يوسف حمود - الخليج أونلاين-
يعد القطاع السياحي أحد أهم ركائز تحقيق رؤية السعودية 2030، للإسهام في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وخفض الاعتماد على النفط، حيث حققت خلال السنوات الماضية أرقاماً كبيرة في عدد السياح، ما يشير إلى الخطط المستمرة لتطوير هذا القطاع الهام سنوياً.
وتعتبر السياحة في السعودية من أهم القطاعات الحيوية التي بدأ النشاط الاقتصادي في المملكة بالتصاعد عبرها؛ حيث تمتاز الدولة بتنوع وجمال وطبيعة المعالم السياحية المميزة، والتي تحاكي الذوق العالمي، فضلاً عن جذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
ومؤخراً بدأت السعودية تخطط بجانب جديد في القطاع السياحي يتمثل في "سياحة الكهوف"، والذي يعد أحد وجهات الجذب لأنماط السياحة البيئية والجيولوجية في المملكة، حيث بدأت الرياض بالعمل على تفعيلها والسعي لاكتشاف المزيد منها والوقوف على جاهزيتها.
خطوة جديدة
في خطوة جديدة لتطوير السياحة في السعودية، كشف خبير الكهوف في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية محمود الشنطي، أن الهيئة منفتحة على استغلال الكهوف للأغراض السياحية والعلمية، وذلك كجزء لا يتجزأ من مشاركتها في رؤية المملكة 2030.
الشنطي الذي كان يتحدث لموقع "العربية نت" السعودي، (10 يوليو 2024)، قال: "نحن نعمل على تثقيف وخلق الوعي بوجود مثل هذه الثروات في المملكة، والمساعدة في استكشاف مجالات وفرص جديدة، من شأنها أن تجعل السياحة الصحراوية تزدهر على أيدي أبناء الوطن".
وأكد أنه "تم وضع بعض التصورات والمقترحات لتفعيل مجال استغلال إحدى الثروات الجيولوجية الوطنية المهمة، واستغلالها بتقديمها لسوق الاستثمار السعودي، للاستفادة منها في قيام صناعات ومشاريع جديدة".
وأوضح أن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، لكونها مسؤولة عن اكتشاف الكهوف الداخلية في السعودية، تؤدي واجبها بالقيام بأعمال التدريب والتطوير في هذا المجال.
وذكر الشنطي أن سياحة الكهوف جزء رئيس في دعم أنشطة السياحة البيئية، التي تعد من أهم أنواع السياحة، وهي المغامرات التي تجذب الزائر لخوضها.
كما أن هناك مزيداً من الكهوف التي تختفي تحت سطح الأرض، سوف تكشف عنها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وتعمل عليها حالياً لكي تضاف إلى لائحة الكهوف السابقة التي أصبحت وجهة للزوار.
كهوف السعودية
أطلق على بعض كهوف السعودية اسم الدحل أو الغيران، وهي شقوق أو مغارات في الجبال أو الأرض، ويوجد العديد من الكهوف في المملكة تتخذ أشكالاً مختلفة، تكونت بواسطة العوامل الجيولوجية.
يقدر عدد الكهوف بالآلاف، ولكن لم يتم اكتشاف إلا المئات منها حتى الآن، ويختلف حجم هذه الكهوف بين مساحات صغيرة جداً لا تكاد تستوعب شخصاً، وممرات تمتد عشرات الأمتار أو أكثر.
وتم اكتشاف أكثر من 300 كهف، يقع معظمها في المنطقة الوسطى شمال الرياض، ومنطقة الصمان والحارات في المنطقة الشرقية، واكتُشف أكثر من 230 كهفاً عميقاً وضحلاً، يتكون من الحجر الجيري والجبس والمعادن الأخرى في صحاري المملكة.
أبرز وأشهر تلك الكهوف هي غار حراء شرقي مكة المكرمة، على قمة جبل حراء (جبل النور)، وكهف شغفان الذي يعتبر أحد أكبر الكهوف في السعودية، حيث يبلغ طوله كيلومترين، وارتفاعه 8 أمتار، أما بالنسبة لعمقه فيصل إلى 800 متر تحت الأرض، وكهف دحول عين هيت (الغوص في الصحراء) الذي يقع جنوب شرق الرياض قرب مدينة الخرج.
