جاءت قرارات مجلس الوزراء السعودي، بتعديل بعض الرسوم، على التأشيرات ونظام المرور، والخدمات البلدين، مزعجة لقطاع كبير للسعوديين، الذين رؤا فيها أنها تسعى لسحب أموال المواطنين، لتعويض عجز الموزانة.
وكان مجلس الوزراء السعودي، اعتمد خلال جلسته الأخيرة، تعديل رسوم تأشيرات الدخول والمرور والمغادرة، فضلا عن تعديل نظام تعريفة الطيران المدني، ونظام المرور لزيادة غرامة ممارسي «التفحيط»، بالإضافة إلى إقرار رسوم الخدمات البلدية.
وتوقع اختصاصيون، أن توفر رسوم التأشيرات الجديدة، التي أقرها مجلس الوزراء السعودي في جلسته الإثنين، ما يزيد على 30 مليار ريال (8 مليارات دولار تقريبا) سنويا، على أقل تقدير، للميزانية العامة للدولة.
ويستهدف القرار فئتين في سوق العمل هما: العمالة غير المدربة، والمديرون والمتخصصون.
وحددت وزارة الشؤون البلدية 70 خدمة من بين 150 خدمة تقدمها الأمانات، لتعديل رسومها، مستثنية محدودي الدخل والمعوقين وذوي الظروف الخاصة.
وتشير التقديرات إلى أن وزارة الخارجية تصدر سنويا قرابة 14 مليون تأشيرة، ولم تكن تتقاضى عليها سوى رسوم رمزية، لا تتجاوز 50 ريالا، ولم يتجاوز حدها الأعلى 500 ريال.
وبلغ إجمالي التأشيرات الصادرة من وزارة الخارجية خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الميلادي المنصرم 2015، قرابة 7 ملايين تأشيرة.
رفض إلكتروني
وتحت وسم «تعديل بعض الرسوم»، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، شكا مغردون من هذه الزيادات، واعتبروها رغبة حكومية لزيادة موارد خزينة الدولة، وليس تنويع مصادر الدخل، واستنكروا تحميل المواطين المظلومين تبعات عجز الموازنة.
فكتبت «غادة»: «وبدأت سلسلة الضرائب والجباية».
وأضاف «برجس حمود البرجس»: «رفع أسعار البنزين والكهرباء والمياه والرسوم والخصخصة وفرض الضرائب وغيرها مجرد زيادة لدخل الخزينة، وليست لتنويع مصادر الدخل».
وغرد «فيصل اليوسف»: «قرارات مجلس الوزراء بتعديل بعض الرسوم صدمت الاقتصادين لعدم استشارتهم.. وأيضا جمعية حماية المستهلك الذين يحاربون الغلاء».
وتابع «خالد عيد»: «تنويع الدخل وعدم الإعتماد على النفط وحده غاية تسعى لها الدولة وما نراه الأن أن جيب المواطن يغني عن كل المصادر».
أما «عبد الله العدوي»، فكتب: «حسبي الله ونعم الوكيل.. هو علشان اقتصاد السعودية وقع والبترول قل ياخدوا من فلوس المعتمر!».
ودعا «محمد عبد الله المقرن»، إلى الرفق بالمواطنين، وكتب: «يا وطن رفقا بالمواطن».
فيما قالت «أنفال»: «كفى استغلال للمواطنين.. أجانب كانوا أو سعوديين».
وتساءل «ميلان»: «إلى متى والمواطن يظلم؟».
وشبه «سالم البلوي»، تعديلات الحكومة بالمنشار، وقال: «تعديلات الحكومة مثل المنشار في الخشب.. طالع يأكل.. نازل يأكل».
تراجع الاحتياطي
يشار إلى أن آخر تقرير لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، كشف عن تراجع موجوداتها خلال شهر يونيو/ حزيران المنصرم بحوالي 42 مليار ريال (11.19 مليار دولار)، حيث انخفضت إلى 2185 مليار ريال (582.59 مليار دولار).
وأضافت المؤسسة، أن موجوداتها انخفضت، خلال يونيو/ حزيران، بنحو 380.3 مليار ريال، ما يعادل تراجعا سنويا بنسبة 15%، حيث بلغت هذه الموجودات في شهر يونيو/حزيران 2015 حوالي 2565 مليار ريال، وأنهت السنة الماضية عند 2373 مليار ريال.
كما تراجعت استثمارات مؤسسة النقد العربي السعودي في أوراق مالية في الخارج بنسبة 24% خلال ذات الشهر، على أساس شهري، إلى 1380.7 مليار ريال.
ويرجع مراقبون هذا التراجع الملحوظ إلى تداعيات تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية والتي فقدت نحو 60% من قيمتها منذ منتصف 2014، إضافة إلى العجز الذي تعاني منه الموازنة العامة للسعودية، حيث تضطر الرياض للسحب من هذه الاحتياطيات لتغطية العجز المالي.
عجز الموازنة
وكانت السعودية، أعلنت عن موازنتها العامة للدولة لعام 2016، بعجز قدره 326.2 مليار ريال، ما يعادل حوالي 87 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة السعودية أن تبلغ الإيرادات 513.8 مليار ريال (حوالي 137 مليار دولار)، مقابل نفقات تصل إلى 840 مليار ريال (حوالي 224 مليار دولار)، ما يعني عجزا مقداره 326.2 مليار ريال.
وتسبب هذا العجز، في لجوء المملكة إلى بيع سندات لتغطية عجز ميزانيتها الحكومية، وذلك بفائدة ثابتة لأجل 5 و7 و10 سنوات.
وتصدر المملكة سندات محلية بنحو 20 مليار ريال شهريا منذ أواخر العام الماضي، للمساعدة في تغطية العجز في الميزانية.
صفقات السلاح
وأظهر بيان وزارة المالية السعودية أن القطاع الأمني والعسكري استحوذ على نصيب الأسد من الميزانية السعودية للعام الجديد بإجمالي 213.37 مليار ريال، يليه قطاع التعليم والتدريب والقوى العاملة بمخصصات قدرها 191.659 مليار ريال، ثم قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية بمخصصات 104.86 مليار ريال.
وتعتبر السعودية الآن، ثالث أكبر منفق على صفقات السلاح، في العالم، وفقاً لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي للسلام (سيبري)، أبريل/ نيسان الماضي.
وبلغ إنفاق المملكة في عام 2015 حوالي 82.2 مليار دولار أي ما يعادل 5.2% من الانفاق العالمي، متجاوزةً بذلك روسيا التي بلغ إنفاقها العسكري 66.4 مليار دولار.
ويعد هذا الانفاق العسكري، هو الأعلى كحصة من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 1990 بنسبة 13.7%.
جاء ذلك، بعدما كلف التدخل العسكري السعودي لدعم الشرعية في اليمن، المملكة، ما يعادل 5.3 مليار دولار، بحسب إحصائيات.
وسيطرت السعودية على سوق النفط، منذ سبعينيات القرن الماضي، حين أصبحت المنتج الأعلى للنفط في العالم، إلا أن تراجعه منتصف 2014، وفقدانه أكثر من 70% من سعره، في فترات متفاوتة، دفع المملكة لإطلاق «رؤية 2030»، للتحول إلى الاعتماد على الاقتصاد غير النفطي، لمواجهة الأزمة التي تسبب فيها انخفاض السعر.
تويتر-