طه العاني - الخليج أونلاين-
واجه الاقتصاد العالمي، في السنوات الأخيرة، تقلبات حادة أثرت بشكل مباشر على مختلف الأسواق المالية، من ذلك أسواق الأسهم العالمية، وتزايدت مع جائحة "كوفيد-19" وما تلاها من أحداث اقتصادية وسياسية حول العالم.
ومع حالة الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية، نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، افتتحت أسواق الأسهم الخليجية الأسبوع الحالي بخسائر كبيرة، بلغت 59.6 مليار دولار، وبتراجع بلغت نسبته 1.5%، وفق بيانات شركة كامكو إنفست.
خسارات عالمية
أسواق الأسهم في آسيا شهدت خسائر ملحوظة خلال جلسات التداول؛ وذلك بسبب موجة بيع مكثفة من قبل المستثمرين، ونتيجة لذلك عُلق التداول الآلي المدعوم بالبرمجيات في كوريا الجنوبية.
وبدأت الاضطرابات من اليابان، حيث شهد مؤشر نيكي 225 هبوطاً يتجاوز 12%، مما يعد أسوأ انخفاض يومي له منذ أزمة "الاثنين الأسود" في عام 1987، وفقاً لما أشارت له صحيفة "واشنطن بوست"، مطلع أغسطس الجاري.
وبالتزامن مع التراجع الحاد للمؤشرات في أسواق آسيا وأوروبا، سجلت عملة "بتكوين" المشفرة انخفاضاً حاداً بنسبة 10٪، لتصل إلى نحو 53 ألف دولار.
وحسب قناة "سي إن بي سي" الأمريكية، فإن "بتكوين" تراجعت في ظل خوف المستثمرين وابتعادهم عن الأصول ذات المخاطرة العالية.
وتأثرت أسواق الأسهم العالمية بشكل كبير بعد أن كشفت البيانات عن ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له، خلال ثلاث سنوات، فقد بلغ 4.3% في يوليو الماضي.
واستحدثت الولايات المتحدة نحو 114 ألف وظيفة فقط، الشهر الماضي، وهو رقم يعكس تراجعاً مقارنة بـ179 ألف وظيفة استُحدثت في يونيو الماضي، وفقاً لبيانات وزارة العمل الأمريكية.
وتتصدر المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي المشهد بعد أن شهد نمو الوظائف تراجعاً حاداً، فيما يشعر المستثمرون بالقلق من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة، مما يتطلب منه الإسراع في خفض أسعار الفائدة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 6 أغسطس الجاري.
وسجل المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي تراجعاً بنسبة تقارب 3%، خلال جلسة 2 أغسطس الجاري، وذلك في ظل الاضطرابات التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية.
كما شهدت غالبية المؤشرات الفرعية الأوروبية تراجعاً ملحوظاً، حيث هبط قطاع التكنولوجيا بنسبة 6.1%، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ أكتوبر 2020، حسبما أفادت "رويترز".
كما انخفض قطاع الشركات المالية بنسبة 5.2%، في حين تراجعت أسهم البنوك بنسبة 4.3%، مما يعكس استمرار انخفاضها من الجلسة السابقة.
ارتباط البورصات
ويقول الخبير الاقتصادي د. أحمد ذكر الله، إن البورصات الخليجية تتأثر بشكل كبير بكل العوامل التي تمرّ بها الدول، سواء المنطقة الإقليمية أو الدول حول العالم.
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة أثرت على البورصات الخليجية خلال الفترة الماضية، وشهدت بعضها خسائر ملحوظة، وربما تقلصت العودة إلى المكاسب بشكل كبير بسبب هذه التوترات.
ويؤكد ذكر الله أن ما يحدث من تقلبات شديدة في الاقتصاد العالمي، لا سيما في البورصة الأمريكية وغيرها، يؤثر -بلا شك- على بورصات الدول الخليجية.
