علي الجحلي- الاقتصادية السعودية-
يستمر بحث من يصاب بمرض عن العلاج. ليس هناك فرق بين المرض الجسدي والنفسي عند البعض. السبب أنهم يعتقدون أن المرض يكون إما نتيجة "عين" أصابتهم أو مس أو سحر. يبحث هؤلاء أول ما يبحثون عن القراء الذين يعالجون بالتلاوة والرقية الشرعية.
القرآن شفاء، لكن لا بد أن نعرف أن جسم الإنسان ونفسيته مرتبطان إلى حد يتجاوز توقعاتنا. المرض حالة لا بد أن تمر على الجميع، وضغوط الحياة مع تزايدها لا بد أن تؤثر فينا وتدفع بالبعض إلى الوسواس أو القلق أو ما هو أخطر من ذلك.
إن قناعة الناس بعلاج الصعوبات الصحية التي يواجهونها في المستشفيات وعند الأطباء الذي يسخرون جزءا كبيرا من حياتهم للتحصيل ليصلوا إلى أفضل مستويات الكشف والعلاج، راسخة إلى حد بعيد.
أما العلاج النفسي الذي يمتهنه متخصصو الطب النفسي، فلا يزال تحت ضغوط الشك وعدم الثقة من قبل كثير من طبقات المجتمع. يسهم في ذلك الكم الكبير من الشائعات وانعدام الوعي بمختلف الأمراض التي يمكن أن تصيب الإنسان السوي. الاعتقاد أو الرمي بالجنون لمن يراجعون العيادات النفسية، أمر محبط وهو من علامات الدول الأقل تقدما وحضارة.
من هنا تنشط عمليات الرقية سواء كانت شرعية أو من قبيل الشعوذة التي نهى عنها الشرع. يبقى القرآن علاجا شافيا للجميع، ويمكن أن يعالج المرء نفسه بالقرآن والأدعية التي ثبتت عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ لكن الثقة بقدرة أشخاص معينين على العلاج، تدفع بالناس إلى الذهاب لمن يمارسون هذه الأعمال بحق أو دون حق.
المفروض أن تحكم التداوي لدى الرقاة مجموعة من المبادئ. يجب أن يضع الراقي لوحة كبيرة توضح هذه المبادئ، وأولها أن يكون مع المرأة محرم في أثناء الرقية، خصوصا أنه يمكن أن ينتج عن الرقية تكشف جسد المرأة أو صراخها، وغير ذلك من الأمور التي يجب ألا يطلع عليها الأجنبي.
بهذه الطريقة نتمكن من التحكم في العلاقة التي تربط الراقي بالمريض "المريضة"، ونقطع دابر الأشخاص الذين يمارسون ما فعله الراقي الذي يحاكم الآن بتهمة التحرش بامرأة أتت تبحث عن العلاج عنده، فأضاف إلى حياتها إساءة وذكرى ومأساة أكبر.