سلمان سالم-
أبنائي وبناتي الطلبة والطالبات الأعزاء في كل المراحل الدراسية، الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية وفي المعاهد التدريبية والمهنية، لقد قضيتم إجازتكم ورجعتم إلى مقاعدكم الدراسية بألف خير وسلامة، والكثير منكم في الإجازة قد خاصم القراءة والكتابة وجعل بينها وبينه جداراً سميكاً، وتلهى وتسلى بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، وبعضكم قضوا ساعات طويلة من الليل، متنقلين من محطة فضائية إلى أخرى، باحثين عن فيلم هنا أو مسابقة فنية أو رياضية هناك، في النهاية لم تخرجوا بفائدة واحدة لها قيمة معتبرة عند العقلاء، في هذا الحال ينطبق على الكثيرين منكم مع الأسف المثل القائل (كأنك يبو زيد ما غزيت).
والآن أيها الأبناء الأعزاء، بنين وبنات، لقد عدتم إلى المدرسة لتخوضوا غمار الفصل الدراسي الثاني بكل مواده الدراسية وأنشطته وفعالياته وتقاريره ومشاريعه واختباراته وامتحاناته، من المفروض أن تكون عودتكم حيوية ونشاطكم متوهجاً واستعداداتكم الذهنية والمعنوية والنفسية كبيرة جداً، وأن شهيتكم منفتحة على مصراعيها لتلقي العلم، وإرادتكم وعزيمتكم قويتان في تحقيق النجاح والتفوق والتميز في جميع المواد الدراسية، وأنكم لن تقبلوا بغير المراكز المتقدمة في تحصيلكم العلمي، وهذا يتطلب منكم بأن لا تستهينوا بقدراتكم الذهنية ولا باستيعابكم لدروسكم ولا بتحليلاتكم واستنتاجاتكم العلمية، فيجب عليكم أخلاقياً وإنسانياً أن تدخلوا السرور في قلوب أسركم ومحبيكم، وتكونوا ممن يفتخر بهم الوطن في كل المجالات والميادين، فليكن هدفكم بناء مستقبلكم بالعلم والمعرفة والثقافة الواعية، وأعلموا ألا خير في مستقبل من دون علم، ولا خير في علم من دون عمل، ولا خير في عمل من دون علم، ولا خير في علم من غير وعي.
فأعلموا أيها الأحبة، أنتم الذين يعول عليكم وطنكم في كل التخصصات العلمية والأدبية والتربوية والطبية والهندسية والفنية والتقنية وغيرها من التخصصات، فنصيحتنا إليكم ألا تسمحوا لليأس أن يدخل في نفوسكم، ويثبط هممكم ويحبط معنوياتكم، ولا تعطوا مجالاً للتقاعس والتغافل أن تبعدكم عن طلب العلم مهما كبرت المنغصات والمعوقات، أيها الأحبة، بجهودكم ومثابراتكم واجتهاداتكم ومبادراتكم العلمية تصقل مهاراتكم وقدراتكم العلمية، فالطالب الواعي والمدرك لأهمية العلم هو الذي يتغلب على كل الصعاب والتحديات الكبيرة والصغيرة، وهو الذي يقدر العلم والمعلم ويثبت وجوده في كل الميادين التربوية والتعليمية، وهو الذي يقتنص الفرص الخيرة التي تفيده، وهو الذي لا يقبل لنفسه أن تكره وتبغض أحداً من الناس وأن تلوث بالأخلاقيات السلبية والسلوكيات الوضيعة، وهو الذي يجري وراء المعلومة المفيدة أين ما وجدت، وهو الذي ينظر لما قيل ولا ينظر إلى من قال، فالعبرة في الكلمة وليس في قائلها بالضرورة، وهو الذي يوسع مداركه ومعارفه بمختلف الطرق والوسائل، ولم يكتفِ في ذلك بما تحتويه المناهج الدراسية من معلومات ومعارف، وهو الذي يصنع لنفسه ولوطنه المستقبل الزاهر، وهو الذي يثق بإمكانياته العقلية والذهنية، وهو الذي يطوع الصعاب والتحديات ويحولها إلى إيجابيات، وهو الذي لا يشغله شاغل عن طلب العلم مهما كان كبيراً.
فأنتم يا أحبائي في عباداتكم تحتاجون إلى العلم، فالعابد العالم أفضل عند الله من العابد الجاهل بعشرات المرات، لأن الأول يعمل بالعلم الذي يوصله إلى مرضاة الله، وأما الثاني فإنه يعمل بالشبهات والترهات المبنية على الجهل، ظناً منه أنه يحسن صنعاً وهو يغضب الله ورسوله (ص) من غير أن يدري، وفي تعاملاتكم أيضاً تحتاجون إلى العلم، وفي حياتكم الاجتماعية والاقتصادية تحتاجون إلى العلم، وفي ذهابكم وإيابكم تحتاجون إلى العلم، وفي علاقاتكم الإنسانية والاجتماعية تحتاجون إلى العلم، وفي سفركم وحضركم تحتاجون إلى العلم، وعند خطابكم ومخاطبتكم للآخرين تحتاجون إلى العلم، وفي مناقشاتكم وحواراتكم تحتاجون إلى العلم، وفي علاقتكم الأسرية تحتاجون إلى العلم، وفي بناء شخصيتكم تحتاجون إلى العلم، وفي تهذيب مشاعركم الإنسانية تحتاجون إلى العلم، وفي إقناع الآخرين بأفكاركم تحتاجون إلى العلم، ومن أجل أن تعرفوا نفسيات من حولكم تحتاجون إلى العلم، ومن أجل أن ترسموا الابتسامة على شفاة اليتيم والمحروم والمستضعف تحتاجون إلى العلم، ومن أجل أن تكونوا قريبين إلى الله تحتاجون إلى العلم، في كل مناحي حياتكم العملية والعلمية تحتاجون إلى العلم.
واعلموا أحبتي أن الطالب المشاغب والمعطل للدرس والعلم جاهل بعواقب أعماله، يظن أنه بهذا الفعل السلبي يؤذي غيره ولا يدري أنه يؤذي نفسه ويدمر مستقبله، فكونوا أعزائي المثل الأسمى في طلب العلم وفي أخلاقياتكم وسلوكياتكم الطيبة، ظننا بكم كبير وأملنا في تحقيق طموحات وطنكم لا حدود له، وفقكم الله ويسّر لكم أموركم وحفظكم من كل سوء وأبعد عنكم شر الأشرار وطوارق الليل والنهار.