حذّر أكاديميون ومختصون في الموارد البشرية، خريجي الثانوية العامة من اختيار تخصصات جامعية بشكل عشوائي، دون دراسة احتياجات سوق العمل، إذ قد يتسبب ذلك في بطالتهم مستقبلاً، مؤكدين أنه قبل اختيار التخصص يجب تحقيق معادلة بين القدرات الخاصة والميول والرغبات الشخصية، والفرص المستقبلية في سوق العمل.
وأضافوا أن الإحصاءات تشير إلى أن 20% من المواطنين العاطلين عن العمل اختاروا تخصصات غير مطلوبة، كما تؤكد بيانات في أبوظبي أن 63% من الطلبة يغيّرون اختياراتهم بعد العام الدراسي.
وكان عدد من خريجي الثانوية العامة، أظهروا أن لديهم حيرة في اختيار التخصص الجامعي، حيث ركزوا على الاهتمام بالدراسة لتحقيق التفوق دون تحديد المسار الأكاديمي الذي ينوون الالتحاق به، الأمر الذي قد يعرّضهم لاختيارات خاطئة ينتج عنها تركهم التخصص والانتقال منه بعد عام من الدراسة، أو تخرّجهم في تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل.
«شؤون التعليم العالي»: البعض تتغيّر اختياراته خلال العام الدراسي
63% من الطلبة في أبوظبي يتركون تخصّصهم بعد سنة أولى جامعة
كشفت إحصاءات صادرة عن مجلس أبوظبي للتعليم أن 63% من الطلبة الجامعيين يتركون تخصصهم الأكاديمي بعد عامهم الأول، وأن متوسط معدل بقاء الطلبة في مؤسسات التعليم العالي بالإمارة في العام الأول يبلغ 37% تقريباً نتيجة ترك الدراسة، أو الانتقال إلى مؤسسة أخرى، أو تغيير التخصص.
فيما أشار قسم القبول والتسجيل في وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي، إلى أن بعض الطلبة تتغير اختياراتهم من فترة لأخرى خلال العام الدراسي رغم الإرشاد الذي يوجه لهم، والذي يبدأ مع بداية العام الدراسي.
وأكد وزير الدولة لشؤون التعليم العالي، الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، أن «إعداد خريجين أكفاء قادرين على تلبية الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل، هو هدف استراتيجي لوزارة التربية والتعليم، وتحقيق هذا الهدف يتم من خلال التطوير المستمر والمدروس للمناهج، لحث الطلاب على التفكير بطرق مبتكرة تتيح لهم الوصول إلى حلول مناسبة للتحديات التي تواجههم».
وأشار الفلاسي، خلال جلسة العصف الذهني التي عقدتها الوزارة، أخيراً، إلى جهود الحكومة لتمكين الطلاب وتأهيلهم ليكونوا رواد أعمال ناجحين من خلال تحفيز روح المبادرة لديهم، وتشجيعهم على تقديم أفكار خلاقة وتحويلها إلى مشروعات اقتصادية ستشكل مستقبلاً ركيزة أساسية تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، وإرساء دعائم الاقتصاد القائم على المعرفة.
من جانبه، قال مدير عام جامعة الإمارات، رئيس لجنة معادلة الشهادات في وزارة التربية والتعليم، الدكتور محمد البيلي، إن اختيار خريجي الثانوية العامة لتخصصاتهم الجامعية يجب أن يتم وفق معادلة خاصة، تجمع بين القدرات الشخصية للطلبة، والرغبة والميول الشخصية، وفرص العمل المتاحة.
وأضاف البيلي: «تختلف قدرات وإمكانات كل طالب عن الآخر، لذا وجب على كل منهم تحديد جوانب القوة والضعف لديه، ومن ثم اختيار التخصص الذي يستطيع أن يبدع فيه، ويتميز، بدلاً من الالتحاق بتخصص يتعثر خلال دراسته، ويضطر إلى تركه والتحويل إلى تخصص آخر، بعد أن يكون أضاع عاماً أو أكثر في التخصص الذي فشل فيه».
وتابع: «تأتي الميول والرغبات الشخصية للطالب ضمن العوامل الأساسية التي يجب أن يعتمد عليها في الالتحاق بالتخصص الجامعي، لأنها تعبّر عن اهتماماته الحقيقية التي يمكن أن يبدع ويتميز بها»، محذراً من تأثير ذوي الطلبة في ميول واتجاهات أبنائهم، وفرض تخصّص محدّد عليهم.
وأضاف البيلي: «تأتي فرص العمل، العامل الثالث ضمن معادلة اختيار التخصص الجامعي، حيث يجب على الطالب النظر للمستقبل والوقوف على مدى حاجة سوق العمل إلى تخصصه، حتى لا ينتهي به المطاف إلى الوقوف في طابور العاطلين والباحثين عن عمل».
من جهتها، طالبت الوكيل المساعد للعمليات المدرسية في وزارة التربية والتعليم، فوزية حسن غريب، خريجي الثانوية العامة بالانتباه إلى حاجة سوق العمل قبل اختيار التخصص، ثم اعتماد الميول الشخصية معياراً ثانياً، كذلك الثقة بقدرتهم على دراسة التخصص والتميز فيه.
وأشارت إلى أن الوزارة أعدّت برامج للإرشاد الأكاديمي والمهني للطلبة في المرحلة الثانوية، بالتنسيق مع الجامعات وجهات مسؤولة عن الموارد البشرية والتوظيف، لتوجيه الطلاب إلى أهم التخصصات المطلوبة مستقبلاً.
ولفتت غريب إلى أن زيادة نسب البطالة تأتي من اختيار طلاب لتخصصات غير مطلوبة في المجتمع المحلي، لذا يجب التنبيه لهذه المشكلة والتحذير منها مبكراً.
إلى ذلك، أشار المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور محمد يوسف بني ياس، إلى أن التخصصات التي تحتاجها الإمارة بصورة كبيرة، خلال السنوات الـ10 المقبلة، تشمل العلوم الطبية والهندسة بكل فروعهما، وعلوم البيئة والأرض، والاقتصاد، والإحصاء وإدارة البيانات، والمحاسبة، وتدريس المواد العلمية، والكمبيوتر والتصميم، وتكنولوجيا المعلومات.
وأكد بني ياس حرص المجلس على أن يكون مساهماً في اقتصاد المعرفة، من خلال توفير الكوادر الوطنية في جميع التخصصات، مشيراً إلى أنه يتم التواصل مع الجهات الحكومية والخاصة لمعرفة احتياجاتها من التخصصات خلال السنوات الـ10 المقبلة.