محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
في خطوة استراتيجية غير مسبوقة، بدأت السعودية وإيران دراسة اقتراح إلغاء التأشيرة السياحية بين البلدين، وهو ما يعكس تطلع الدولتين إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية وتعزيز التواصل بين الشعبين.
ويتوقع أن يجلب إلغاء التأشيرة في حالة اتخاذها، فوائد اقتصادية كبيرة للبلدين، خاصةً أن السياحة تمثل قطاعاً حيوياً في الاقتصاد.
وتعكس الخطوات المتخذة نحو تسهيل السفر بين السعودية وإيران رغبة البلدين في تقوية العلاقات وبناء مستقبل مشترك، خاصة بعد استئناف العلاقات بينهما في مارس الماضي، برعاية صينية.
وستسهم الخطوة السعودية الإيرانية، في تسهيل حركة المسافرين بين البلدين، حيث ستستفيد المملكة من جذب الزوار الإيرانيين، خصوصاً لزيارة المواقع الدينية والثقافية، بينما ستكتسب إيران فرصة استقطاب السياح السعوديين المهتمين بتراثها وثقافتها.
وتساعد السياحة في تبادل التجارب والثقافات بين الشعوب، خاصةً أن زوار البلدين سيحصلون على فرصة لاكتشاف تاريخ وثقافة الطرف الآخر، مما يسهم في تقوية العلاقات وكسر الحواجز الناتجة عن سنوات من التوتر السياسي.
ومن الممكن أن تكون إزالة التأشيرة السياحية بين البلدين خطوة نحو تعزيز التعاون في مجالات أخرى مثل التجارة، والاستثمار، والتعليم.
وبعد شهر ونصف الشهر على اتفاق البلدين في مارس الماضي، ألغت طهران حظر سفر مواطني السعودية إليها، عقب حظر استمر 7 سنوات، حسبما أفادت وكالة "إسنا" الإيرانية، السبت (15 أبريل 2023).
على الصعيد ذاته أعلنت منظمة الخدمات السياحية في إيران قراراً سعودياً باستئناف الطيران المباشر بين البلدين وتسهيل الرحلات في المستقبل القريب.
الخطوة الرسمية
جاء الحديث عن إلغاء التأشيرة بين السعودية وإيران، من خلال إعلان نائب وزير التراث الثقافي والسياحة الإيراني مريم جلالي دهكردي، الجمعة (29 سبتمبر)، استمرار الجهود الإيرانية والسعودية لتطوير العلاقات السياحية وإلغاء التأشيرة بين البلدين.
وبحسب ما ذكرته قناة "العالم" الإيرانية، جاء ذلك خلال مشاركة "دهكردي" في فعاليات "يوم السياحة العالمي"، بالعاصمة السعودية الرياض.
وقالت المسؤولة الإيرانية: "تم تبادل الأفكار مع وكيل وزير السياحة السعودي للعلاقات الدولية والسياحة الخارجية سلطان المسلّم، حول سبل إزالة العوائق التي تعترض تطوير العلاقات السياحية بين البلدين".
ووجهت الوزيرة الإيرانية دعوة لوزير السياحة السعودي لزيارة إيران، واقترحت تشكيل فريق عمل لإلغاء التأشيرات بين البلدين.
وأكدت أن اللقاء تطرق إلى الإمكانات التي يتمتع بها البلدان في قطاعي السياحة والحرف اليدوية، مضيفة: "تقرر مواصلة تبادل الأفكار والمفاوضات على مختلف المستويات للتعرف على شتى مجالات التعاون الثنائي".
وسبق حديث المسؤولة الإيرانية، تأكيد السفير السعودي في طهران، عبد الله بن سعود العنزي، مؤخراً، سعادته ببدء فصل جديد من العلاقات مع إيران.
وحسب تصريحات العنزي، لوكالة "إرنا" الإيرانية، فإن هذا الفصل من العلاقات مع إيران سيكون قوياً على جميع الأصعدة التجارية والاقتصادية والاستثمارية.
