الخليج أونلاين-
على الرغم من عدم وجود مظلة رقابية وتشريعية من البنك المركزي السعودي للاستثمار في العملات الرقمية المشفرة فإن الاستثمار من قبل السعوديين في هذه العملات يبدو أن نطاقه آخذ بالاتساع داخل المملكة.
منصات عالمية عديدة يمكن العمل من خلالها على الاستثمار بالعملات المشفرة، وهي متوفرة على الإنترنت، مع وجود ترويج لها داخل المملكة، ولا يمكن فرض عقوبات على مستخدميها حيث لا يفرض القانون السعودي عقوبات في هذا الخصوص.
بدوره فإن البنك المركزي سبق أن حذر في بيان من "عواقب سلبية مختلفة على المتعاملين ومخاطر عالية كونها خارج نطاق المظلة الرقابية داخل المملكة العربية السعودية".
وبطبيعة كون السعودية بلداً إسلامياً يلتزم بالتعاليم الإسلامية، يهتم السعوديون بالتشريع الديني في مسائل مختلفة، بينها العمل والاستثمار، وفي هذا الشأن كانت فتوى لعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، عبد الله المنيع، حرم فيها التعامل بالعملات الرقمية.
لكن عوامل جذب عديدة للاستثمار في هذه السوق التي انتعشت بشكل أكبر في وقت الإغلاق العالمي على إثر جائحة كورونا، جعلت هذا خياراً مناسباً لجأ إليه كثيرون في العالم، والسعوديون من بينهم مع التزام الحجر المنزلي.
ازدهار العملات المشفرة
شهدت الفترة الأخيرة تركيزاً كبيراً على ما يجري في سوق العملات المشفرة، حيث زاد الإقبال على عملات مثل "بيتكوين"، و"إيثريوم"، و"دوغ كوين".
بحسب دراسات متخصصة فقد أثبتت العملات المشفرة قدرتها على الصمود، وهو ما جعلها تشهد ارتفاعاً متزايداً بالطلب والتداول منذ عام.
ما زاد من قوة العملات المشفرة أيضاً دعم شركات كبرى لها، واستخدامها كوسيلة للدفع عند الشراء، ثم كان ظهور عملات مشفرة أخرى دافعاً لزيادة ثقة المتعاملين بها.
وتسبب ظهور معدلات تضخم عالية، وانخفاض القوة الشرائية للدولار الأمريكي، في دفع كثيرين إلى الاستثمار في العملات الرقمية، على أمل أن تزداد قيمتها مقارنة بالعملات المعروفة، وعلى رأسها الدولار، مما يؤدي إلى تحقيق أرباح سريعة وكبيرة.
وكان ظهور جائحة كورونا واستمرار انتشارها حتى الآن، سبباً كبيراً في ازدياد قوة العملات المشفرة.
فخلال عدة أشهر كان الناس عالقين في منازلهم بشكل فعلي، ويعملون عن بُعد، وأصبحوا يدفعون رقمياً مقابل كل شيء.
وفي عالم يعمل فيه الناس عن بُعد، ويدفعون رقمياً، ولديهم ثقة كاملة بالخدمات عبر الإنترنت، فإن العملات المشفرة ستكون هي الملك بلا شك.
العملات المشفرة في الخليج
تعلم دول الخليج أهمية العملات المشفرة التي بات العالم يتجه نحوها بسرعة، وعليه انطلقت في قطر، ولأول مرة في العالم، منصة إلكترونية إسلامية لتبادل العملة الرقمية المدعومة بالذهب، تُعرف بـ"آي-دينار" (I-DINAR) من قطر.
وفي الإمارات اقترحت الرقابة المالية إطاراً تنظيمياً يعترف بمساواة العملات الرقمية للأوراق المالية المعتادة من حيث الأسس الاقتصادية.
وفي يناير 2019، أصدر مصرف البحرين المركزي بورصة العملات المشفرة التي سيتم إطلاقها قريباً؛ "كوين مينا"، مع "ترخيص شركة خدمات الأصول المشفرة - الفئة 2"، ما يمهد الطريق لبدء عملياتها داخل البلاد.
وفي عُمان لم تستخدم العملات الرقمية المشفرة، وحذَّر البنك المركزي العُماني من استخدامها، وأنه لا يكفل مثل هذه العملات.
اعتماد منصات موثوقة
المستشار المالي السعودي محمد الشميمري قال إنه على الرغم من خروج التجارة بالعملات المشفرة والرقمية عن المظلة الرقابية بالمملكة، فإن أنظمة البنك المركزي لا تمنع السعوديين من البيع والشراء والتداول فيها عن طريق المنصات الخارجية في دول العالم.
وبحسب صحيفة "مكة"، قال الشميمري إن السلطات السعودية لا تمنع من دخول عوائد الاستثمار في هذه العمليات إلى السوق السعودية، شريطة وجود ما يثبت أن مصدر الأموال صحيح.
كما نصح باعتماد منصات عالمية موثوقة لتداول هذه الأعمال.
من بين الشركات التي تعمل في الخليج وتكسب ثقة المتعاملين السعوديين شركة "Rain Financial" البحرينية، وقال الشريك المؤسس للشركة، عبد الله المعيقل، في مقابلة مع قناة "العربية"، إن الشركة تعمل من البحرين وتخدم جميع دول الخليج للتداول بأربع عملات مشفرة، من بينها "بيتكوين" إلى جانب "لايت كوين" و"إثيريوم".
الرغبة بين السعوديين ترتفع للاستثمار في العملات المشفرة، وأبرز ما يدفع في هذا الاتجاه، بحسب ما نقلت صحيفة "عكاظ" عن المستشار المالي والاقتصادي ماجد الصويغ، هو "تحقيق الثراء السريع، وتحويل المدخرات إلى عملات رقمية مشفرة، في ظل انعدام الفرص، خصوصاً بعد أزمة كورونا؛ ما دفع الجميع للبحث عن سبل جديدة لتنمية رؤوس الأموال".
عملة خليجية مشفرة
المختصون الاقتصاديون يرون أن التعامل بالعملات المشفرة واقع لا بد منه في المستقبل، وعليه يرون أن من مصلحة الدول أن تصدر عملات مشفرة خاصة بها.
هذا ما ذهب إليه أيضاً الكاتب فهد بن عبد الله الحويماني، في مقال نشرته صحيفة "الاقتصادية" السعودية بعنوان "تجارب العملات الرقمية من قبل البنوك المركزية".
الحويماني تحدث عن دراسة سابقة أعدها البنك المركزي السعودي حول إطلاق عملة مشفرة خاصة به.
وتطرق أيضاً إلى إطلاق البنك المركزي السعودي ونظيره الإماراتي مشروع "عابر" بالتعاون مع شركة الحاسبات العملاقة "آي بي إم"، بهدف التعرف إلى هذه التقنيات الجديدة ودراسة جدواها.
وقال أيضاً: "أمر جميل أن يقوم البنك المركزي السعودي مبكراً بدراسة جدوى العملات الرقمية وبنيتها التحتية في استخدامات خاصة بالبنك المركزي والبنوك المرتبطة به".
وأضاف: "ربما يكون المشروع المقبل دراسة إصدار عملة خليجية رقمية للاستخدام العام، مدعومة بالعملات الخليجية التقليدية، وإتاحتها للاستخدام في شتى المجالات"، لافتاً النظر إلى أن هذه العملة المشفرة الموحدة في حال تمت "فقد تقلب الموازين بحق مستقبل العملات الرقمية المشفرة الشعبية مثل بيتكوين وغيرها".