الخليج أونلاين-
تعاني اقتصاديات دول الخليج من التداعيات السلبية لأزمتي انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية، وجائحة كورونا، وسط آمال بأن تنفك تلك الآثار مع العام الجاري 2021، خصوصاً مع بدء توزيع لقاح كورونا.
وخلال 2020، كان كل شيء في العالم شبه متوقف، وأثر ذلك على المجتمعات والصحة العامة والاقتصاد والسياحة والطيران والصناعة والنفط والطاقة وفرص العمل وغيرها، وكانت دول الخليج من بين دول العالم الأكثر تضرراً من الجائحة.
وعلى الرغم من الآثار التي تسببت بها أزمة كورونا فإن التوقعات المحلية والدولية تشير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر صاحبة نصيب الأسد في التعافي الاقتصادي في العام 2021.
2020..أرقام سلبية
ساهم الاعتماد الكبير لدول الخليج العربي على النفط في خسارتها مليارات الدولارات في 2020 بسبب تراجع العوائد النفطية في ظل أزمة كورونا التي أدت إلى انخفاض حاد في الطلب وإلى انهيار الأسعار، لكن سياسة الاقتراض التي تتبعها الحكومات الخليجية للتعامل مع الأزمة تشير إلى أنها لن تتخلص مستقبلاً من الاعتماد التام على النفط.
وأظهر استطلاع أُجري من قبل "رويترز" أن اقتصاد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، سينكمش بنسبة 5.2٪ في 2020، فيما عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لأداء الاقتصاد السعودي خلال 2020 ليتراجع بـ 5.2% فقط مقابل 6.8% توقعها في وقت سابق من العام، على أن يبدأ التعافي العام 2021 بنمو 3.1%.
ومن المتوقع أن تكون الإمارات العربية المتحدة قد شهدت انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6٪ في 2020، وتوقعات بنمو بنسبة 2.7٪ في 2021.
ويشير متوسط التوقعات للكويت إلى تحقيق انكماش بنسبة 6.3٪ في 2020، ونمو بنسبة 2.6٪ في 2021، حيث تضررت ميزانية الكويت بشدة من جراء جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، وهو ما استنزف سريعاً صندوق الاحتياطي العام الذي تعتمد عليه في تمويل ميزانيتها.
أما قطر فلم تتغير التوقعات لعام 2020 عند انكماش بنسبة 4%، في حين تحسنت توقعات النمو في العام 2021 إلى 3% من 2.8%.
ويُتوقع أن ينمو اقتصاد عمان 2.5% في العام المقبل مقابل تقدير عند 3% في يوليو، ويرتفع إلى 2.7% في 2022. ولم تتغير توقعات النمو للبحرين في العام المقبل عند 2.6%، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد 2.6% في 2022.
2021..بداية الآمال
في 26 ديسمبر 2020، قالت مجلة "ميد" الاقتصادية البريطانية، إن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر صاحبة نصيب الأسد في التعافي الاقتصادي في العام 2021 من تداعيات وباء فيروس كورونا.
وبحسب مؤشر مجلة "ميد" للتعافي الاقتصادي من كورونا، فإن الإمارات ستكون أسرع الدول الخليجية والإقليمية تعافياً، حيث حصلت على 4 نقاط، تلتها قطر والسعودية في المركزين الثاني والثالث بواقع 3.6 نقاط و3.5 نقطة على التوالي.
فيما جاءت عُمان والبحرين في المركزين الخامس والسادس على مستوى دول مجلس التعاون، بواقع 3 نقاط و2.9 نقطة على التوالي.
وبينت المجلة أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر المساهم الأكبر في الاستثمارات التي تتركز على اختبارات فيروس كورونا في المنطقة، فضلاً عن بعض الخطط لنشر اللقاحات الأكثر تقدماً.
وكان تفشي فيروس كورونا المستجد أثر على عموم اقتصاديات دول الخليج، خاصة مع انخفاض أسعار النفط الذي تعتمد على عوائده، مصحوباً بقلة الطلب عليه، بالإضافة إلى إغلاق اقتصادي دام أشهراً.
مؤشرات انفراجة
يتحدث الصحفي الاقتصادي صدام الكمالي عما تعرضت له دول الخليج من آثار لم تتوقف عند النفط فقط، بل وصلت إلى شركات الطيران وقطاعات السياحة والعقارات، التي قال إنها أصيبت بشلل خلال العام الماضي.