نمو اقتصادي
الكاتب والمحلل الاستراتيجي، سعيد المحروقي، اعتبر أن الحديث عن إلغاء التأشيرة بين السعودية وإيران بعد التقارب بينهما، سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتبادل الاستثماري بين البلدين وتعزيز الاستيراد.
ويقول المحروقي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "رفع التأشيرة سيعزز العلاقات بين البلدين، ونمو قطاع السياحة لدى السعودية وإيران، خاصةً أن البلدين يمتلكان مقومات سياحية".
وأوضح أن السعودية قامت بإنشاء مدن سياحية متكاملة، وعملت على تنشيط وتعزيز السياحة لديها إلى جانب سياحة الحج والعمرة، من خلال استحداث أماكن سياحية جديدة.
وأشار إلى أن السائح السعودي معروف بإنفاقه العالي، وهو ما سينعكس على إيران، التي توجد لديها أيضاً مناطق طبيعية جميلة لاستقطاب السياح، خاصة خلال فترة الصيف.
ويلفت إلى أن السعودية "تعمل على استقطاب الشركات من إيران ودول عدة في قطاع السياحة من خلال رفع القيود على التأشيرة وجعلها في المطارات فقط".
تطوير للعلاقات
وحول الخطوة السعودية الإيرانية، أكد المتخصص بالشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي السعودي، عيسى آل فايع، أن تطبيق اتفاق "إلغاء التأشيرة السياحية" بين الرياض وطهران ممكن، في إطار تطوير العلاقات الحاصل في الوقت الراهن.
وحسب حديث آل فايع، فإن "فصلاً جديداً من العلاقات السعودية الإيرانية انطلق منذ شهر مارس الماضي، إثر توقيع اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والذي ترعاه الصين".
ووفق حديث آل فايع لوكالة "سبوتنيك" الروسية، "بدأت إجراءات تنفيذ الاتفاق، على أرض الواقع منذ ذلك الحين".
ولا يستبعد إمكانية تنفيذ اتفاق إلغاء التأشيرة السياحية بين البلدين في سياق استعادة العلاقات الدبلوماسية، التي تم الاتفاق عليها، "ما دامت إيران تتعامل مع جيرانها بشكل إيجابي وملتزم".
ويرى أن الجوانب الإيجابية تتمثل في "تحقيق عائد اقتصادي أفضل للبلدين والسماح بمزيد من التبادل التجاري، إضافة إلى التواصل الثقافي بين الشعبين، وتسهيل تعرُّف كل منهما على المعالم السياحية في الدولتين".
القدرات السياحية السعودية
تمتلك السعودية عديداً من الخيارات للسياحة الإيرانية بدءاً من المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وصولاً إلى الأماكن الطبيعية.وبدأت المملكة في الاستثمار بقوة في قطاع السياحة كجزء من رؤيتها 2030 لتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل جديدة، حيث أنشأت عديداً من المنشآت التي تخدم القطاع السياحي في البلاد، وهو ما سيكون متاحاً أمام السياح الإيرانيين.وتتميز المملكة بتنوع جغرافي كبير، من الصحاري الشاسعة مثل الربع الخالي، إلى المرتفعات الجبلية في مناطق مثل أبها والباحة والعلا.
السياحة الإيرانية
تعد إيران من الدول ذات التراث العريق والثقافة الغنية، وهي تمتلك مجموعة متنوعة من المواقع السياحية التي تجمع بين الطبيعة والتاريخ.
توجد في إيران مواقع أثرية مثل تخت جمشيد (بيرسبوليس)، ومدينة أصفهان التي تحتوي على عديد من المعابد والجسور والبازارات التاريخية، ومدينة شيراز وهي مهد الشعر الفارسي، إضافة إلى أماكن تظهر العمارة الإيرانية المعروفة بتصاميمها الفريدة.
وتتميز إيران أيضاً بوجود مناطق طبيعية خلابة مثل بحيرة أورومية، وجبال البرز، والصحراء الفارسية.