متابعات-
كشف إلغاء قطاع التعليم العالي في كل من الكويت وقطر اعتماد أكثر من عشرين جامعة أردنية عن وجود مشاكل عديدة يعاني منها قطاع التعليم الجامعي في الأردن.
فقبل أيام ألغت الكويت اعتماد خمس عشرة جامعة أردنية، وتبعتها السلطات التعليمية في قطر بقرار شبيه، باعتماد ست جامعات أردنية فقط، متاحة أمام الطلبة القطريين للدراسة فيها.
وبهذين القرارين المتتاليين والمفاجئين، تمسي نحو 75٪ من الجامعات الأردنية غير معتمدة لدى الكويت وقطر، بعدما كان الطلبة الكويتيون يتخيرون بين 20 جامعة أردنية معتمدة لدى الكويت، في حين يتخير الطلبة القطريون بين 13 جامعة معتمدة لدى الدوحة.
جدل أردني واسع
حول البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذين القرارين غير المسبوقين برزت تقديرات أردنية مختلفة؛ فهناك من أعاد السبب إلى تراجع مستوى التعليم الأكاديمي، ووقوع تجاوزات كبيرة في منح الشهادات الجامعية لبعض الطلبة الخليجيين.
في حين اعتبر آخرون أنها إعادة نظر في توزيع الطلبة بين الجامعات الأردنية؛ لتحقيق التوازن في أعداد الطلبة المقبولين، والحيلولة دون تمركزهم في بعض الجامعات دون أخرى.
وبحسب وزير التربية والتعليم العالي الأردني، وليد المعاني، فإن ثلاثة آلاف طالب قطري يدرسون في الأردن، نحو ثلثهم مسجّل في جامعة واحدة من أصل 30 جامعة أردنية.
أما بالنسبة للكويت، وفق المعاني، فلم يرد ما يشير إلى سحبها الاعتماد من بعض الجامعات الأردنية، "إنما هي رغبة بتوجيه الطلبة الكويتيين إلى خمس جامعات فقط؛ لكفاءة التعليم في تلك الجامعات"، وفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
مشاكل استثنائية وليست حالة
في هذا الصدد يقول ابراهيم البدور، رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب الأردني، لـ"الخليج أونلاين"، إن عدد الجامعات الأردنية كبير، ونتيجة التنافس بينها سجّلت بعض الأخطاء الفردية هنا وهناك.
فهي -وفق البدور- مشاكل استثنائية حدثت في جامعة معينة، أو في كليات وأقسام معينة؛ دفعت الكويت وقطر إلى اتخاذ هذه القرارات، لافتاً النظر إلى أن قرارات ستصدر قريباً عن مسؤولين أردنيين سعياً للوصول إلى حلول.
وبيّن النائب البدور أن الملحقين والمستشارين الثقافيين الخليجيين الموجودين في الأردن يساهمون في جزء من المشكلة؛ من خلال تدخلهم والضغط على رؤساء بعض الجامعات الأردنية؛ من أجل دفع بعض الطلبة الخليجيين أصحاب المعدلات المنخفضة، ومساعدتهم لاجتياز المراحل الدراسية.
شهادة بكالوريوس بثمانية أشهر!
وفي سياق الحديث عن تراجع القطاع الجامعي في الأردن، أخذ أردنيون يتداولون بعض الشواهد على تجاوزات كبيرة حدثت، منها ما انتشر عن تدريس مكثف في إحدى الجامعات، مكّن بعض الطلبة الخليجيين من نيل شهادة البكالوريوس في ثمانية أشهر.
ولدى سؤال وزير التربية والتعليم العالي وليد المعاني في أحد البرامج الإذاعية المحلية عن تلك التجاوزات في بعض الجامعات، أقرّ بوقوعها ولم ينكرها، لافتاً النظر إلى أنها مخالفات تم ضبطها والتعامل معها.
تسهيلات استثنائية للطلبة وراء القرار
ورغم التصريح الدبلوماسي -كما وصفه مراقبون أردنيون- لسفير دولة الكويت في عمّان، عزيز الديحاني، الذي أشار إلى وجود أربعة آلاف طالب كويتي يدرسون في الجامعات الاردنية، وتأكيده المستوى "المتميز" للتعليم العالي في الأردن، لكن الكويت توقفت عند اعتبارات تتعلق بجودة التدريس في الجامعات من جهة، وكيفية معاملة الطلبة الكويتيين في هذه الجامعات من جهة أخرى، وفق تقرير نشرته صحيفة "القبس" الكويتية.
