د. راشد بن حسين العبد الكريم- د. صالح بن عبدالعزيز النصـار-المنشاوي للدراسات والأبحاث-
مقدمة
يؤدي المنهج المدرسي دوراً كبيراً في إعداد الأجيال الناشئة والمتعلمة بما يتفق والفلسفة التي يعتنقها المجتمع، والمبادئ والقيم التي يرتضيها. وهو كذلك أداة فعالة في معالجة المشكلات التي يعانيها المجتمع، وفي مقابلة التحديات التي تواجهه. ولكي يكتب للمنهج المدرسي النجاح، ويؤدي الأدوار المنوطة به، ويحقق الأهداف المرجوة منه، ينبغي مراعاة الأسس الفلسفية والاجتماعية والنفسية والمعرفية عند الشروع في عملية
تخطيطه، وتصميمه، وتنفيذه. ومع أهمية تلك الأسس جميعها في عملية بناء المنهج، وفي نجاح مهمته، إلا أن الأساس الاجتماعي يعد أقوى أسس المنهج المدرسي تأثيراً في مخططي المنهج، وذلك نظراً لظروف كل مجتمع، وخصوصياته، وعاداته، وتقاليده، وقيمه، وطموحاته، ومشكلاته التي تختلف عن ظروف أي مجتمع آخر وخصوصياته (سعادة، و إبراهيم، 1412). وقد أكد عمار (1420) أن البعد الاجتماعي يستهدف كذلك "التعرف على إمكانيات إسهام التعليم في توليد الموازنات الفكرية والقيَمية والوجدانية التي تؤسس للسلام الاجتماعي، وللعروة الوثقى بين مختلف شرائح المجتمع، وللوحدة الوطنية، والتواصل الاجتماعي الإيجابي، والمشاركة الديمقراطية في صنع القرار الوطني وتحمل مسؤولياته، وجني ثماره" (ص 148). كما أشار سليمان ونافع (2001) إلى أن الدراسات الاجتماعية تسعى لتحقيق هدف تربوي مهم وهو تنمية المسؤولية المدنية (حقوق المواطنة) لدى المتعلم فيشعر بمساهمة الآخرين ودورهم في المجتمع ويقدر دور الحاكم والمؤسسات المدنية، وفي نفس الوقت يعرف حقوقه. وهكذا تتحقق المواطنة الصالحة التي تجعل الفرد يعتز بانتمائه لوطنه ولأمته وثقافتها وحضارتها الإنسانية ويقدر في نفس الوقت ما تقدمه الشعوب الأخرى في سبيل استمرار حضارة الإنسان وتقدمها (ص 34). من جهة أخرى، فإن التغيرات المتسارعة التي يمر بها العالم، سواء على المستوى العالمي أم على المستوى المجتمعي، كان لها أثر كبير على نسيج العلاقات في المجتمع الحديث، وعلى جميع المستويات والصُعد، مما يعنى مراجعة الأدوار الوطنية في كل مجتمع. وقد أكد كير Kerr, 2003 على أن "التغيرات غير المسبوقة والدائمة قد نجحت في قلب الحدود الثابتة والتقليدية للمواطنة في كثير من المجتمعات، مما أدى إلى مراجعات جذرية عبر المجتمعات للمفاهيم والممارسات التي تقوم عليها المواطنة". وقد دُرّست التربية الوطنية في القرن الماضي من خلال مناح متعددة تضمنت قيما مختلفة، لكنها الآن تحتاج إلى أن يعاد النظر فيها لتحديد مدى مناسبتها للحاجات المتجددة
والمتغيرة لمواطن القرن الحادي والعشرين.