تقدم السعودية للمستثمرين أجندة ثورية للتحديث الاقتصادي في الوقت الذي تستعد لبيع أول دفعة من السندات على الصعيد الدولي بقيمة مليارات الدولارات في وقت مبكر من هذا الأسبوع.
توجه وفد إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأسبوع الماضي لتمهيد الطريق لقضية من المتوقع أن تحطم الأرقام القياسية وتمهد الطريق أمام العديد من الصفقات، بما في ذلك أكبر طرح عام أولي في العالم من شركة النفط الحكومية أرامكو.
ونظرا لأن المسؤولين والمصرفيين يواجهون القضية التي طال انتظارها في السوق لأول مرة في السعودية، فهذه هي أسئلة المستثمرين المحتملة:
ما هي القصة؟
يوجد لدى المستثمرين تاريخ من الروايات المجزية والمقنعة خول حملات الترويج والتسويق للسندات.
حصلت الأرجنتين على سجل بيع قياسي في أبريل/نيسان، مع تسليط الضوء على الحكومة الجديدة الصديقة للمستثمر التي تريد إعادة البلاد إلى السوق بعد سنوات من النبذ.
ويبدو أن المملكة العربية السعودية تتخذ نهجا مماثلا. من حيث تعزيز التكنوقراط الأصغر سنا وإطلاق أيديهم في تنفيذ إصلاحات جذرية، فضلا عن قيمة أول ظهور للبلاد في أسواق رأس المال العالمية.
يقول الحاضرون في بعض الاجتماعات من المستثمرين في لندن أن العرض السعودي ركز على حجم اقتصادها، وقلة الديون الخارجية، وخطط الإصلاح والسكان الشباب، مضيفا أن هناك تركيز على خطط لزيادة الشفافية.
وعقب أحد المستثمرين الذي اطلع على الاجتماع بالقول: «القصة ليست غير معقولة.. إنها نفس النغمة التي تم التغني بها طوال العام».
كيف سيتم تقييم السندات السعودية؟
إطلاق المملكة العربية السعودية لأول سندات مقومة بالدولار من شأنه أن يمهد للاقتراض في المستقبل.
وتنتظر الكيانات المرتبطة بالحكومة لإطلاق السندات الخاصة بها وهم يكافحون من أجل التأقلم في البيئة الاقتصادية المضطربة في المملكة، وذلك بسبب أسعار النفط المنخفضة. وقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 14.3% منذ 2014.
ويقول مصرفي يعمل في الصفقة: «لن يكون هناك اندفاع في الفترة الأخيرة قبل الانتخابات الأمريكية».
الأمر متروك للمصرفيين لتحديد سعر يكون بموجبه كل من المملكة والمستثمرين سعداء. فقد تبخرت عائدات السندات المنخفضة و المعدلات العالمية لا تزال منخفضة نسبيا، وذلك بفضل التحفيز من البنك المركزي في أوروبا والمملكة المتحدة واليابان وقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعدم رفع أسعار الفائدة، وتوفير قاعدة منخفضة للسندات التي سيتم تسعيرها.
عندما باعت قطر 9 مليارات دولار من الديون في مايو/أيار، دفعت علاوة المخاطرة بمقدار 150 نقطة فوق سعر الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 أعوام. كما دفع تعويضات سخية مكنت الدولة الغنية بالغاز من زيادة كمية الصادرات.
أبو ظبي، الإمارة الغنية بالنفط ، دفعت أقل عندما أصدرت السندات لمدة 10 سنوات بمعدل 125 نقطة لصفقة أصغر من 5 مليارات دولار.
لدى السعودية تصنيف ائتماني أقل من قطر. ويقول أحد مصرفيي السعودية في المنطقة أن تسعير السندات السعودية من المتوقع أن يتراوح بين 3,55% إلى 3,65% على السندات لأجل 10 سنوات.. مصرفي آخر لم يشارك في الصفقة قدر أن السعودية سوف تسعر عند 150 نقطة فوق سندات الخزانة الأمريكية لسندات مدتها خمس سنوات و160-165 نقطة للديون لمدة 10 أعوام، وهو ما يعني أن معدل الاقتراض سيكون قريبا من الرقم القطري.
كم سيكون اقتراض السعودية؟
هناك اهتمام قوي من المستثمرين بالسندات المستقبلية لمدة 30 عاما من شركات التأمين في آسيا، ويعتقد أن نية السعودية إصدار ما يتراوح بين 10 إلى 20 مليار دولار سيلاقي حجم طلبات من المستثمرين العالميين بنحو 50 مليار دولار، ما يعني أكثر من ضعف المعروض على الأقل.
بحسب المسؤولين السعوديين الذين اجتمعوا بالمستثمرين، فإن المملكة تسعى لزيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى 30% بحلول العام 2020، علما أن هذه النسبة بلغت 5,9% بنهاية العام الماضي، ما يعتبر من أقل المعدلات عالميا. ويقول أحد المستثمرين المحتملين: «ربما سنرى 15-20 مليار دولار هذا العام، و نفس المبلغ في السنة القادمة وهلم جرا في المستقبل المنظور».
وتشير كل المؤشرات إلى بدء البيع بأكثر من 120 مليار دولار في السنوات القادمة.
هل يمكن للاقتصاد البقاء على قيد الحياة مع انخفاض أسعار النفط؟
كأكبر منتج للنفط في العالم، تضررت السعودية بشدة من جراء الانهيار الأخير في أسعار الطاقة. منذ انخفاض أسعار النفط في منتصف 2014 إلى أكثر من النصف، اضطر البنك المركزي إلى حرق 170 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية لدعم العجز في الميزانية، وتمويل الحرب المكلفة في اليمن.
في مايو/أيار، كانت السعودية وغيرها من الاقتصادات الخليجية المصدرة للنفط قد انخفضت تصنيفاتها الائتمانية في وكالة موديز، بعد خفض مماثل من قبل ستاندارد آند بور، ومؤسسة فيتش العالمية. وقد استشهدت «موديز» بمزيج انخفاض النمو وارتفاع الدين المحلي وتآكل الاحتياطيات التي تتركها أقل قدرة على مواجهة الصدمات في المستقبل.
في نشرة السندات التي تم إرسالها إلى المستثمرين، تحذر السعودية من أن انخفاض أسعار النفط يشكل تحديا لاقتصادها. ومع ذلك، حاول بعض المستثمرين الحاليين في بعض الاجتماعات الأولى للحملة الترويجية للسندات سؤال المسؤولين لكن المسؤولين رفضوا الانجرار للحديث عن الأسعار التي يتوقع أن يشهدها النفط في المستقبل، وكيف يمكن للاقتصاد التعامل إذا انخفضت الأسعار إلى 30 دولار للبرميل، مفضلين التشديد على خطط إصلاح الاقتصاد.
فاينانشيال تايمز- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-