مجلة «فورين بوليسي»- ترجمة بهاء العوفي -
كشفت مجلة «فورين بوليسي»، أن شركة «أرامكو» السعودية، أكبر شركة نفط بالعالم، تعرضت لهجوم إلكتروني استهدف أنظمة أمانها في أغسطس/آب الماضي، فيما تشير أصابع الاتهام إلى أن إيران هي المتهم الأول بالهجوم.
ووفق المجلة، فإن الهجوم كشف عنه الأسبوع الماضي، تقرير سري لشركة «FireEye»، المتخصصة في الأمن الإلكتروني، التي أسسها قدامى المحاربين في وكالة الأمن القومي الأمريكية، وقالت إن الهجوم استهدف أنظمة الكمبيوتر المصممة لمنع وقوع كارثة في منشأة صناعية.
فيما نفت «أرامكو»، في بيان، وقوع الهجوم، وقالت: «لم تكن شبكات الشركة جزءا من أي هجوم أو خرق أمني إلكتروني».
وجاء الكشف عن استهداف «أرامكو» من قبل قراصنة، في وقت تستعد فيه الشركة لما سيكون على الأرجح أكبر طرح عام في كل العصور.
وكان ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» قد ركز على الاكتتاب العام للشركة باعتباره محور خطة الإصلاح الشاملة التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد والاستفادة من البيع من أجل ضمان جهود التحديث الطموحة.
ووفق المجلة، ذهب التقييم الأولى للهجوم على شركة «أرامكو»، إلى أن إيران هي الجاني المحتمل، ولكن خبراء أمن الحاسوب الآخرين الذين فحصوا الحادث حذرون من تحديد المسؤولية قبل الأوان، وقال أحد مسؤولي المخابرات الأمريكية سابقا والذي على دراية بهذا الحادث: «ربما تكون هذه واحدة من أصعب حالات الإسناد (تحديد الجاني) التي نظرت إليها على الإطلاق».
وأضافت المجلة أنه على الرغم من أن الهجوم الذي تعرضت له «أرامكو»، استهدف مباشرة أنظمة السلامة في المنشأة، لكنه كان مصيره الفشل في نهاية المطاف.
ونقلت عن الشركة الأمريكية، أن القراصنة استحدموا برامج ضارة متطورة، يطلق عليها اسم «تريتون»، للتحكم عن بعد في الأنظمة والعمليات، وهاجموا نظام السلامة المعروف باسم «تريكونيكس»، والذي يتم تصنيعه من قبل الشركة الألمانية «شنايدر إلكتريك»، ويستخدم في جميع أنحاء العالم، ويوفر وظيفة الإغلاق في حالات الطوارئ.
وبحسب «فورين بوليسي»، اعتقد محللون في الشركة الأمريكية في تقريرهم أن البرامج الضارة يمكن أن تكون نتاج التعاون بين روسيا وإيران.
ويأتي الهجوم على شركة «أرامكو» في ظل اعتداءات إلكترونية متكررة من قبل إيران على السعودية باعتبارها عنصرا من عناصر التنافس الإقليمي بين البلدين، الذي تضاعف مع اكتساب القوات الإيرانية العاملة بالوكالة تأثيرها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وكان قراصنة يعتقد أنهم يعملون نيابة عن إيران هاجموا «أرامكو» في عام 2012، ونجحوا في محو معلومات 30 ألف جهاز كمبيوتر في الشركة المترامية الأطراف، وقد ربط خبراء الأمن الهجمات الإلكترونية اللاحقة على السعودية بإيران أيضا.
وفي الأيام الأخيرة، تصاعدت حدة التوتر بين الرياض وطهران، حيث اتهم المسؤولون الأمريكيون والسعوديون إيران بإمداد الحوثيين في اليمن بالصواريخ التي استخدمت ضد أهداف في السعودية.
وتمثل «أرامكو» هدفا طبيعيا في التنافس بين البلدين، وقالت «سامانثا رافيتش»، وهي مستشارة رفيعة المستوى في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مجموعة بحثية صاخبة في واشنطن: «لا يوجد شيء أكثر أهمية في المملكة العربية السعودية من النجاح في إطلاق الاكتتاب العام لأرامكو».
وأضافت: «هذا يتناسب مع نمط من الذهاب بعد المحرك الرئيسي لما يثبت المملكة العربية السعودية، والتي هي في هذه المرحلة اقتصاد غير متنوع يستريح على أكتاف أرامكو»، بحسب «فورين بوليسي».
ولفتت المجلة إلى أنه «رغم أن الهجوم على أرامكو فشل في نهاية المطاف، لكنه يوفر صورة للصراعات القادمة، فاستهداف البنية التحتية الحيوية عبر البرمجيات الخبيثة يمثل مرحلة خطيرة من القرصنة الإلكترونية، وإخراج أنظمة السلامة عن عملها هو أحد الطرق لإلحاق الضرر بالصناعات المهمة للخصم».
يشار إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» السعودية «أمين الناصر»، إن «أرامكو» درست بورصات محلية وعالمية مثل نيويورك ولندن وطوكيو وهونغ كونغ، من أجل الإدراج الجزئي لشركة النفط الوطنية العملاقة.
ويقدر الخبراء قيمة «أرامكو» بما بين تريليون وترليوني دولار، ما يعني أن النسبة المطروحة قد تدر عائدات بنحو 100 مليار دولار.
وستساهم عملية البيع في تغطية العجز الذي خلفه تراجع أسعار النفط منذ عام 2014، حيث بلغ مجموع العجز في ميزانيات السنوات الثلاث الأخيرة نحو 200 مليار دولار.
وقبل أيام، أعلنت السلطات السعودية عن حالة تأهب قصوى للتصدي لهجمات إلكترونية قالت إنها توصلت أنها تستهدف مواقعها الإلكترونية، وذلك وسط تكرار للتهديدات الإلكترونية التي تواجهها المواقع والحسابات الرسمية للمؤسسات الحكومية في المملكة.