ويبيّن أن هناك ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بين أداء بورصات الدول الكبرى العالمية وبين بورصات الخليج، كما هو ملاحظ بين الخسائر التي حدثت في "وول ستريت" وبين الخسائر المناظرة لها في نفس الأيام في البورصات الخليجية.
وحول إمكانية حماية مستثمري الأسواق الخليجية لاستثماراتهم من التقلبات العالمية، يرى ذكر الله أنه من الصعوبة أن تكون هناك حماية كاملة لقيمة هذه الأسهم، في ظل ضبابية شديدة للمشهد الجيوسياسي في المنطقة.
تأثر خليجي
الهبوط في البورصات العالمية طال الأسواق الخليجية أيضاً باعتبارها جزءاً من الاقتصاد العالمي.
وتصدر سوق دبي للأوراق المالية قائمة الأسواق الخليجية المتراجعة بنسبة 4%، ثم السوق السعودية بنسبة 3%، خلال افتتاح التداول هذا الأسبوع.
وافتتح مؤشر السوق السعودي التداولات -بحسب صحيفة إندبندنت- بخسارة تجاوزت 400 نقطة، ليقترب من مستوى 11300 نقطة.
فيما انخفض مؤشر السوق الرئيسي في السعودية بأكثر من 3% خلال تداولات الخامس من أغسطس الجاري، وهو أكبر تراجع له منذ عام 2022، كما هبطت أسهم شركة "أرامكو" السعودية لأدنى مستوى لها خلال 4 سنوات، بنسبة 30% عن أعلى مستوى لها على الإطلاق سجلته في 2022.
ويعزز هذا الانخفاض الخسائر التي تكبدها المؤشر في جلسة 4 أغسطس الجاري، والتي بلغت 2.4%.
كما تراجع مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية، في 4 أغسطس، بنسبة 2.5%، حيث شهدت أسهم الشركات الكبرى انخفاضاً ملحوظاً.
وسجلت أسهم شركة "العالمية القابضة" هبوطاً بنسبة 1.2%، بينما انخفضت أسهم "كيو القابضة" بنسبة 4.2%، إضافة إلى تراجع أسهم "أدنوك للغاز" بأكثر من 5%.
وافتتحت بورصة قطر جلساتها لهذا الأسبوع بتراجع ملحوظ نتيجة لانخفاض جماعي في كافة القطاعات، وانخفض مؤشرها العام بنسبة 1.38%، ليبلغ 9918.43 نقطة.
أما في سلطنة عمان فقد سجل المؤشر العام لسوق مسقط "مسقط 30" انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.03%، ليصل إلى 4645.78 نقطة، بفقدان قدره 1.41 نقطة عن جلسة الأحد الماضي.
وتأثر المؤشر العماني العام سلباً بأداء القطاعين المالي والخدمات، حيث هبط القطاع المالي بنسبة 0.04% تحت ضغط تراجع سهم "الدولية للاستثمارات" بنسبة 1.32%.
وافتتحت بورصة الكويت تعاملاتها لهذا الأسبوع بتراجع جماعي للمؤشرات الرئيسية، متأثرة بالانخفاضات التي شهدتها الأسواق العالمية منذ بداية شهر أغسطس.
وهبط مؤشر السوق الكويتي الأول بنسبة 1.45%، وتراجع المؤشر العام بنسبة 1.38%، كما انخفض مؤشر "الرئيس 50" بنسبة 1.32%.
وسجل السوق السعودي الخسائر الأكبر بقيمة 47.6 مليار دولار، وبنسبة تراجع 1.7%، في تداولات الأحد 4 أغسطس، حسب جريدة الأنباء الكويتية.
وتزايدت مخاوف المستثمرين بسبب التوترات في المنطقة، وسط تقارير تشير إلى احتمال أن تقوم إيران بشن هجوم ضد "إسرائيل" انتقاماً لاغتيال مسؤولين من حزب الله ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية.