء راشد بدبي، التي تعد أكبر وأحدث منشأة سياحية في الشرق الأوسط والمنطقة عموماً، وتتيح خدمة ما يصل إلى 7 سفن رحلات سياحية في وقت واحد، وأكثر من 25 ألف سائح.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 2015، موسم السياحة البحرية، سجل ميناء راشد أرقاماً قياسية، إذ شهد رصيف سفن الرحلات السياحية أكثر من 30 سفينة سياحية، على متنها أكثر من 150 ألف سائح، بينها 26 سفينة من 4 خطوط بحرية رائدة، بحسب المدير التنفيذي في دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، حمد بن مجرن.
وفي قطر من المقرر أن تستقبل الدوحة ما بين 35 إلى 40 سفينة خلال موسم 2016-2017 للسياحة البحرية، ويُتوقع أن تحمل هذه السفن على متنها قرابة 55 ألف راكب، بحسب الهيئة العامة للسياحة في قطر، التي تؤكد أن ذلك سيوفر فرصاً استثمارية جديدة، وغير مُستغَلة أمام الشركات، لتطوير المنتجات والخدمات السياحية التي يحتاجها الزوار القادمون على متن هذه السفن.
وجاء إعلان الهيئة بعد أن أبرمت اتفاقاً مع شركة "توي" الألمانية للرحلات البحرية، حيث تقوم بموجبه الشركة بإدراج قطر ضمن مسارات خطوطها، إذ ستُسيِّر 7 من بواخرها السياحية وعلى متنها نحو 17 ألفاً و500 زائر إلى قطر في موسم 2017-2018.
والاتفاق بين الهيئة القطرية والشركة الألمانية جاء تتويجاً لمشاورات جرت في منتدى سيتريد أوروبا، الذي أقيم في هامبورج الألمانية في 2015، وهو ما من شأنه أن يضع قطر على طريقها نحو تحقيق هدفها المتمثل في استقبال 250 ألف زائر على متن بواخر سياحية بحلول العام 2019.
وفي مجال الأمن البحري أنشأت قطر أكبر شبكة في المنطقة لكشف وتصنيف وتعريف الأهداف البحرية، تعتمد في جزء منها على منظومة ومعدات التتبع الآلي للسفن، والوسائط البحرية والطائرات، سواء داخل الدولة، أو العالم الخارجي، وتعمل إلى جانب دورها الأمني على تعزيز جانب السلامة والبيئة البحرية، بحسب مدير مشروع درع الوطن القطري، العميد الركن طيار محمد عبد اللطيف المناعي.
وأدركت الدوحة أهمية الأمن البحري، الذي على ضوئه قدمت الدعم اللامحدود لإنجاز المشاريع التي من شأنها تعزيز هذا المجال، وكذلك الحرص على إصدار القوانين والقرارات الداعمة، بحسب المناعي، الذي أكد أهمية مواجهة تحديات الأمن البحري في المنطقة الحيوية التي تتوافر بها أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم.
وتسارعت جهود دول الخليج في الفترات الأخيرة نحو الاستثمار في المجال البحري؛ لمواكبة برامج التحول التي تسير عليها دول المجلس نحو تطوير شامل لجميع القطاعات، وتحويل الإنفاق على الخدمات إلى فرصة استثمارية، وتوطين الصناعات، بحسب مراقبين، إلا أن ذلك يحتاج إلى قوانين أكثر مرونة بين دول مجلس التعاون، تسهم في توجيه الصناعات البحرية، وتكون أكثر ديناميكية، وتشجع نمو القطاع، وبتمويل من البنوك المحلية، بالإضافة إلى زيادة الوعي بأهمية الصناعات البحرية التي تعد أسرع في عائداتها الاستثمارية.