حسن المدحوب- الوسط البحرينية-
من عجائب هذا الوطن أننا نرى أبناءه يشقون في سبيل تحصيل لقمة عيشهم، والآلاف منهم يعملون برواتب شهريةٍ لا تتعدى 250 ديناراً فقط، وفي المقابل نرى الآلاف من الأجانب يحظون برواتب لا يحلمون بمقدار عشرها في بلدانهم.
قد يقولون، إن من لا يتعدى راتبه 250 ديناراً هم من أصحاب المؤهلات الدراسية المتدنية فقط، ولكن ذلك غير صحيح، اليوم نحن نعاني من نوعين من البطالة، بطالة مباشرة قوامها ما يصل قريباً من 7500 بحريني يبحثون عن عمل، وهؤلاء بينهم قرابة 3500 جامعي.
وهناك بطالة أخرى غير مباشرة، تتشكل من أولئك الجامعيين الذين اضطرتهم ظروفهم المعيشية، إلى أن يستبدلوا بطالتهم المزمنة، بمهن ذات عائد مادي متدنٍّ جداً ولا يناسب مؤهلاتهم أبداً، وهذا النوع لا نملك إحصائيات رسمية بشأنه، ونتمنى من وزارة العمل والشئون الاجتماعية أن تظهر للناس عدد الجامعيين الذين يعملون في مهن ذات رواتب متدنية ولا تناسب تخصصاتهم العلمية.
وبالمناسبة أيضاً، فإن إحصائيات وزارة العمل المعلنة تظهر أيضاً أن هناك 19 بحرينياً عاطلاً يحملون شهادة الماجستير.
والغريب في البحرين، أن أرقام العاطلين تزداد كلما ازدادت مؤهلاتهم العلمية، فأكثر العاطلين اليوم في البحرين هم من الجامعيين، وأقلهم هم من الأميّين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، فعلاً إنه زمن مقلوب!
نحن نتعجب من كل المشاريع التي تصرف عليها الملايين، ويقال إنها من أجل توظيف العاطلين البحرينيين الجامعيين وغير الجامعيين، ولكننا نرى قوافل العاطلين تتراكم، ووصلنا اليوم لنجد أن نصف العاطلين في البحرين هم من الجامعيين!
هل يحق لوزارة العمل أن تفخر اليوم بمعدلات البطالة في البحرين، والتي تقول إنها أدنى من 4 في المئة، ونحن نرى آلاف الجامعيين عاطلين؟، وهل يحق لها أن تفخر بما تقوم به من مشاريع توظيف، ولدينا جامعيون يعملون في مهن لا تتعدى رواتبها 250 ديناراً، لأن باب توظيفهم المناسب مغلق بسبب ممارسات تمييزية فاقعة!
ماذا يفعل هذا الجامعي بـ 250 ديناراً شهرياً!، وأصلاً ماذا يفعل أي عامل بحريني آخر بمثل هذا الراتب؟، وتعلمون أنهم أحق بها من غيرهم؟، ولكن وطننا للأسف «عذاري»!
هل نلوم أي جامعي أو جامعية بقبوله وظيفة يستطيع خريج المرحلة الابتدائية العمل فيها؟، لا نلومهم أبداً، بل نتألم لحالهم لأننا نعلم جميعاً حال أهل البحرين، والمحزن في هذا الموضوع حقاً أن كل هؤلاء اجتهدوا وجدّوا وكثيراً منهم درسوا على حسابهم الخاص من أجل أن يغيروا ظروفهم وواقعهم، وفي النهاية تلقى شهاداتهم في النفاية، وينقسمون إما بين عطالة تشجيهم وتبكيهم أو مهن تصيبهم بالإحباط!
قد يقولون إن البلد صغير ولا توجد فيه وظائف لـ 7500 عاطل بحريني بينهم 3500 جامعي، ولكن الإحصائيات الرسمية تقول أن هناك 38 ألف وظيفة جديدة حصل عليها الأجانب في 3 أشهر فقط، وهناك 105 آلاف وظيفة جديدة ذهبت لغير أبناء البحرين بين عامي (2011 و2015)!