ياسين السليمان - الخليج أونلاين-
لا تزال لعنة الإفلاس وتراجع الأرباح تطارد شركات استثمارية وتجارية في الإمارات منذ أكثر من 3 سنوات، والتي شملت خطوط الطيران المحلية؛ "طيران الاتحاد" و"الإماراتية"، التي أعلنت تكبُّدها خسائر بالمليارات خلال العام الماضي، رافقها التخلي عن عدد من المكاتب الدولية والاستثمارات الخارجية.
ولطالما شكلت "الاتحاد للطيران" و"طيران الإمارات"، المدعومتان حكومياً، تهديداً كبيراً على شركات الطيران الغربية والأمريكية، لكن النتائج الأخيرة التي تعلنها قد تُنهي "سنوات العزّ" التي عاشتها.
وخلال السنوات الأخيرة، بدأ بريق شركات الطيران الإماراتية يذوب تحت وطأة وقساوة الخسائر مع تراجع الأرباح السنوية؛ إذ أعلنت شركة "طيران الاتحاد"، 10 أغسطس 2017، أن قيمة خسائرها عن عام 2016 قد بلغت 1.87 مليار دولار؛ نظراً إلى تراجع قيمة أصولها وضعف عائدات استثماراتها في شركتي "أليطاليا" و"إيربرلين".
و"الاتحاد"، هي شركة تمتلكها حكومة أبوظبي بالكامل، وبدأت برأسمال قدره نصف مليار درهم (قرابة 147 مليون دولار)، وتتخذ من مطار أبوظبي الدولي مركزاً لعملياتها، وتقدم خدماتها إلى 82 وجهة عالمية.
وتعتبر إحدى الدعائم الاقتصادية الهامة لإمارة أبوظبي، لا سيما دعم رؤية تطوير السياحة، وتنمية التجارة، وتعزيز الروابط مع الأسواق الإقليمية والدولية الرئيسة.
وتقول "طيران الاتحاد" إن تراجع أرباحها يأتي متزامناً مع تهاوي أسعار الوقود عالمياً؛ إذ تعتمد دول الخليج على إيرادات النفط بنحو 90%، لكن تقريرها لعام 2016 يذكر أن خسائر الشركة المملوكة للدولة ناجمة عن تراجع تقييم أسعار طائراتها، فضلاً عن استحواذها على حصص في "أليطاليا"، بالإضافة إلى "إير برلين" التي تخلت عن دعمها الأسبوع الماضي، وتعتزم الشركة الألمانية إعلان إفلاسها.
وقال محمد مبارك المزروعي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاتحاد للطيران، في بيان: "أسهمت مجموعة من العوامل في هذه النتائج المخيبة للآمال لعام 2016".
ويعمل مجلس الإدارة مع فريق الإدارة التنفيذية، منذ عام 2016، على معالجة القضايا والتحديات التي تواجه الشركة، من خلال مراجعة استراتيجية شاملة لأداء المجموعة، تشمل الشراكات بالحصص.
وبالإضافة إلى الأزمة الإدارية التي عصفت بعملاق الطيران الإماراتي في ديسمبر الماضي، وأدت إلى استقالة جيمس هوغن الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة "طيران الاتحاد"، قررت السلطات الرسمية مراجعة خطط الشركة الاستراتيجية، وتسريح عدد من موظفيها؛ لتفادي الخسائر المحتملة التي قد تعصف بها قبل نهاية العام الجاري؛ نتيجة التراجع المستمر والخسائر المتتالية في شراكاتها الخارجية وتذبذب الاقتصاد المحلي.
ورغم الخطط المزمع تنفيذها في النصف الثاني من عام 2017، لا تزال تفرض الإمارات، إلى جانب السعودية والبحرين ومصر، حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على قطر؛ إذ أسهم الحظر الجوي في تراجع عدد رحلات الطيران الإماراتية من الدوحة وإليها، وتكبُّدها خسائر، لا تفصح عنها بوضوح.
ومنذ تأسيسها عام 2003، بدأت شركة "طيران الاتحاد" التوسع سريعاً؛ إذ اشترت حصص أقلية في شركات طيران حول العالم؛ لتعزيز مساعيها لزيادة حصتها من النقل الجوي العالمي أمام منافسيها الخليجيين الكبار، لكن تراجع الأرباح والتقييم لطائراتها، مؤخراً، يبدو أنه أطاح بآمال الشركة العملاقة.
