قال محللون وخبراء أسواق، إن سوق الأسهم الكويتية تواجه في الوقت الحالي تحديا كبيراً مع استمرار موجة نزوح الشركات المدرجة من البورصة.
وأضاف المحللون في أحاديث مع «الأناضول»، إن هناك ثلاث أسباب رئيسية وراء الموجة المتصاعدة من الانسحابات أهمها ضعف حركة التداول على بعض الشركات علاوة على قيمة المصاريف التي تتكبدها كرسوم سنوية مقابل الإدراج، فضلاً عن القواعد الصارمة للحوكمة التي فرضتها هيئة أسواق المال.
ورجح هؤلاء حدوث مزيد من الانسحاب للشركات المدرجة لاسيما الصغيرة خلال العام الحالي، مشيرين في الوقت ذاته إلى التوقعات بطروحات أولية جديدة في الفترة القادمة.
وتعاني البورصة الكويتية من شح في السيولة المتداولة وتراجع في أداء الصناديق الاستثمارية الأجنبية التي سجلت أقل تداول لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وجاءت أزمة النفط منذ منتصف 2014 لتزيد من معاناة البورصة مع تأثر النشاط الاقتصادي.
وخلال العام الماضي أعلنت ثماني شركات انسحابها النهائي وبشكل اختياري من بورصة الكويت، كما انسحبت 7 شركات أخرى منذ بداية 2017 وحتى الآن.
وبحسب بيانات «الأناضول» بلغت القيمة السوقية لنحو 40 شركة التي انسحبت فعليا من البورصة الكويتية نحو مليار دينار (3.3 مليار دولار) تمثل 3.5% من إجمالي القيمة السوقية للشركات المتداولة والبالغة 28.35 مليار دينار (92.9 مليار دولار) بنهاية مارس/ آذار الماضي.
كان آخر المنسحبين شركة الثمار الدولية القابضة التي أعلنت هذا الأسبوع خروجها من السوق اعتبارا من 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2017 بعد موافقة هيئة أسواق المال الكويتية على الانسحاب الاختياري، بسبب ضعف التداول على السهم في السوق علاوة على استكمال الشركة لإجراءات إعادة الهيكلة.
وقالت الشركة الكويتية للأغذية «أمريكانا» أواخر الشهر الماضي، إن مجلس إدارتها اجتمع وأوصى الجمعية العمومية بالانسحاب الاختياري من بورصة الكويت، بعدما أتمت شركة أدبتيو، التي يقودها رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار في مارس/ آذار الماضي، الاستحواذ على 93.4% من «أمريكانا» مقابل 995 مليون دينار (3.27 مليار دولار).
وعلى النقيض من بورصة الكويت، تبدو أسواق أخرى رئيسية في منطقة الخليج جاذبة للشركات، وهناك أكثر من ثلاثة شركات تنوي طرح أسهمها في أسواق الإمارات، إضافة إلى 4 في قطر و7 في مسقط، وفق رصد الأناضول.
ظاهرة ملفتة
قال المحلل الاقتصادي محمد العون، إن انسحاب الشركات من البورصة الكويتية أصبح ظاهرة ملفتة، مضيفاً إن عدد الشركات المدرجة أصبح 190 شركة حالياً بعد أن كان 224 شركة في عام 2008، ما يدل على أن السوق أصبحت طاردة للشركات لاسيما وأن نسبة الانسحابات أصبحت كبيرة مقارنة بعدد الشركات الجديدة في السوق.
ورجح العون، في اتصال هاتفي مع «الأناضول»، حدوث مزيد من الانسحاب للشركات المدرجة فى بورصة الكويت لاسيما الصغيرة، متوقعاً وصول عدد الشركات المنسحبة في العام الحالي فقط نحو 15 شركة ليصل إجماليها لأكثر من 55 شركة.
وطالب المحلل الاقتصادي، بضرورة إيجاد حلول جذرية من جانب الجهات المعنية (هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت للأوراق المالية) لمواجهة تلك الظاهرة الت تتزايد شهر به أخر وذلك بهدف مساعدة الشركات الراغبة في الانسحاب أو السعي نحو جذب شركات جديدة للإدراج في السوق.
