القبس الكويتية-
ليس التوافق، إن تمّ اليوم، بين المجلس والحكومة منَّة من أحدهما، أو من كليهما. فواجب السلطتين في اللحظات الصعبة، سياسياً أو اقتصادياً، هو التعاون. ولا حاجة للتذكير بأن الإصلاح ضرورة، لئلا تستهلك الكويت الاحتياطيات وتصير البلاد صفر اليدين بعد عز الرفاه، وبأن واجب السلطتين - بعد التفاهم على زيادة الرسوم - هو التفاهم على وقف الهدر والفساد.
لا مفر من زيادة أسعار الكهرباء والبنزين، ليس لسد جزء من العجز المالي فحسب، بل ليتعلم المواطن والمقيم الاستهلاك بلا تبذير، بوصفه قيمة اجتماعية وأخلاقية قبل أن تكون مالية.
والقضية وطنية، وبالطبع أكبر من مصالح انتخابية لبعض النواب. لذا لا ضرورة لرفع الصوت دفاعاً عن محدودي الدخل؛ لأن ممارسة كهذه في هذا الظرف ليست سوى شعبوية ممجوجة.
وإذا كان النواب مطالبين بمساعدة الحكومة في هذا الملف الحيوي، فعليهم في المقابل الضغط عليها لزيادة فرص العمل وتنويع دخل المواطنين؛ ليتجاوزوا كلفة زيادة رسوم الخدمات والسلع، علماً ان التدرب على قليل من التوفير يخفض معظم الكلفة على المواطن.
وإيجابية النواب في هذا الملف ستكون بمنزلة دين لهم على الحكومة، يتيح لهم زيادة الرقابة عليها ومحاسبتها.
كلنا نعلم ان استمرار العجز المالي إلى ما شاء الله يهدد الجميع، أفراداً وأسراً ومؤسسات ودولة قانون. لذا فإن الإصلاح المالي حاجة ملحة، وهو إذا كان أمس بكلفة أقل من اليوم، فإنه اليوم أقل كلفة من غد.
تعاون السلطتين مطلوب، خصوصاً حين يراعي محدودي الدخل والطبقات الاجتماعية غير الميسورة، فيحمّ.ل كبار مستهلكي الخدمات العامة أكثر مما يحمّ.ل المستهلكين الآخرين، فتعميم الأكلاف العادلة مبدأ ديموقراطي يساعد في سد العجز، ويسمح للناخب بمحاسبة النائب، وللنائب بتفعيل محاسبته للسلطة التنفيذية.
لسنا وحدنا في معمعة خفض الدعوم وترشيد الانفاق، فالدول الخليجية الأخرى سبقتنا إلى إجراءات ووجدت حلولاً وسطاً.
نشد على يد المجلس مطالبين إياه بتسهيل إجراءات الحكومة، ونشد على يد الحكومة لتبادر وتنفّ.ذ، لكن ذلك لا يعفي المجلس من واجبه في معالجة أرقام الهدر المذهلة (العلاج في الخارج مثلاً) ولا يعفي الحكومة من واجب ترشيد نفقاتها وضبط الهدر فيها ومحاربة الفساد المستشري في جنبات وزاراتها.
أخيراً، كلمة إلى الحكومة: لك سلطات تنفيذية وللمجلس سلطاته الرقابية والتشريعية، فإلى متى هذا الخلط؟ ومتى يتم التحلي بالجرأة في ممارسة توزيع فعلي للسلطات؟