الاقتصادية السعودية-
إذا كانت السلطات المتعارف عليها لدى الدول تتمثل في التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، والإعلام – كما يوصف بالسلطة الرابعة، فإن "الإنترنت" باتت عند السعوديين السلطة الخامسة التي يسعون من خلالها إلى الكشف عن مميزات وسلبيات مجتمعهم، خصوصا أن عددهم في الشبكة العنكبوتية يتجاوز الـ 20 مليون مستخدم – بحسب دراسة حديثة.
وكشفت أحدث الإحصائيات الصادرة في يناير الحالي عن مؤسسة "نحن والمجتمع" العالمية للأبحاث التسويقية ومقرها في سنغافورة، أن عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية وصل في 2015 إلى 20 مليونا، من عدد سكان بلغ نحو 31.85 مليون نسمة، يمتلك 11 مليونا منهم حسابات نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي بزيادة نمو 20 في المائة عن 2014، موضحة أن عشرة ملايين يستخدمون منصات التواصل عبر الجوال بزيادة نمو 25 في المائة عن العام الماضي.
وجاء برنامج "الواتساب" في مقدمة الوسائل المستخدمة بنسبة 27 في المائة، يليه "الفيسبوك" بنسبة 25 في المائة، ثم "فيسبوك ماسنجر" و"تويتر" بنسبة 20 في المائة لكل منهما. وحول دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام لدى المواطن السعودي قال لـ "الاقتصادية" الدكتور خالد الحلوة الأستاذ المساعد في قسم الإعلام في كلية الآداب في جامعة الملك سعود، "إن الإعلام الجديد يلعب دورا مهما في تشكيل الرأي العام في الوقت الحالي، حيث كانت مصادر المعلومة في السابق مقصورة على الإعلام التقليدي، الذي كان محدود الانتشار والموضوعات والقضايا، بينما مواقع التواصل الاجتماعي الآن تقدم مواضيع مختلفة ومتنوعة، وبدون رقابة تقريبا، وتصل إلى الجمهور بسرعة فائقة، ما أسهم في زيادة وعي الناس بالقضايا الاجتماعية والسياسية من حولهم".
وأوضح الدكتور الحلوة، أن شبكات التواصل توفر لمستخدمها إبداء الرأي بشأن أي قضية في الوسيلة التي يختارها وبالشكل الذي يريد، مشيراً إلى مساهمة ذلك في تشكيل الرأي العام داخل أي مجتمع في العالم، ويشمل ذلك المجتمع السعودي، حيث إن السعودية تعد من أكثر المجتمعات استخداما لوسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار الأستاذ المساعد في قسم الإعلام، إلى أن شبكات التواصل تتميز بعدة أمور جعلتها قادرة على منافسة وسائل الإعلام التقليدية، كالسرعة وتنوع المحتوى من أخبار وتعليقات ومواد إعلامية مصورة، إضافة إلى التفاعل، حيث يستطيع المستخدم الرد والمشاركة، كما أنه يستطيع إنشاء المحتوى الإعلامي بنفسه، كإنشاء المدونات الخاصة التي يطرح فيها رأيه الشخصي.
وبين أن من أهم مزايا شبكات التواصل الاجتماعي، الحصول على المعلومات في وقت سريع والتفاعل معها ومشاركة الآخرين بالتعليق والحوار، إضافة إلى التواصل مع القريب والبعيد منهم، وتكوين صداقات جديدة تثري اطلاع وثقافة المستخدم.
كما أنه من المزايا أيضا تشجيع الهوايات وإنشاء المجموعات الشبابية لإنجاز المهمات، مثل التطوع في الحملات الخيرية المفيدة للمجتمع، وكذلك التسويق وتوظيف الطاقات الإبداعية فيما يعود على الشباب بتنمية مهاراتهم وفرصهم الوظيفية.
وفيما يتعلق بسلبيات تلك الوسائل، أوضح الدكتور الحلوة، أن من أكثر السلبيات استغراق البعض في استخدام منصات التواصل الاجتماعي لدرجة الإدمان ما يمنع الشاب من الانتباه لأمور حياته المهمة خارج هذه الشبكات، وكذلك من العيوب اختراق الخصوصية والتشهير والإساءة للآخرين، إضافة إلى الدخول في مهاترات طويلة مبنية على التعصب الرياضي مثلا أو التعصب الطائفي أو القبلي، وكل ذلك خطر على استقرار المجتمع.
وأوصى بتخصيص وقت محدد لتلك الوسائل، والانتباه إلى تنمية العلاقات الاجتماعية المباشرة مع الأهل والأصدقاء، وعدم جعل وسائل التواصل الاجتماعي أداة هرب من الالتزامات الاجتماعية، بل يجب استخدامها فيما يعزز التواصل وتبادل الأفكار والمشاعر الودية بين الناس.
ويرى الدكتور الحلوة أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست فورة وقتية كما يظن البعض، بل قد تطور وتكون أطثر سهولة في الاستخدام، وربما يظهر مزايا تساعد على الوصول إلى المعلومة بطريقة مباشرة وأقرب كثيراً إلى حاجة المستخدم فتوفر عليه الوقت.
ويتفق الدكتور عبداللطيف العوفي أستاذ الإعلام والعلاقات العامة في جامعة الملك سعود مع الرأي القائل بتأثير الإعلام الجديد في تكوين الرأي العام السعودي، مبينا أن المواطن السعودي ما هو إلاّ فرد من من ضمن مواطني العالم الذي شكلت وتشكل وسائل التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في اتجاهاته وآرائه حول القضايا والأحداث من حوله.
وأوضح الدكتور العوفي أن "تويتر" أصبح وسيلة اتصال عام يستخدمها المواطن والمسؤول والشرطة أو المؤسسة وجماهيرها بشكل مباشر دون توسط بينهما، مشكلا ما يسمى بالسلطة الخامسة، مشيراً إلى أن الموقع أصبح في المملكة أداة الرأي العام الأولى، حيث تشيع الرأي ويتم من خلاله تبادل الآراء المجتمعية ما بين مؤيد ومعارض وبدرجة كبيرة من الحرية، ما يولد رأيا عاما عن كثير من الأحداث والوقائع الجارية سواء كانت سياسية أو اجتماعية، وذات أهمية بالغة أو غير مهمة.
فيما يرى المهندس وليد طلعت استشاري في تقنية المعلومات، أن الجوال أصبح هو الرفيق الأول في هذا الزمن، بل زاد الأمر على ذلك بأن عزل كثيرين عن مجتمعاتهم معظم ساعات اليوم، وخلق لكل شخص عالمه الخاص به.
وأرجع المهندس طلعت وجود كثير من المشكلات الأسرية، ومشكلات الموظفين مع أصحاب العمل، إلى انشغال الأفراد بالعالم الافتراضي عن العالم الحقيقي.