تعد السياحة أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تبرز في كرافد أساسي في التنمية الاقتصادية؛ ولذلك نجد ضخامة الاستثمارات المختلفة في القطاع السياحي، حيث تؤكد الأرقام أن السياحة العالمية بعد عشر سنوات من الآن ستكون المحرك الاقتصادي الرئيسي، حيث تمثل السياحة 9% من الناتج الإجمالي العالمي، وتوفر ما يقارب من نسبة الـ11% من إجمالي نسبة الأيدي العاملة على المستوى العالم، كما أنها تمثل 6% من الصادرات في جميع أنحاء المعمورة، وتمثل 30% من الصادرات في قطاع الخدمات، وهي تبرر مدى الاهتمام التي تضعه السلطنة لصناعة السياحة الواعدة التي ستصنع الفارق في المستقبل.
تعتمد العديد من الدول على السياحة، كمصدر مهم من مصادر الدخل الوطني، واستطاعت هذه الدول الحصول على مدخولات سنوية كبيرة من القطاع السياحي، ومن هذا المنطلق تسعى السلطنة من خلال استراتيجية طموحة، أعدتها وزارة السياحة، إلى أن تصبح من أهم المقاصد السياحية التي يزورها السائح لقضاء الإجازات، وللاستكشاف والاجتماعات؛ وأن تجذب 11 مليون سائح دولي ومحلي على أقل تقدير، وذلك باستثمارات تصل إلى إلى 19 مليار ريال عماني، نسبة استثمارات من القطاع العام فيها حوالي الـ12%، مما يزيد مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 6 إلى 10% بحلول عام 2040م وفقًا لمنهجيات مختلفة، بالإضافة إلى تنمية الاقتصاد المحلي وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 1200 مؤسسة في عام 2040م، بدلًا من 99 مؤسسة حالية.
أما أكبر الفوائد التي تجلبها تنمية صناعة السياحة في السلطنة، فهي ما تملكه السياحة من ميزة عالية في فرص العمل للباحثين، وذلك لارتباط العمل السياحي بالعديد من القطاعات. ووفق وزارة السياحة فإن السلطنة تسعى إلى زيادة عدد الوظائف المرتبطة بالقطاع حتى عام 2040م لتصل أكثر من 500 ألف فرصة عمل، تصل في الجزء الأول من الاستراتيجية (2016 ـ 2020) إلى إيجاد أكثر من 76384 فرصة عمل مباشرة جديدة وتطبيق المبادرات الخاصة بأدوات القيادة والتمكين، فيما يتضمن تنفيذ الجزء الثاني من الاستراتيجية (2021 ـ 2030) إطلاق ثلاث تجارب عمانية مهمة توفر أكثر من 126900 فرصة عمل مباشرة جديدة، أما الجزء الثالث (2031 ـ 2040) إطلاق ثلاث تجارب عمانية مهمة، تسهم في إيجاد أكثر من 242900 فرصة عمل مباشرة جديدة.
وبرغم طموح الاستراتيجية على مستوى الاستثمار أو التوظيف أو المساهمة في الدخل المحلي، إلا أن ذلك يجب أن يتواكب مع معلومية أن مستوى أداء القطاع السياحي يعتمد بشكل مباشر على زيادة الإنتاجية في القطاعات التي تتصل به والخدمات التي تتفاعل معه، ومنها مرافق النقل، وشبكات الاتصالات، وخدمات الكهرباء والمياه، وحتى القطاعات المنتجة مثل القطاع الزراعي والصناعي. فلا يكفي تطوير المواقع السياحية الحديثة إذا كان من المتعذر الوصل إليها أو كانت تفتقر للخدمات الأساسية، حيث يجلب قطاع السياحة الاستثمار اللازم لتطوير الخدمات الأساسية في المناطق المجاورة للمواقع السياحية، وبالتالي يعطي حافزًا لتنمية القطاعات الأخرى.
فلا بد من إدراك القائمين على قطاع السياحة أن هناك علاقة وثيقة بين تنمية قطاع السياحة والتنمية الاقتصادية بمفهومها العام، وأن يقرأو جيدًا تجارب الدول المتقدمة التي طورت وحسنت مستوى الخدمات الأساسية التي تتفاعل مع تنمية قطاع السياحة، مثل النقل والاتصالات، والمياه والكهرباء، والخدمات الصحية، بالإضافة إلى توفير أسباب الجذب السياحي الإضافية لتلبية احتياجات مختلف فئات السياح، ما أهلها بفضل التوسع في تسويق السياحة وترويجها إلى ازدياد عدد السياح الوافدين إليها.
رأي الوطن العمانية-