طه العاني - الخليج أونلاين-
تشهد المطارات الداخلية في السعودية حركة سفر نشطة بالتزامن مع الإجازة الصيفية وحلول عيد الأضحى، حيث تضم البلاد 15 مطاراً داخلياً تتفاوت في تجهيزاتها ومساحات مرافقها بحسب حاجة كل مطار وفق الحركة الجوية فيه.
وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت، في مارس الماضي، إلغاء جميع الإجراءات الاحترازية التي فرضتها بسبب جائحة كورونا، ما أدى إلى تزايد إقبال السعوديين على السفر.
ثلاثة أضعاف
ومع ازدياد أعداد المسافرين سجلت رحلات الطيران الداخلية في المملكة زيادة سعرية خلال أسبوع تضاعفت أكثر من 300% في بعض الرحلات، وفق تقرير أعدّته صحيفة "الوطن" السعودية.
وأظهر استقصاء نشرته الصحيفة، مطلع يوليو 2022، تناول أسعار رحلات الطيران في الأسبوع الأخير من العام الدراسي، وبداية الإجازة المدرسية، التي يتوافق حلولها مع إجازة عيد الأضحى للقطاع العام، حدوث ارتفاع كبير في أسعار الرحلات الداخلية تتراوح بين 32% و314%.
وبحسب الدراسة التي قارنت بين أسعار الرحلات يوم 25 يونيو 2022 وأسعار 30 يونيو من الشهر ذاته، فقد سجلت الرحلات بين الدمام والرياض أقل نسبة ارتفاع ضمن أقل الأسعار المتوفرة بعدد من خطوط الطيران، حيث بلغت الزيادة 32%، فيما سجلت الرحلة إلى مدينة جدة زيادة بنسبة 259%، وازدادت تكلفة الرحلة إلى مدينة الطائف بنسبة زيادة 314%، وبلغت نسبة الزيادة للمدينة المنورة 311%، فيما سجلت الرحلات إلى أبها زيادة نسبتها 152%.
يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور إن سعة امتداد النطاق الجوي للمملكة وتشعبه، وتباعد المساحات وتعدد نقاط التجمعات السكانية والمدن السياحية، أدى إلى خلق شبكة نقل جوي داخلي كبيرة، مع وجود عدد من مزودي خدمات النقل الجوي.
ويذكر "الهور" في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن امتداد النطاق البري متسع جداً يصل إلى آلاف الكيلومترات بين بعض المناطق، ولكن تأثرت حركة النقل البري بارتفاع أسعار الوقود، لذا أصبح التوجه نحو التنقل الجوي.
ويبين أن السياحة الداخلية ازدهرت بشدة بعد التعقيدات التي شهدها قطاع السياحة والسفر العالمي أثناء جائحة كورونا وبعدها، مشيراً إلى أن الكثير اكتشف المملكة بما فيها من تنوع جغرافي ومناخي واجتماعي.
ويلفت إلى أن السياحة الداخلية أصبحت مقصداً ومتطلباً حقيقياً لمن يعيش داخل المملكة، ما انعكس على صناعة خدمة الطيران الداخلي، والذي تعامل مع تلك الحاجة لتحقيق أفضل العوائد.
ويؤكد أن العرض والطلب وتوقيت الحجز وموعد الرحلات هي العوامل الأساسية في تحديد الأسعار، إضافة إلى تبدل المواسم بين مواسم الحج أو الأعياد أو العطل الرسمية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسب تقارب الـ300% في بعض الأحيان.
اضطراب تسعيري
وتشهد أسعار تذاكر السفر الداخلي بين مدن السعودية، منذ أبريل الماضي، اضطرابات بالتسعير شملت جميع شركات الطيران العاملة في المملكة، ما دفع بعض المواطنين إلى إطلاق شكاواهم عبر وسم "#أسعار_الرحلات_الداخلية" الذي تصدّر موقع "تويتر".
ونقلت صحيفة "إندبندنت عربية"، في الـ27 من أبريل الماضي، عن المتخصص في قطاع الطيران عمر القحطاني، دعوته هيئة الطيران المدني في السعودية إلى إيقاف الفوضى التسعيرية بتذاكر الطيران، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بالأسعار، ويغالي فيها دون أسباب معقولة ومقبولة.