وفي مايو 2017، وُضعت شركة "أليطاليا"، التي تتكبد خسائر منذ سنوات، تحت الوصاية بطلب من مساهميها، بعد رفض موظفيها خطة إعادة هيكلة كلفتها 2 مليار يورو، تشمل إلغاء 1700 وظيفة وتخفيض الرواتب. في حين ارتفعت خسائر شركة "إير برلين"، خلال العامين الماضيين، إلى 1.2 مليار يورو (1.4 مليار دولار)، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وعقب استقالة هوغن وتراجع تقييم "طيران الاتحاد"، قال محمد مبارك بن فاضل المزروعي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاتحاد للطيران، إن الإدارة تواصل إجراء مراجعة استراتيجية للشركة في ظل التحديات التي تشهدها السوق، بحسب تعبيره.
صاج أحمد، محلل الطيران في معهد أبحاث "استراتيجيك أيرو"، علَّق لشبكة "سي إن إن" الإخبارية، قائلاً: إنه "في حين حققت (الاتحاد للطيران) نجاحاً مع الخطوط الجوية الصربية وطيران سيشل، تصارع للالتفاف حول طيران برلين وأليطاليا"، التي لم يحالفها الحظ في الحفاظ عليهما.
وكان هوغن رئيس شركة طيران أبوظبي منذ عام 2006، وتحت قيادته نمت الشركة لتصبح واحدة من 3 شركات طيران خليجية رئيسة، حيث تتنافس مع الخطوط الجوية القطرية و"طيران الإمارات"، لكن الأزمة الإدارية في المجموعة الإماراتية أدت إلى استقالته من منصبه، على أن يترك الشركة في النصف الثاني من العام الجاري، بالإضافة إلى المدير المالي جيمس ريجني، في وقت لاحق من العام الجاري أيضاً.
- "طيران الإمارات" تدخل خط التراجع
دخلت شركة طيران الإمارات، المملوكة لحكومة دبي، على خط إعادة الهيكلة، حيث أعلنت في يناير الماضي، وفقاً لوكالة "رويترز"، أنها شرعت في "إعادة هيكلة متواضعة"، بعد شهرين من الإفصاح عن هبوط أرباحها نصف السنوية 75%. في حين انخفضت الأرصدة النقدية للمجموعة بنسبة 19%، وبلغت 19.1 مليار درهم.
وعزت المجموعة تراجع أرباحها السنوية بنسبة 82.5% إلى 340 مليون دولار خلال العام المالي 2016؛ بسبب المنافسة القوية في أجواء العمل، وتراجع أسعار العملات والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة على الرحلات الجوية، والتعديلات في أسعار الرحلات.
وتراجع طلب المسافرين على شركة "طيران الإمارات"، خلال النصف الأول من عام 2017، نتج عنه خفض رحلاتها للولايات المتحدة، وأعادت الشركة توزيع 8 طائرات في أماكن أخرى، بعد توقف عمل 13 طائرة؛ نتيجة تقليص الرحلات إلى أمريكا منذ شهر مايو الماضي، وقالت إنها ستتجه نحو السعودية؛ لتعويض الطلب، بحسب وكالة "رويترز".
وتراجع تصنيف "طيران الإمارات" من أفضل الناقلات الجوية في العالم ثلاث درجات، وأصبحت في المرتبة الرابعة، بعدما كانت تتصدر اللائحة العالمية في عام 2016. وحلّت "الخطوط الجوية القطرية" هذا العام في المرتبة الأولى، وذلك للمرة الرابعة في تاريخها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتكبد شركات الطيران الإماراتية خسائر موجعة؛ إذ تكبدت الشركة الحكومية خسائر بلغت قيمتها 60 مليون دولار خلال 6 أيام فقط، في حين تأثر 100 ألف مسافر في عام 2010، حيث بلغت الخسائر في اليوم الواحد 10 ملايين دولار، بحسب رئيس "طيران الإمارات"، تيم كلارك، الذي علّق على الموضوع بأنه أسوأ أزمة تضرب صناعة الطيران منذ أحداث11 سبتمبر 2001.