وكشف التقرير الذي نشر الأحد (8 يونيو الجاري) واستند إلى مصادر مطلعة، أن قرار الكويت بتقليص عدد الجامعات الأردنية المعتمدة جاء بعد زيارات وفود متكررة للجامعات.
التقرير بين أن الأمر لم يقتصر فقط على جودة التعليم في الأردن، بل استبعدت كذلك أي مؤسسة تعليمية كانت تمنح الطلبة الكويتيين أي معاملة خاصة أو تسهيلات في الدراسة.
وفي هذا الإطار، يشير فاخر دعاس، منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا"، في حديث خاص لـ"الخليج أونلاين"، إلى الكثير من المخالفات التي ارتكبتها بعض الجامعات الأردنية، وساهمت في دفع الكويت وقطر إلى اتخاذ القرار بتقليص عدد الجامعات المعتمدة.
فبحسب دعاس، هناك نظام خاص يعتمد الدراسة المكثفة خارج الحرم الجامعي، بحيث لا ينتظم الطلبة الخليجيون في الحصص الجامعية، ولكن يتم ضغط الدراسة لتكون خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وزاد الناشط السياسي بالقول إن قبول المعدلات المتدنية جداً للطلبة الخليجيين، وفتح باب الماجستير والدكتوراه على مصراعيه، دون التأكد من أهلية وكفاءة الطلبة لحمل هذه الشهادات، عوامل ساهمت في صدور القرارات الخليجية.
ويعتقد دعاس أن قرار الكويت جاء أيضاً على خلفية حادثة تزوير الشهادات التي كشفت قبل نحو عام؛ ما دفع البلاد إلى القيام بمراجعة دورية ومستمرة لقوائم الاعتماد الأكاديمي للمؤسسات التعليمية في الخارج.
وكانت وسائل إعلام كويتية نشرت تقريراً العام الفائت، عن تورط مواطن أردني في بيع شهادات جامعية أردنية مصدقة في عدة تخصصات، زاعماً أن تلك الشهادات ستكون مصدقة من وزارة التعليم العالي والسفارة الكويتية في الأردن.
في هذا السياق قالت عضوة مجلس النواب الأردني ديمة طهبوب، إنها نبهت مبكراً إلى وجود تلاعب في الشهادات الجامعية.
وأضافت في تصريحات للصحافة المحلية، بحسب "وكالة زاد الأردن الإخبارية"، أنها وجهت العام الماضي سؤالاً نيابياً حول الإجراءات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي، إثر قيام بعض الدول العربية بتشكيل لجان تحقيق حول وجود تلاعب وتزوير بشهادات جامعية أردنية.
وأشارت إلى أن وزارة التعليم أكدت في ردها على السؤال النيابي أن الأمور على ما يرام، وأن الوزارة كلفت الأقسام والدوائر المعنية فيها بمتابعة الأمر، وأن الأمر لم يتعدَ اجتماعات لم تخرج بتوصيات أو قرارات واضحة.
وهو الأمر الذي وصفته طهبوب بأنه "لا يتفق وأهمية الأمر، وأثره البالغ على سمعة التعليم العالي والجامعات في الأردن، حيث كان ينبغي تشكيل لجنة تحقيق تحدد المسؤولية، وتتخذ الإجراءات اللازمة تجاه من يثبت تجاوزه".
القرار القطري "تنظيمي"
في سياق متصل طالب مدير دائرة القنصلية في وزارة الخارجية الأردنية عاهد سويدات، خلال اجتماع لجنة التربية النيابية مع وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، الاثنين (8 يوليو)، لمناقشة قرار الكويت وقطر، بعدم إعطاء الأمر أي إطار سياسي؛ لأن "القضية أكاديمية".
بدوره أفاد مدير العمليات والناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين سفيان القضاة، أنه تواصل مع القائم بأعمال السفارة القطرية في عمان، وقد أكّد أن القرار التعليمي الخاص بالجامعات "تنظيمي فقط".
وجاءت التوضيحات بشأن قطر، في ظل توارد شائعات حول أسباب تتعلق بموقف الأردن من الأزمة الخليجية وحصار قطر، حيث أكدت مصادر قرب عودة العلاقات إلى طبيعتها قريباً.
وشدد القضاة على أن "القرار القطري لا يشمل الطلبة الذين على مقاعد الدراسة حالياً، ولن يؤثر على خريجي الجامعات الأردنية عند التقدم للعمل في قطر".