ويرى أن تلك التداعيات السلبية بسبب جائحة كورونا، قد تنحسر تدريجياً مع بداية توزيع اللقاحات التي بدأت خلال شهر ديسمبر 2020 في دول الخليج العربي، مضيفاً: "هناك مؤشرات على انفراجه".
وأشار، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى عاملٍ آخر سيسهم في تحسن اقتصاد دول الخليج المتمثل في المصالحة الخليجية، والتي قال إنها ستشكل "دفعة قوية لاقتصادات الخليج للنهوض من جديد خلال العام الجاري وتحقيق مكاسب كبيرة مع عودة التبادل التجاري بين السعودية وقطر وبقية دول الخليج".
وأضاف: "هذا الأمر سينعكس إيجاباً على كافة القطاعات ويعطي مؤشرات إيجابية لاقتصادات الخليج".
وأعلن في الـ5 من يناير 2021، إنهاء الأزمة الخليجية التي بدأت منتصف 2017، بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين، وفتح الحدود البرية والبحرية والجوية.
سوق النفط يحكم
أما المحلل الاقتصادي حسام السعيدي، فيرى أن دول مجلس التعاون الخليجي تأثرت كثيراً بسبب جائحة كورونا، خاصة مع تراجع الطلب على النفط الخام، الذي تعتمد عليه دول المجلس اعتماداً كبيراً في موازناتها الحكومية.
وأوضح، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنه مع بداية العام 2021 فإن "ثمة تفاؤلاً إزاء الوضع الاقتصادي لدول المجلس خاصة بعد المصالحة السعودية- القطرية، وظهور لقاحات لفيروس كوفيد 19 المستجد، هذا التفاؤل ليس مفتوحاً، وإنما تفاؤل حذر، خاصة مع ظهور أنباء عن سلالات جديدة من الفيروس، وعودة الإغلاق الكلي للموانئ الجوية في كثير من دول المجلس".
ومع وجود تحسن في أسواق النفط فإن التوقعات التفاؤلية لدول المجلس تتنبأ بنمو إيجابي يتراوح بين 4-5% خلال العام الجاري 2021، وفق السعيدي.
ويضيف: "لكن هذه التوقعات ستبقى متعلقة بالاستقرار وعودة الحياة الطبيعية، ليس في دول المجلس، وإنما في كثير من الدول حول العالم، أي بتحسن النشاط الاقتصادي العالمي، ذلك أن النفط والغاز سلعتان مرتبطتان بالسوق العالمية أكثر منها بالسوق المحلية، ويستمر التوقع بتحقيق موازنات هذه الدول لعجوزات كبيرة خاصة في الربعين الأولين من العام الجاري".
خطوة سعودية
ومع الـ5 من يناير أيضاً، قفزت أسعار النفط بأكثر من 5%، معززة مكاسبها فوق حاجز 50 دولاراً للبرميل، وعند أعلى مستوياتها منذ فبراير 2020؛ وذلك بدعم من أنباء خفض السعودية لإنتاجها طواعية.
وبحسب بيانات وكالة "بلومبيرغ" ارتفعت عقود تسليم شهر مارس لخام برنت القياسي بنسبة 5.30% إلى 53.81 دولاراً للبرميل، فيما ارتفعت عقود فبراير لخام نايمكس الأمريكي بالنسبة نفسها إلى 50.14 دولاراً للبرميل.
وقرر أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط والدول من خارجها (أوبك+)، تخفيض معدل الإنتاج بنسبة 7.125 ملايين برميل يومياً في شهر فبراير المقبل، وبمعدل 7.05 ملايين برميل في مارس.
فيما أعلن وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، أن "السعودية سوف تخفض طوعياً إنتاجها النفطي في فبراير ومارس المقبلين بمعدل يقترب من حوالي مليون برميل يومياً"، وهي الخطوة التي وصفها نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، بأنها "هدية العام الجديد".
وقلصت الرياض إنتاج النفط هذا العام في إطار اتفاق مع أوبك ومنتجين آخرين لتحقيق الاستقرار لأسعار النفط التي بلغت قاع 21 عاماً عند أقل من 16 دولاراً للبرميل، في أبريل الماضي، والتي كانت سبباً رئيسياً في معاناة اقتصاد دول الخليج، لاعتمادها بشكل كبير على عائداتها.