فوزي حديد- عمان اليوم-
هل يحتاج طلابنا إلى إرشاد نفسي؟ وهل من الضروري تعيين أخصائي إرشاد نفسي على غرار أخصائي اجتماعي؟ من الطبيعي أن الابن أو البنت يحتاجان وهما في بداية العمر إلى مثل هذه التوجيهات التي تشحن التلميذ وتقيه من التصرفات التي تسيء إليه بطريقة أو بأخرى بل وتشجّعه على تكوين شخصيّته النموذجية التي تتحرّك وفق محوري التربية والتعليم، وعلى القيام بمبادرات تؤهله لخوض معترك الحياة.
فتكوينات الأطفال متباينة، منهم الخجول، ومنهم المنكمش على نفسه، ومنهم المواظب على دروسه، ومنهم المهتم، ومنهم المحافظ على نظافة هندامه وأناقته، وفي الجانب الآخر نجد الطالب المتهوّر الذي لا يقيس الأمور ولا يضعها في نصابها، ونرى المشاغب الذي لا يعير للدراسة وزنا، ونرى المتسرب من الدروس، ونرى غير المحافظ على الهدوء ونظافة موقعه في المدرسة، ونرى من له علاقات خارجة عن نطاق المدرسة، كل ذلك من مهمّات المرشد النفسي الذي أصبح وجوده حسب رأيي ضروريا للحفاظ على توازن شخصية الطفل، والسّير به نحو برّ الأمان النفسي.
كما أن المشكلات الأسرية لها تأثير قوي على شخصية الطفل، فإذا كان الأبوان لا يعيشان معا في تناغم وتفاهم فإن ذلك حتما يؤثر على الطفل وقد يدعوه إلى الانحراف أو الانخراط في مجموعة رفقاء السوء وليس ذلك مستبعدا في ظل التطور الحاصل الذي نراه اليوم في مجتمعاتنا، بل إن كل الأدوات الإلكترونية اليوم في متناول الطفل الطالب الذي أصبح قادرا بنفسه على توجيه هاتفه نحو ما يريد بضغطة زر واحدة، بل إنه قادر على تكوين مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف تنوعاتها، ومن ثم يجعله عرضة للانحراف أو للاستغلال من الآخرين.
وبما أن المرحلة العمرية التي يمر بها الطالب مرحلة خطيرة يستطيع أي توجّه أن يغيّر أفكاره وتوجّهاته من خلال العلاقات التي يكوّنها خارج إطار البيت، كان لا بد للمجتمع أن يحافظ على هذه الفئة العمرية من الانحراف الخلقي والسلوكي، أو من الاتجار والاستغلال من أي نوع من الأنواع التي تشعل الاضطراب النفسي والتدهور الخلقي والتأخر الدراسي، ولا بد أن يكون المعلم قدوة وأسوة حسنة للطالب الذي يتلقى العلم منه، فالمربي عليه أن يغرس في نفوس طلابه التربية الصالحة والسليمة ولا يخلق عداوة بينه وبين أي طالب مهما كان مستواه، فالعدوانية صفة ذميمة قد تدفع الطالب لارتكاب أعمال مخلّة بالآداب قد تضرّ المعلم نفسه وتجعله في حرج كبير.
ودرءا لأي مشكلة قد تقع، على وزارات التربية في عالمنا العربي أن تضع خططا عاجلة لحماية الأطفال خاصة في ظل تنامي الفكر المنحرف والمعادي واستغلال البراءة والطفولة لتمريره وجعله عقيدة وسلوكا يخسر الطفل استعداده للتعلمّ، فواجب المربّي كبير تجاه طفل يريد أن يستقي العلم والمعرفة ممّن له كنوز المعرفة، هذه الخطط تشمل التركيز على الجانب التوبوي النفسي لأن له علاقة كبيرة بتكوين الطفل المعرفي والسلوكي، وتعليمه الأخلاق والتركيز على التطبيق باعتباره أولوية قصوى لضمان صفاء التلميذ الذهني، فلا تشويش ولا اضطراب ولا عدوان وغيرها من اللاءات الكثيرة، ذلك هو الحصن الحصين الذي يحمي الطفل من براثن الفساد بكل أنواعه.
إذا أردنا جيلا واعيا ومثقفا علينا أن نعمل على هذا التصور الذي يحافظ على عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا ويسمو بنا نحو الرقي بأفكارنا، وصقل مواهبنا والسير بها نحو التفوّق والتميّز والتألّق يوما بعد يوم، فهم فلذات أكبادنا وعلينا واجب الحفاظ على هوياتهم وثقافتهم وحمايتهم من الانحراف وأي صور الاستغلال مهما كان نوعه.