وبحسب وسائل إعلام محلية، هناك مساعي جمة من قبل هيئة أسواق المال للعمل على استقطاب العديد من الشركات، ومنها الشركات العائلية والنفطية والتكنولوجية وشركات قطاع التجزئة، حيث ستجري بعض التعديلات على شرط وجود نسبة لا تقل عن 30% من إجمالي أسهم الشركة حرة وقابلة للتداول.
وتلك التعديلات ستؤدي إلى مجابهة عمليات الانسحاب الاختياري التي تجري في سوق الكويت منذ فترة عن طريق الاهتمام وتسهيل الشروط والإجراءات الخاصة بالإدراج لاستقطاب العديد من الشركات المتنوعة والمتخصصة التي ستكون عامل جذب جديد للسوق.
مؤشر سلبي
من جهته، قال «إبراهيم الفيلكاوي»، المستشار الاقتصادي لدي مركز الدراسات المتقدمة بالكويت، إن ظاهرة انسحاب الشركات من بورصة الكويت يعتبر مؤشراً سلبياً لا يمكن الحديث معه عن ترقية البورصة لمصاف الأسواق الناشئة.
وأضاف «الفيلكاوي»، في اتصال هاتفي مع «الأناضول»، إن هناك العديد من الأسباب وراء الموجة المتصاعدة من الانسحابات للشركات المدرجة من بورصة الكويت أهمها ضعف حركة التداول على بعض الشركات وضآلة قيمتها اليومية.
وتابع «الفيلكاوي»، إن قيمة المصاريف التي تتكبدها الشركات كرسوم سنوية مقابل الإدراج تعتبر أحد العوامل وراء هروب الشركات من البورصة، فضلاً عن القواعد الصارمة للحوكمة التي فرضتها هيئة أسواق المال.
وهناك 40 شركة مدرجة في البورصة تتأرجح ما بين الانسحاب الفعلي ونية الانسحاب من السوق بسبب عدم تمكن بعض الشركات من توصيل رأس مالها إلى الحد الأدنى المطلوب والبالغ 10 ملايين دينار (32.8 مليون دولار) أو تطبيق نظام الحوكمة بألا يقل عدد المساهمين عن 200 مساهم.
فيما لجأت شركات أخرى إلى الشطب من البورصة بعد أن تعدت خسارتها 75% من رأس مالها، والبعض الآخر لأن قيمته الدفترية أكثر من قيمته السوقية فانسحبت كمحاولة للحفاظ على قيمتها الدفترية.
عزوف المتداولين
من جانبه، قال «أحمد يونس»، رئيس الجمعية العربية لأسواق المال ومقرها مصر، إن ظاهرة تزايد الانسحابات الاختيارية من البورصة أصبحت تهدد سمعة الكويت وأدت إلى أن تكون ضمن أسباب عزوف المتداولين من السوق.
وقال «يونس» لـ«الأناضول» عبر الهاتف، إن العمل بنظام خارج المنصة في الكويت ربما يشجع الشركات المدرجة في البورصة على الانسحاب مالم تتوافر لها القنوات والأدوات الاستثمارية اللازمة.
وأعلنت بورصة الكويت في فبراير/ شباط الماضي عن مسودة قواعد التداول لسوق خارج المنصة لتنظيم صفقات وتعاملات الأسهم غير المدرجة.
وتضمنت المسودة الإجراءات والقواعد المقترحة بشأن التداول خارج المنصة في الكويت سواء للأسهم غير المدرجة أو للسندات والصكوك الإسلامية أيضا تمهيدا لصياغة التصور النهائي قبيل رفعه الى هيئة أسواق المال لنيل موافقتها.
وجاءت بورصة الكويت في صدارة الأسواق العربية الرابحة خلال الربع الأول من 2017، مع ارتفاع مؤشرها السعري بنسبة 22.3% إلى 7029.43 نقطة، فيما زاد المؤشر الوزني بنسبة 8.7% إلى 413.27%، وأغلق مؤشر كويت 15، للأسهم القيادية، رابحاً ما نسبته 5.5% إلى 933.84 نقطة.
وبلغت كميات التداول خلال الربع الأول نحو 29.82 مليار سهم، كما بلغت السيولة نحو 2.7 مليار دينار (8.8 مليار دولار)، وحققت البورصة الكويتية مكاسب سوقية خلال نفس الفترة بنحو 2.1 مليار دينار (6.9 مليار دولار).
وكالات-