د. محمود المدني- عكاظ- تفاجأنا في الأيام الأخيرة بقصة التحرش التي تعرض لها بعض النساء في مدينتي جدة والطائف. فهناك بعض الشباب لم يعد يملكوا الاحترام والذوق والأدب وقبل كل ذلك ضعف الدين والأخلاق. في الماضي كان هناك رقي في التعامل وحياء ومحافظة على حقوق الجار والغير، فكان الرجل الحر إذا رأى امرأة محتشمة لا يتعرض لها أبدا، وإذا رأى غير المحتشمة غض البصر.
نعم مكافحة التحرش تأتي من التربية في المنزل والمسجد والمدرسة والمجتمع فالجميع له دور مهم في التوعية وهو الأساس في زرع المبادئ والخوف من الله. ولكن لا يغني ذلك عن تقنين عقوبة رادعة للمتحرش، فهناك بعض الناس لا يردعه سوى العقوبة الصارمة (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). ولذلك فإن الحل الأمثل هو أن يتم إصدار قانون يكافح التحرش يتماشى مع النظام الإسلامي. خاصة أن هناك دراسة حديثة أجرتها الباحثة السعودية نورة الزهراني تحت عنوان: «التحرش الجنسي بالنساء» وكانت على عينة عمرية بدأت من سن 18 وحتى 48 ، فوجدت أن 78% من العينة تعرضن لتحرش جنسي مباشر، فيما أكدت 92% من نفس العينة على أن التحرش الجنسي في ازدياد.
وقد قطع مجلس الشورى شوطا كبيرا في مناقشة مشروع قانون التحرش في الأعوام الأخيرة ولكن للأسف تم إيقافه. وقد اقترح المجلس أن ينص مشروع القانون على: «عقوبة للمتحرش جنسيا بالسجن عاما وبغرامة تصل إلى 100 ألف ريال». كما جاء فيه أيضا: «أن السلوك يعتبر تحرشا جنسيا معاقبا عليه إذا كان فيه قول أو عمل أو إشارة أو موقف - لا يدع مجالا للشك في دلالته - على الرغبة في الإيقاع الجنسي بالطرف الآخر أو إهانته أو استفزازه أو تحقيره بسبب جنسه أو مجرد خدش حياء الأذن أو خدش حياء العين».
وللرد على بعض القائلين بأن إصدار قانون لمكافحة التحرش يعتبر مدعاة للاختلاط. نقول إن هناك اختلاطا حقيقيا موجودا في مجتمعنا (لا داعي لإنكاره) ولكن بضوابط في بعض الشركات والمستشفيات والجامعات ومجلس الشورى وغيرها وهذا القانون سيكون سلاحا في أيدي الموظفات ضد من يتحرش بهن أو يتجاوز حدوده معهن.
بعض الباحثين رأى أن من عيوب هذا القانون أنه سيجعل المرأة هي الوحيدة التي لها حق أن تقدم شكوى ضد من تحرش بها، في الوقت الذي لا يعطي القانون هذا الحق لأي طرف آخر، وبالتالي لا يحاسب من يتحرش بالمرأة إذا كانت راضية بهذا التحرش أو المعاكسة. وحلها هو أن ينص القانون على أن هناك (حقا عاما) ودورا مجتمعيا يكفل للمجتمع حق الشكوى ضد المتحرش حتى لو لم تشتكِ المرأة في حقها الخاص.
كما لابد أن يحتوي النظام على عقوبة صارمة على المرأة المتبرجة والسافرة التي تخرج بملابس تلفت النظر وتجذب الرجال وتدفعهم لأذيتها والتحرش بها. فلا يمكن أن يكون هناك عقوبة فقط للرجال المتحرشين في الوقت الذي لا يكون فيه عقوبة للنساء اللاتي يدفعن الرجال للتحرش بهن.
إن صدور هذا النظام أصبح ضرورة قصوى، وعند صدوره فلابد من تطبيقه بشكل دائم مستمر، لأن وجوده مع عدم تطبيقه سيجعل هناك خللا في المجتمع كبيرا وسيدعو البعض للتهاون بالقانون. فلا يمكن لقانون مهم كهذا يسد ثغرة جوهرية في المجتمع أن يترك حبرا على ورق بعد إصداره، وإلا صار عدمه أفضل.
