ثقافة » شؤون مدرسية

اختيار البرامج الدراسية .. قرار مصيري من يحدده ؟

في 2016/04/19

عمان اليوم-

حلمت « ريم» الطالبة الجامعية ببعثة خارجية إلى بريطانيا، اجتهدت كثيرا في مسيرتها الدراسية، وحصلت على نسبة عالية في الدبلوم العام، وعندما حان موعد التسجيل في مركز القبول الموحد، رتبت ريم خياراتها وسطرت خيارات البعثات الخارجية في رغباتها الأولى، وعندما أتت لحظة القبول والفرز الأول، استلمت ريم رسالة من المركز تؤكد حصولها على الخيار الأول وهو البعثة الخارجية إلى بريطانيا.
طارت ريم من الفرحة، غير أن فرحتها لم يكن مقدرا لها أنه تكتمل !! لأن ولي أمرها رفض سفرها إلى الخارج. أحست ريم بالصدمة، بصخرة كبيرة تسد طريقها وترتطم بها، لكنها أخذت تحاول إقناع ولي أمرها الذي بقي القرار الأول والأخير له. وبذلك انتهى حلم ريم، وهي لا تدري إذا كان الفرز الثاني سيعيد إليها الابتسامة مرة أخرى أم لا ؟

قصص واقعية

قصة ريم مثال حي لكثير من القصص الواقعية التي يعيشها الطلبة خاصة إذا كان ولي الأمر بعيدا عنهم، ولكنه يظهر في لحظة القرار النهائي الذي يتسبب في خسارة طموح الأبناء أحيانا. كما أن هذه القصة تفتح الباب للتساؤل حول كيفية ترتيب الطلبة لخياراتهم الدراسية وملاءمة هذا الترتيب لإمكانياتهم وطموحاتهم؟
ومع بداية فترة التسجيل في موقع مركز القبول الموحد. اقتربت «عمان» من طلبة الدبلوم العام والمختصين بوزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم، لتستطلع الآراء حول كيفية ترتيب الخيارات ودور أولياء الأمور في تغيير أو اختيار تخصصاتهم، وكذلك آراء أولياء الأمور أنفسهم في الموضوع بالإضافة إلى التعرف على جهود المختصين بوزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في توعية وإرشاد الطالب.
في البداية يؤكد الطالب عبدالرحمن بن محمد المعمري أن اختيار التخصصات الدراسية الجامعية ينبغي أن يعتمد اعتماد كبيرا على رغبة الطالب وطموحه وليس بالضرورة ان يكون لولي الأمر تأثير في اختيار التخصص.
فيما يؤكد ولي أمر عبد الرحمن أنه يساهم في اختيار تخصص ابنه ويقدم له النصائح التي يجب أن يتبعها لكي يتفوق على الصعوبات، ويرى أنه من الضروري أن يختار الطالب التخصصات التي تواكب متطلبات سوق العمل.
وتشاطره الرأي فاطمة بنت سالم السعدية وتقول: ترتيبي لاختياراتي للتخصصات الجامعية يستند إلى مدى رغبتي في الدخول إلى هذه التخصصات، ولم يتدخل ولي أمري في اختيار تخصصي.
وتؤكد فاطمة أنها استندت في اختيارها إلى ميولها وقدراتها مع استشارتها لولي أمرها.
توافق تخصصاتي

أما الطالبة شيخه بنت حمير بن سليمان بن سعيد الفارسي فتقول: بداية حصلت على نسبة عالية ولله الحمد وكانت درجاتي ممتازة مما تساعدني في توافق تخصصاتي ورغباتي الجامعية لذلك قمت بترتيب خياراتي حسب الدرجات التي حصلت عليها، وهذا ما يجب أن يفعله كل طالب، كذلك كان لطموحي تأثير في اختيار التخصص الجامعي.
أما بخصوص موقف ولي الأمر من اختيار التخصص فتشير فاطمة إلى أن دور ولي الأمر يجب أن يكون النص والإرشاد، لكن القرار والخيار يجب أن يعود إلى طموح الطالب وتوفقه ومتطلبات سوق العمل، وهذا ما فعله معها والداها، وتقول: بالنسبة لخياراتي فما كان لأمي وأبي إلا توجيهي ونصحي بأن أدخل أفضل التخصصات وأن يكون العمل الذي سألتحق به بعد دراستي الجامعية لائقا بي ومناسبا لحاجة المجتمع.
أما وليا أمر شيخة فلا يحبذان التدخل في اختيار التخصص ويقولان : إن هذا ليس من طبعهما، ولذلك فهما تركا لها حرية الاختيار.
ويبدو أن الطلبة وأولياء الأمور الذين التقيناهم متفقين ومدركين لأهمية الخيارات الصحيحة في ترتيب البرامج الدراسية للوصول إلى المستقبل دون التعسف في فرض الخيارات بعيدا عن رغبة الطالب وطموحه من جهة، ورؤيته لاحتياج سوق العمل من جهة أخرى. وهو عكس ما يحدث في بعض الحالات كما حدث في قصة ريم .