وفيها كذلك كهف درب النجم في صحراء المجمعة الشرقية، وكهف السحالي، وكهف الطحلب، وكهف المفاجأة، وكهف جبل القارة في المنطقة الشرقية، وكهف الشويمس جنوب غرب منطقة حائل، وكهف أبو قطور جنوب غرب مدينة حوطة سدير.
خطوات سابقة
لم يكن هذا الإعلان هو الأول في إطار تعزيز السياحة في المملكة، ففي مطلع العام 2022 وجدت السعودية وجهة جديدة لفتت أنظارها لتعزيز قطاع السياحة في البلاد ضمن خططها للانفتاح على العالم، ولتنويع إيراداتها العامة والتوقف عن الاعتماد على صادرات النفط الخام مصدر دخل رئيساً.
هذه الوجهة كشفت عنها بإعلانها (20 يناير 2022) إطلاق "مجموعة بوتيك" لتطوير وإدارة وتشغيل سلسلة من القصور التاريخية والثقافية الشهيرة في المملكة.
وحسب وكالة الأنباء السعودية (واس) حينها فإن المرحلة الأولى من المشروع تهدف لتطوير ثلاث وجهات تاريخية؛ وهي قصر الحمراء في جدة، الذي سيضم 77 غرفة تشمل 33 جناحاً فاخراً و44 فيلا فاخرة.
وتشمل المرحلة الأولى أيضاً قصر طويق بالرياض، الذي سيضم 96 غرفة بـ40 جناحاً فاخراً و56 فيلا فاخرة، والقصر الأحمر في الرياض، الذي سيحتوي على 71 غرفة تشمل 46 جناحاً فاخراً و25 غرفة ضيافة فاخرة.
وضمن القصور الملكية التاريخية كذلك قصر "خُزَام" في مدينة جدة غرب المملكة، وكان أحد القصور التي يسكنها الملك عبد العزيز آل سعود.
أهمية قطاع السياحة
يقول الخبير الاقتصادي عاصم أحمد: إن "الدول حول العالم دخلت في منافسة شرسة لاجتذاب السياح نظراً لأهمية هذا القطاع من الناحية الاقتصادية والثقافية أيضاً".
وأضاف أحمد: "انتعاش وتطور قطاع السياحة يعني تحقيق عائد مادي كبير وبالعملات الأجنبية، إضافة إلى توفير فرص عمل لعشرات الآلاف، وتشغيل قطاعات واسعة في الدولة، علاوة على الجانب الثقافي، حيث تروج الدول التي تستقطب السياح ثقافتها وتوجهاتها، ما يحقق لها سمعة جيدة بين شعوب العالم".
ورأى، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "السعودية باتت تسعى لاستغلال كل فرصة ممكنة لتعزيز ودعم قطاع السياحة لديها؛ بهدف استقطاب أكبر عدد من السياح لتحقيق أهدافها الخاصة بتنويع الاقتصاد وخفض معدلات البطالة".
وأعرب الخبير الاقتصادي عن تفاؤله بنجاح المملكة في تحقيق خططها المتعلقة بتطوير قطاع السياحة في حال استغلال الإمكانيات الكبيرة التي تملكها بشكل جيد، والتفكير بعيداً عن الطرق التقليدية لاستقطاب السياح.
اكتشافات مختلفة
تعددت الاكتشافات الجيولوجية في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، لتنفض الغبار عن تاريخ حقب عاشتها شبه الجزيرة العربية، وتوثق لأنواع مختلفة من الحياة في تلك الحقب.
وباتت هذه الاكتشافات تتحول تدريجياً إلى عنصر جديد للجذب السياحي في ظل عمل المملكة على تعزيز إيراداتها من السياحة الخارجية ضمن استراتيجيتها لتنويع اقتصادها وترك الاعتماد على النفط.
وبات قطاع السياحة عنواناً بارزاً في خطط الرياض الاستراتيجية لتنويع اقتصادها في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة والمخاطر التي تواجه قطاع النفط الخام.