لن تكتفي الحكومة من غرف جيوب المواطنين، هكذا هي شهية التقشف، ما أن تبدأ حتى تستمر إلى أن تفقر المواطن، وتنتزع منه الراتب والمدخرات، وكما هي عادة الحكومات التي تتبع وصايا وأوامر صندوق النقد الدولي، لا تمس جيوب أصحاب الشركات والمداخيل الهائلة، وكأنها تأخذ من الإنسان البسيط، لتعطي الأغنياء كي تزيدهم غنى، تفرغ أكياس محدودي الدخل، وتفرغه في أكياس الأغنياء، فيختل ميزان العدالة الاجتماعية.
وقد كتبت جريد الراي يوم أمس الثلاثاء 16 أغسطس الجاري، على صدر صفحتها الأولى ما معناه أن لجنة ترشيد الدعم الحكومي تدرس حالياً، رفع مقترح إلى مجلس الوزراء، يقضي برفع الدعم عن أسطوانة الغاز، والاقتراح يقضي برفع سعر أسطوانة الغاز نحو 6 أضعاف، بحيث تقدر هذه الزيادة بين دينارين ونصف الدينار وخمسة دنانير.
وهذه اللجنة الحكومية لا تعرف قيمة الدنانير الخمسة بالنسبة للمواطن والوافد، كما أنها لم تدرس أن المطاعم والمحلات، التي يعتمد عملها على الغاز، سترفع أسعارها تلقائياً بعد رفع سعر أسطوانة الغاز، وهو عبء مضاعف على المواطن، الذي حمل منذ البداية عبء عجز الميزانية وانخفاض سعر برميل النفط، ومعاقبته على الهدر الحكومي للمال العام، وعلى الفساد وعمليات الإفساد، والتنفيع وإرساء المناقصات على شركات فاشلة معروفة بفسادها.
ولا نعرف الدور على أي خدمة أو سلعة في المستقبل، لكن من الواضح أن الانتشاء بتوفير 25 مليون دينار بهذه الزيادة، سيدفع الحكومة إلى زيادة أسعار خدمات أخرى، ورفع الدعم عما تبقى من مكتسبات الشعب الكويتي، ليصبح الوفر أكبر لمصلحة الشركات الرأسمالية وللفاسدين من المتنفذين، وليس لمصلحة التنمية الوهمية.
لقد كانت كل احتجاجات الكويتيين وحراكهم الشعبي في الماضي، موجهاً ضد خنق الحريات والانتقاص من مكتسباتهم السياسية والدستورية، وبعد سياسة التقشف وتحميل المواطنين أعباء معيشية إضافية، سيكون الاحتجاج على الانتقاص من حقوقهم الاجتماعية، لتزداد الأزمات عمقاً.
فبعد زيادة أسعار البنزين وأسطوانة الغاز، ستأتي زيادة تعرفة الكهرباء والماء، وستنفتح شهية الاستيلاء على جيوب البسطاء، والغريب أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية، نشرت في الصحف المحلية إعلاناً يكلف آلافاً من الدنانير، فقط لتعلن أنها قررت زيادة معاشات المتقاعدين 30 ديناراً، وهي زيادة دورية مقررة وليست مكرمة.
وليد الرجيب- الراي الكويتية-