4 وزارات تناقش إشكالات بعد البيع في شقق التمليك
عكاظ- يشارك ممثلون لوزارات الإسكان والعمل والعدل والشؤون الاجتماعية، إلى جانب عدد من المختصين في ورشة عمل تعقد الشهر المقبل بجدة عن تنظيم قطاع التملك في السوق العقاري، ومشاكل ما بعد البيع في هذا القطاع وكيفية الحفاظ على حقوق الملاك، والعلاقة بينهم.
أكد ذلك لـ«عكاظ» عبدالله الأحمري عضو اللجنة العقارية في غرفة جدة، وقال إن الورشة ستعقدها اللجنة العقارية الشهر المقبل، ويشارك فيها مندوبون من عدة جهات حكومية وخاصة لبحث الإشكالات المتعلقة بشقق التمليك والعلاقة بين الملاك وكيفية صيانة مباني التمليك والحفاظ عليها وخاصة الأجزاء المشتركة بين الملاك.
وأضاف: كانت «جمعية اتحاد الملاك» هي المعنية بملف صيانة شقق التمليك وإدارة مرافقها المشتركة، وكانت تشرف عليها وزراة الشؤون الاجتماعية قبل أن تتحول هيئة الإسكان إلى وزارة.
وستبحث ورشة العمل في إيجاد الحلول الناجعة لإشكالات القاطنين في وحدات التمليك الجاهزة، والتي نجمت عن دخول غير المختصين في مشاريع بناء الوحدات السكنية، مستغلين حاجة السوق العقارية والمواطنين للمساكن الجاهزة المعدة للتمليك.
وأكد الأحمري أن ذلك أدى إلى بناء وحدات سكنية مخالفة للاشتراطات، وقد عانى من ذلك كثير من المواطنين بشكل واضح، حيث ظهرت على وحداتهم السكنية التشققات وهبوط الأرضيات والأسقف، وكل ذلك نجم عن غياب الجهات المشرفة هندسيا على بناء مثل هذه المشاريع الإسكانية. مشيرا إلى أن مثل هذه الإشكالات أدت إلى عزوف معظم المواطنين عن تملك الوحدات السكنية الجاهزة رغم حاجتهم لها، فضلا عن أن هناك مخالفات عدة لاشتراطات البناء التي تضعها وتشرف على تنفيذها أمانات المدن جرى اكتشافها في كثير من مشاريع التمليك للوحدات السكنية.
من جهته، أوضح المواطن عبدالله باوارث حجم الخسارة المادية والمعنوية التي تعرض لها بعد شرائه لشقة تمليك في حي النسيم بجدة، مؤكدا أنه ادخر المال طويلا لتحقيق حلم تملك المنزل، لكن ما لبث أن اكتشف وقوعه في شرك النصب والاحتيال من قبل صاحب البناية التي اشترى فيها شقته السكنية. يقول باوارث «اشتريت منذ سبع سنوات هذه الشقة المكونة من سبع غرف وخمسة حمامات ومطبخ، وقد ظهرت مؤخرا العديد من التشققات والتصدعات في جدران الشقة، بل وحتى بلاط الحمامات والمطابخ والسيراميك، وهو أمر تكرر في عدد من شقق البناية». وأضاف «قمت بمراجعة فرع وزارة التجارة والصناعة بجدة، للفصل في العقد المبرم بيني وبين صاحب البناية، والمشتمل على ضمان مواد البناء في الشقة، إلا أنني تفاجأت برد (عدم الاختصاص)، بعدما حولت معاملتي إلى مكافحة الغش التجاري في الوزارة». ويستطرد قائلا «ليس ذلك فحسب، بل إن شكواي تضمنت تقريرا هندسيا أثبت خطورة التشققات في الشقة على الساكنين فيها.. والمذهل أنه عندما ذهبت إلى الأمانة للاستفسار عن البناية، وجدت أن هناك تعديات في مساحة البناء، وأنه لم يتم إفراغ صك ملكية البناية حتى الآن، بسبب ذلك». واختتم باوارث حديثه بالقول «لقد قمت بشراء شقتي بمبلغ 525 ألف ريال، دفعت منها 400 ألف، وباقي المبلغ أسدده شهريا لصاحب البناية، الذي امتنع عن معالجة تشققات الجدران وتعويضي عن خسائري واكتفى بالمطالبة بالأقساط الشهرية المتبقية.