متابعات
شهدت الاستثمارات السعودية في الأسواق المالية العالمية تحولاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الأسهم الأمريكية وجهة رئيسية للمستثمرين السعوديين.
وتعكس هذه التوجهات تحولاً في استراتيجيات الاستثمار الوطني نحو الاستفادة من الأسواق العالمية ذات السيولة العالية والتنظيم المتقدم.
تداول بالأسهم الأمريكية
سجّل السعوديون خلال الربع الثالث من عام 2024 ارتفاعاً كبيراً في تداولاتهم بسوق الأسهم الأمريكية، حيث بلغت قرابة 24 مليار دولار، محققة نمواً سنوياً لافتاً بنسبة 110.5%، لتصل إلى أعلى مستوياتها خلال ثمانية أرباع.
ووفقاً لتقرير هيئة السوق المالية للربع الثالث، وصلت قيمة تداولات السعوديين في الأسهم الأمريكية عبر مؤسسات السوق المالية إلى 23.91 مليار دولار، بزيادة تفوق 12.53 مليار دولار مقارنة بـ11.36 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من عام 2023.
واستحوذت سوق الأسهم الأمريكية على 98.66% من إجمالي تداولات السعوديين في الأسواق الخارجية الذي بلغ نحو 24.23 مليار دولار.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، ارتفعت تداولات السعوديين في الأسهم الأمريكية بنسبة 30.6% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتسجل 56.14 مليار دولار، مقابل 42.96 مليار دولار في العام الماضي، بفارق 13.18 مليار دولار.
وأما عن الأسواق الخارجية الأخرى، فقد جاءت الأسهم الخليجية في المرتبة الثانية بقيمة تداولات بلغت 216.8 مليون دولار، منخفضة بنسبة 31.6% مقارنة بـ317.07 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2023.
في الأسهم الآسيوية، ارتفعت قيمة الاستثمارات السعودية إلى 12.27 مليون دولار، بنمو سنوي ملحوظ بلغ 411.1% مقارنة بـ2.4 مليون دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وبينما تراجعت قيمة التداولات في الأسهم الأوروبية بنسبة 39.8% لتصل إلى 58.13 مليون دولار، سجلت الأسهم العربية نمواً كبيراً بنسبة 112.1%، إذ بلغت قيمتها 18.67 مليون دولار.
وارتفعت التداولات في الأسواق الأخرى بنسبة 76.2% خلال الربع الثالث من عام 2024، لتصل إلى 19.73 مليون دولار، مقارنة بـ11.2 مليون دولار في الفترة المماثلة من العام السابق.
أسباب وميزات
الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، يؤكد أن الأسهم الأمريكية تتمتع بمجموعة كبيرة من المزايا والمحفزات، تسبب هذه الاندفاعة الكبيرة للمستثمرين السعوديين للاستثمار فيها طلباً للعوائد من عمليات الشراء والبيع أو من الاستثمار الطويل الآجل، وارتفاع قيمتها في المستقبل أو في ارتفاع قيمة الدولار.
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن من تلك الإيجابيات المحفزة توافر خيارات عديدة للمستثمر، مثل الصناديق المتداولة أو العقود الآجلة والأسهم في البورصة.
ويبين العبسي أن من الإيجابيات أيضاً توافر البيانات والتحليلات المالية والاقتصادية المنشورة، والتي يستطيع أي إنسان الاطلاع عليها، كما تتميز الأسهم الأمريكية بالمصداقية حول أداء الاقتصاد الكلي أو البطالة، وغيرها من المؤشرات، أو حول الشركات من حيث الإفصاح والموضوعية والمصداقية والشفافية.
كما يرى أن من أسباب توجه السعوديين للأسهم الأمريكية "وجود أكبر الشركات العاملة في التكنولوجيا العملاقة مثل آبل ومايكروسوفت، فضلاً عن الشركات الكبرى مثل تسلا وأمازون وغيرها، وكذلك توافر السيولة النقدية، وإمكانية الاستثمار بأي مبلغ مناسب".
ولفت الكاتب والمحلل الاقتصادي إلى أن "خيار الاستثمار هو خيار شخصي، لكن تنوع أمكنة الاستثمار يعتبر عاملاً إيجابياً ومطلوباً في مختلف المجالات".
وأكد العبسي أهمية تنويع سلة الاستثمار، الذي تتمتع به أسهم الشركات السعودية المدرجة في البورصة المحلية، والتي تضم أكثر من 200 شركة، وتعد من أكبر أسواق رأس المال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلاً عن ربحية معقولة ودرجات أمان عالية.
ارتفاع متوقع
حققت الأسواق الأمريكية أداءً متغيراً في عام 2024، حيث سجلت مؤشرات الأسهم الرئيسية مثل "S&P 500"، و"ناسداك 100"، و"داو جونز 30"، اتجاهات مختلطة بسبب عوامل متعددة تشمل التطورات الاقتصادية والجيوسياسية.
وبحسب التوقعات، يُتوقع أن تستمر هذه المؤشرات في الصعود خلال عامي 2024 و2025، فقد حقق مؤشر "S&P 500" زيادة ملحوظة، مدعوماً بتقدم قطاع التكنولوجيا الذي شهد مكاسب بارزة، مثل ارتفاع سهم "آبل" لمستويات قياسية.
ويرجّح المحللون -وفق ما نقلته شبكة "آرينسين"- أن يغلق المؤشر عند حدود 6084 دولاراً في ديسمبر 2024، مدفوعاً بالنمو في أرباح الشركات وتوسع المبيعات.
أما في عام 2025، فمن المتوقع أن يصل إلى مستويات جديدة تقارب 6544 دولاراً، وفقاً لتوقعات "Coin Price Forecast".
بالنسبة لمؤشر داو جونز، تتراوح التوقعات بين 39 ألف دولار و40 ألفاً بحلول نهاية 2024، مع احتمال تسجيل مكاسب إضافية في 2025 بفضل استقرار الاقتصاد الأمريكي وتعديل السياسات النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي.
وعلى صعيد مؤشر ناسداك 100، من المتوقع أن يستمر في النمو مع إمكانية كسر مستويات تاريخية قرب 20 ألف نقطة بنهاية 2025، مدعوماً بالتوسع في القطاعات التكنولوجية.
ومن العوامل المؤثرة:
السياسات النقدية: تشير التوقعات إلى خفض تدريجي في معدلات الفائدة الأمريكية خلال 2025، ما قد يدعم أداء الأسهم.
التضخم: يُتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي إلى قرابة 2.2% في 2025، ما يعزز الاستقرار الاقتصادي.
التطورات التكنولوجية: الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة تسهم في تعزيز الثقة بالمؤشرات التكنولوجية.
تحديات السوق: رغم التفاؤل العام، تواجه الأسواق مخاطر محتملة، تشمل التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسعار الطاقة، ما قد يؤدي إلى تقلبات مؤقتة في الأداء.