سكوت ستيوارت- الوطن السعودية-
كما يعلم كثيرون من قراء الملحق الأمني الأسبوعي لمركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، فقد ركزنا خلال السنوات القليلة الماضية بشكل كبير على تهديدات الجهاديين القاعديين -أي القواعد المؤيدة للجماعات الجهادية- الذين يمارسون نموذج الإرهاب المقاوم، بلا قيادة محددة، في وجه الغرب.
ومن الأشياء التي كنت أحاول القيام بها في كتاباتي، وضع هذا التهديد في منظوره الصحيح: إنه النوع الأكثر شيوعا من التهديدات المحتمل حدوثها.
ولكن في كثير من الأحيان، فإن النشطاء القاعديين غالبا ما يكونون محدودين في قدراتهم الحرفية، هناك أفراد قليلون فقط هم الذين بوسعهم تنفيذ هجمات إرهابية مذهلة بمفردهم.
وبسبب هذه الصعوبات، فإن المنظرين الجهاديين حثوا النشطاء القاعديين الذين يعيشون في الغرب على التركيز على شن هجمات بسيطة في حدود قدراتهم بدلا من محاولة شن هجمات أكثر تعقيدا. وقد علّم تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية الجهاديين القاعديين كيفية صناعة قنبلة "في مطبخ منزلك"، بينما يحث تنظيم داعش هؤلاء على تنفيذ هجمات بالحجارة، والسكاكين، والسيارات، وأيديهم، أو بالسم أحيانا.
ولقد تكيَّف الجهاديون في وقت مبكر مع التكنولوجيا، وأعتقد أنهم سيتحولون إليها من أجل معالجة مشكلة تدريب وتجهيز الخلايا القاعدية والمهاجمين المنفردين.
وفي غير عوالم الإرهاب، يتم استخدام تكنولوجيا الاتصالات للتغلب على طغيان المسافة. يستخدم الأطباء الآن تطبيقات الفيديو عن بُعد لتشخيص المرضى أو لاستعراض الأشعة السينية وغيرها من نتائج الاختبارات الطبية.
هناك أيضا ثورة ضخمة في مجال التعليم عبر الإنترنت من المدارس الابتدائية السيبرانية إلى الجامعات على الإنترنت.
بإمكانك أيضا أن تتلقى دروس الموسيقى والطبخ ودروسا أخرى باستخدام خدمات المؤتمرات عن طريق الفيديو التي تقدم تجربة تعليمية تفاعلية.
وإنني أعتقد أن الجماعات الجهادية ستبدأ قريبا استخدام هذه الأدوات التكنولوجية ذاتها لإنشاء "جامعات الجهاد على الإنترنت"، إن لم تكن فعلت ذلك بالفعل.
أتصور هذا بمنزلة بيئة تعليمية تفاعلية على شبكة الإنترنت المظلمة، حيث يمكن حشد الإرهابيين القاعديين عبر خطوط مشفرة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بشكل كبير. سيكون الأمر مماثلا للمجلة "إنسباير". هذا النوع من القدرة يمكن أن يحدث فارقا كبيرا في بعض الحالات السابقة، إذ كافح الجهاديون القاعديون من أجل صنع القنابل، مثل محاولة "نجيب الله زازي" تفجير نظام مترو الأنفاق في نيويورك ومحاولة "فيصل شاهزاد" تفجير تايمز سكوير.
ولكن استخدام "الجامعات الإرهابية على الإنترنت" لن تقتصر فقط على الجهاديين. الماركسيون والفوضويون والجماعات المنادية بتفوق البيض وسائر الجماعات والمنظمات المتشددة الأخرى، يمكنها بسهولة أن تعتمد على التكنولوجيا، كما اعتمدت بسرعة على الإنترنت في أعمال التجنيد والدعاية.
ما وراء الإرهاب، أستطيع أن أتخيل المجرمين يستخدمون غرف دردشة الفيديو المشفرة لتعلم مجموعات واسعة من المهارات الإجرامية، من قرصنة ماكينات الصراف الآلي إلى فتح الأقفال. الابتكارات التكنولوجية يمكنها تحقيق كثير من الأشياء الجيدة، لكنها قد لا تلبث طويلا حتى يعيد المجرمون تطويعها لتلائم أغراضا غير أخلاقية خاصة بهم وتوظيفها كأدوات للشر.