هاني الفردان- الوسط البحرينية-
أثار وزير الصناعة والتجارة والسياحة، زايد الزياني، قضية بالغة «الحساسية» عندما تحدث عن أن «البحرين لا توجد فيها هوية سياحية تميزها»، مؤكداً وجود خطة لإطلاق الهوية الجديدة للسياحة والترويج عنها في مختلف الفعاليات السياحية الخارجية والداخلية.
الوزير أفصح عن وضع خطة لتصميم وإطلاق هوية سياحية تصحبها حملة ترويجية متكاملة، منوّهاً إلى أن العروض السياحية الموجهة إلى البحرين قليلة، كما لا توجد مقاصد متنوعة بمتطلبات السياح، إلى جانب عدم وجود جهة مختصة بتطوير المشاريع السياحية.
رسمياً، فإن البحرين بلا هوية «سياحية»، ولذلك تحدث الوزير عن خطة لتصميم وإطلاق ذلك النوع من الهويات التي تحتاجها البحرين، وكما يقال أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل.
لا علاقة للوزير بما سنتحدث عنه، إلا أن حديثه عن عدم وجود «هوية سياحية» إلى البحرين، فتح الباب لنا للحديث عن الهويات الأخرى.
ماذا عن الهويات الأخرى؟ هل لدى المشرع البحريني والجهات التنفيذية خطط نحو تحقيق أو تفعيل الهوية الاقتصادية أو الهوية الاجتماعية، أو الهوية الرياضية، أو حتى الهوية السياسية التي أصبحت مضمحلة مع تراجع واضح وكبير لدور الجمعيات السياسية التي أصبحت ميتة أو شبه ميتة سواء كانت معارضة أو حتى «موالية»؟
في عمود بعنوان «الهوية الوطنية» نشر عبر وكالة أنباء البحرين (بنا) في فبراير/ شباط 2012، تم الحديث عن أن هناك علاقة وثيقة بين الهوية الوطنية والتحول الديمقراطي في كافة المجتمعات، وخصوصاً تلك التي نشأت فيها الديمقراطية حديثاً. إذ تتطلب عملية التحول الديمقراطي مواكبة عملية بناء الهوية الوطنية، وألا تكون هناك فجوة بين التحول الديمقراطي والهوية لأنها تخلق عادة مجموعة من الأزمات.
بحسب ما هو منشور رسمياً عن «الهوية الوطنية» فإن «التحول الديمقراطي يجب أن يستوعب خصوصية المجتمع ودرجة تعدديته بسبب وجود هويات أصغر. ولذلك ينبغي أن تكون الممارسات المصاحبة للتحول الديمقراطي داعمة لعملية بناء الهوية الوطنية».
وفي ظل ذلك الحديث «الرسمي» فإن البحرين، مازالت بعيدة عن ذلك الشكل المطروح، فلا يمكن لأحد أن يتحدث عن «هندسة عادلة» بين مكونات المجتمع، أو حتى الحديث عن وجود «تمثيل عادل بين الجميع»، وهو ما يؤكد ضياع الهوية السياسية على أقل تقدير، في ظل التباين الواضح بل في بعض المناطق يمكن وصفه بـ «الفاضح» في التمثيل، وهي قضية ليست سراً بل شغلت وستشغل الرأي العام قبل وبعد أي انتخابات.
تستشهد الجهات الرسمية على أنه من بين التجارب «الواضحة على تحقيق معادلة الهوية الوطنية ما تم أثناء إقامة حوار التوافق الوطني من جمع كافة مكونات المجتمع للحوار، والتوافق على مرئيات مشتركة»، وكلنا يعلم أن كل الحوارات الوطنية التي حدثت خلال السنوات الماضية لم تحقق أي نجاح، وتم تبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف بشأن إفشال تلك الحوارات.
على الصعيد الاقتصادي، فإن الرؤية التي تم إطلاقها قبل أعوام، قد تمثل «الهوية الاقتصادية» للبحرين، إلا أن تلك الرؤية لا يمكن تلمسها بعد أن تم تفريغها من محتواها، لأسباب كثيرة، لسنا في وارد تعدادها ولو أنها معروفة.
كما أن وضع الاقتصاد البحريني أصبح بلا هوية أو حتى جدولة زمنية، بل جل هدف القائمين عليه زيادة حجم الاقتراض، وزيادة الدين العام، ودون النظر لما سيحدث في المستقبل.
هناك من يعتقد أن بناء الهوية الوطنية بين أبناء المجتمع –بحسب عمود الهوية الوطنية 2012– من خلال تدريس مقرر التربية للمواطنة في المدارس الحكومية وأصبح حالياً في المدارس الخاصة، وكذلك بإقامة عدد من الاحتفالات الوطنية بين وقت وآخر. فيما الهوية الوطنية الجامعة تقوم على أسس واضحة أساسها العدل والمساواة بين جميع مكونات المجتمع، ومن دون ذلك فلن يغير مقرر دراسي شيئاً.
حتى على الصعيد الرياضي، فلا هوية واضحة، منتخباتنا ضائعة، ولاعبونا الرياضيون تائهون، والأندية جلها مهمشة، عدا قلة تتمحور حولها عدد من الشخصيات واللعبات.
هويتنا المجتمعية منقسمة، وفرض عليها الانقسام لأسباب سياسية، واستغل ذلك؛ لتغليب كفة على أخرى، ولضرب جماعات وتحوير مطالبهم بصورة طائفية، حتى انقسم الناس على بعضهم، وأصبحت هوية هذا الوطن ضائعة.
قد يكون ضياع الهويات بما فيها الثقافية والدينية أيضاً، جزءاً مقصوداً، هدفه فرض الواقع، وإجبار الناس على قبوله أو تمني ما كان من قبل.