عبدالرحمن العيسى- الشاهد الكويتية-
اعترف انني من الجيل الذهبي، جيل الثمانينات الجميل الذي نفتقد الكثير من جمالياته هذه الأيام، وربما يندهش جيل الايفون في أيامنا هذه عندما يعرف ان السالمية القديمة نهاية الدائري الرابع كانت احد اهم مراكز التسوق في الكويت، رمز الرأسمالية الكويتية وملتقى العشاق الطيبين، بمحلاتها الصغيرة والعمارة المدورة المشهورة التي ازيلت مؤخراً ومحل فطائر اللحم المصري المشهور الذي انتهت أيامه هو الاخر، كانت السالمية القديمة نقطة تجمع كل أهل الكويت بشيبانها وشبابها في تلك الأيام، هي والنافورة الراقصة، ورغم ازدحامها الشديد وهنا بيت القصيد، الا اننا لم نشهد التحرشات الفجة التي نراها من شباب هذه الأيام أبدا، ليست بتلك الوقاحة على الإطلاق، ودعوني أسهب في هذا الأمر.
لا ادري ماذا حدث للشباب ولكن الظاهرة انتشرت واستفحل خطرها، المولات والمجمعات الكبرى في الكويت أصبحت أماكن خطر للعوائل والشابات بسبب تصرفات بعض الشباب، ربي يهديهم، التي تعدت حدود اللياقة والأدب بكثير، أقول البعض، ولكن هذا البعض خصوصا في زمن البلوتوث والوتسب اصبح يتباهى بتلك التصرفات المشينة، يقوم بتصويرها بنفسه وينشرها ومن ثم تدور الدورة في مواقع «التوافه» الاجتماعي وأنتم تعرفون الباقي، واعتقد أنكم لاحظتم ان كثيراً من الأسر أصبحت تتجنب التسوق بهذه المجمعات ليلا بل صارت تفضل التسوق بالصباح الباكر جدا عند افتتاح اول محل مع الساعة العاشرة صباحا تجنبا لقطعان الشباب المتحرشة التي تجول هنا وهناك مثل قطعان الذئاب، والبعض صار يفضّل التسوق الالكتروني خصوصا مع تطور خدمة التوصيل الى الباب الأمر الذي صار يوفر عناء الذهاب الى المولات ويجنبهم تلك التحرشات، الوضع تعدى حدود الغمزات والكلمات ووصل الى اللمس ومد اليد والمطاردة العلنية على الملأ وفي احيانا كثيرة وصلت الوقاحة بهولاء انهم يتحرشون بالبنت أمام ولي امرها أو عائلتها في المجمعات وعلى مرأى من الناس بدون حياء أبدا الأمر الذي تطور الى مشاجرات كثيرة، تابعوا صفحات الحوادث حتى تدركوا حجم هذا الدمار الاخلاقي الذي وصل اليه بعض الشباب.
ولربما يعتذر البعض للشباب ويقول ان ملابس بعض بناتنا هي من تشجع على التحرش، صحيح ان بعض البنات «مصخوها» شوي باللبس أو الدلع الزايد ولكن هذا ليس بعذر أبدا، انظر الى جميع الشباب الكويتي في الخارج في أوروبا وأميركا بلا استثناء، اما للسياحة أو للعلاج أو للدراسة أو غيرها، في قمة احترامه للقوانين والنظام، إذن ما السبب عندما يرجع الى الكويت ينتكس بهذا الشكل ؟ ما الذي يجعل الشباب في المجمعات اكثر جرأة على أعراض الناس بهذا الشكل ؟ الموضوع ليس له علاقة بالملابس ربما قليلا، وكيف تفسر ان اول دولة بالعالم بالتحرش بالنساء هي أفغانستان على الرغم من التعصب والتزمت المنتشر بالمجتمع الافغاني؟
بكل بساطة، من أمن العقوبة اساء الأدب، شبابنا ربي يهديهم، وارجع وأقول البعض منهم، عارف ان الواسطة يمشي حالها بمجتمع مثل الكويت ولكن مايمشي حالها بره، لذلك تراه ماشي مثل الألف خارج الديرة لانه يعرف ان اي تصرف غير لائق حتى في مجتمع منفتح على الآخر له عواقب وخيمة، أضف الى ذلك دور الأسرة في التربية خصوصا الأب والام، هل يعلم الآباء مايقوم به اولادهم في المجمعات وحدهم ؟ خصوصا هذا الجيل من 14 الى 24 سنة يخيل إليك كأن أحداً ما عمل له غسيل مخ، تصرفات بعض شبابنا في المولات أصبحت فجة ولا تطاق أبدا ويزدادون جنونا وجرأة خصوصا في ليالي العطل والأعياد ما اضطر بعض المجمعات الى وضع حراسة أمام المطاعم والكافيهات بسبب هذه التصرفات التي لم تكن موجودة في مجتمع محافظ مثل المجتمع الكويتي.
وماذا بعد، اعتقد الأمر الآن في يد الحكومة تحديدا عند اخواننا في وزارة الداخلية، الشيخ محمد الخالد رجل معروف بانضباطه وتطبيقه للقانون، أرجو من رجال الداخلية ان يشدوا على هؤلاء «الهمج» حمايةً لبناتنا وأسرنا في هذه المجمعات وصدق من قال العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة.. ودمتم.