واعتبر القحطاني أسعار التذاكر الحالية غير منطقية إذا ما قورنت بالخدمات المقدمة، سواء الخدمات الأرضية أو الخدمات الجوية، مستدركاً بالقول: "لا أطالب هنا بتخفيض الأسعار بقدر ما أطالب بالرقابة الصارمة من هيئة الطيران المدني وحماية المستهلك على شركات الطيران، لوقف أي تلاعب أو جشع أو استغلال يستهدف المواطن والمقيم".
وشدد على ضرورة تحرك هيئة الطيران المدني السعودية لوقف التسعير غير المنطقي، وتضخم أسعار الرحلات، مضيفاً: "أصبحت مطاراتنا اليوم أشبه بأن تكون متحفاً أرضياً لطائرات حديثة تحت ما يسمى برامج التخزين، ومن هنا لا بد من تعزيز وجود الدور الرقابي من الطيران المدني، والسعي نحو حماية المستهلك".
مراجعة الأسعار
ويبدو أن إجراءات الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية لم تكن كافية للسيطرة على أسعار التذاكر، والتي واصلت الارتفاع خلال الأشهر الأخيرة.
وتعزو هيئة الطيران المدني أسباب ارتفاع أسعار التذاكر إلى تأثر الطيران بجائحة كورونا، التي أثرت بدورها على العالم، وسياسة السوق الحرة، وارتفاع أسعار الوقود.
وأعلنت الهيئة، في 25 أبريل الماضي، أنها لاحظت مؤخراً تغيّر نمط أسعار بعض فئات التذاكر الجوية، مشيرة إلى أنها تابعت باهتمام ما يتداول من معلومات عن أسعار تذاكر السفر الداخلي.
وأكدّت وقتها أن هذه الإجراءات ستضمن توفير أسعار مناسبة للمسافرين، وتعزيز التنافسية في قطاع النقل الجوي، والتركيز على أن مبدأ حقوق المسافرين وحمايتهم أولوية قصوى تلتزم بها الهيئة.
ضعف الرقابة
ويرى متابعون لهذا الشأن أن ضعف الرقابة على شركات الطيران أدى إلى تذبذب الأسعار حتى باتت بعض الرحلات الدولية أرخص من نظيرتها الداخلية، في مشهد غير مألوف.
وحول ذلك يرى الكاتب علي الشريمي أن السبب الحقيقي لارتفاع أسعار تذاكر الرحلات الداخلية يعود بشكل رئيس إلى هيئة الطيران المدني ومدى اتخاذها التدابير الإدارية والتشريعية لحفظ حقوق المسافر وحمايته كمستهلك نهائي للخدمة، "فهناك أسعار مبالغ فيها لا تنسجم أبداً مع الخدمة المقدمة".
ويعرب الشريمي في مقال نشرته صحيفة "الوطن" السعودية، أبريل الماضي، عن استغرابه من تصرفات بعض موظفي شركات الطيران التي لا تنسجم مع أدبيات الاتصال والتواصل مع العميل، مستدلاً بالقول: إنه "وحتى لو كتبت في الاستبيان عن عدم رضاك عن الخدمة لن يتواصل معك أحد، فالعملية لا تعدو كونها عملية لوجستية لا أكثر".
ويضيف أن "كل هذه الدلائل تشير إلى غياب الرقابة والمحاسبة لشركات الطيران، والكل يعلم أن الشركات المختلفة تتحرك استثمارياً وفق مبدأ العرض والطلب، هذا لا خلاف فيه".
وأضاف: "لدينا رؤية 2030، ولدينا أهداف، نريد أن نصل إلى 30 مليون سائح، لكننا غير موجودين في قائمة أفضل 20 شركة طيران في العالم، بحسب تصنيف (سكاي تراكس) الأخير".
ويعمل في قطاع الطيران الداخلي ثلاث شركات سعودية؛ هي الخطوط السعودية المملوكة من الدولة، وطيران أديل وهي شركة طيران اقتصادي تابعة للخطوط السعودية، وطيران ناس وهي شركة طيران اقتصادي من القطاع الخاص.