قراءة دليل الطالب

بعد وقفتنا مع الطلبة والموقف الصعب لتلك الطالبة، طرقنا باب مركز القبول الموحد بوزارة التعليم العالي، حيث تقول ندى بنت محمد الكيومية مديرة دائرة القبول الموحد بالندب: بداية أنصح كل طالب وطالبة بقراءة دليل الطالب قراءة متأنية، والتعرف على إجراءات التسجيل والقبول بنظام القبول الإلكتروني بالإضافة إلى برامج مؤسسات التعليم العالي وشروط الالتحاق بها. والبحث عن أية معلومات أخرى تتعلق بهذه البرامج، إما من خلال التواصل المباشر مع مؤسسات التعليم العالي أو الاستفادة من محرك البحث عن وصف البرامج الدراسية المتوفر في موقع مركز القبول الموحد الإلكتروني، حيث أن مؤسسات التعليم العالي تزود محرك البحث بكثير من المعلومات ووصف وتفاصيل البرامج الدراسية التي تطرحها، وهذه المعلومات غير متاحة في دليل الطالب لمحدودية عدد الصفحات به. كما أنصحهم بالتنويع في اختيار البرامج الدراسية من مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومية والبعثات والمنح الداخلية والخارجية، وعدم الاكتفاء بعدد قليل منها حتى وإن كانت نتائجهم الدراسية مرتفعة. وترتيب البرامج الدراسية في نظام القبول حسب الأولوية والأفضلية لديهم، لأن النظام مصمم على إعطاء الطالب أفضل برنامج يستحقه بناء على معدله التنافسي مقارنة بباقي المتقدمين لذلك البرنامج وعدد المقاعد المتاحة.
وعن دور مركز القبول الموحد في توعية الطالب في اختيار التخصصات.
تضيف الكيومية: يوجه المركز الطلبة دائماً باختيار التخصصات التي تتناسب مع ميولهم الدراسية وقدراتهم العلمية وتطلعاتهم الوظيفية والمهنية، وأن يرتبوها في نظام القبول حسب الأفضلية لديهم، وأن لا يربطوا ترتيب الخيارات بنتائجهم في المواد الدراسية. فقد لاحظ المركز ـ مثلا ـ أن بعض الطلبة يفضلون تخصصات علمية أو هندسية ولكن درجاتهم في المواد العلمية كانت أقل من درجاتهم في المواد الأدبية. وعليه يقومون بوضع التخصصات الأدبية والإنسانية في أول القائمة لأن معدلاتهم التنافسية في هذه التخصصات تكون أعلى من معدلاتهم التنافسية في التخصصات العلمية. وهذا إجراء خاطئ، لأنه لا يمكن الجزم بنتائج القبول قبل إجراء الفرز الإلكتروني، وبالتالي يفقد هؤلاء الطلبة فرص قبلوهم في التخصصات التي يتمنونها بسبب وضعهم إياها في أسفل القائمة. لذا على الطلبة ترتيب البرامج الدراسية حسب رغباتهم الحقيقية وتجنب التخمين في اختيار وترتيب البرامج المبني على نتائج المواد الدراسية. كما ينبغي أيضا على الطلبة الجلوس مع أولياء أمورهم واستشارتهم حول مؤسسات التعليم العالي التي يتقدمون إليها، حتى لا يتفاجأ أولياء الأمور بطبيعة البرامج الدراسية التي ستعرض على الطلبة لاحقاً.
ومن ناحية أخرى على أولياء الأمور أن لا يفرضوا رأيهم على الطلبة، وإنما يجب عليهم أن يصلوا مع أبنائهم إلى اتفاق مشترك حول التخصصات والبرامج الدراسية التي يختاروها.
إرشاد وتوجيه مهني

وعن دور المركز الوطني للتوجيه المهني، يقول خليل بن إبراهيم البلوشي مدير دائرة الإعلام والتسويق بالمركز الوطني للتوجيه المهني: يعمل أخصائيو التوجيه المهني في مختلف المحافظات التعليمية منذ بداية العام الدراسي على توعية طلبة الصف الثاني عشر ومساعدتهم للتسجيل بنظام القبول الموحد إلكترونيا من خلال تعريفهم بإجراءات التسجيل وشرح جميع التفاصيل الموجودة بدليل الطالب للتسجيل بنظام القبول الموحد، وتقديم الإرشاد والتوجيه المهني للطلبة وأولياء أمورهم خلال فترة التسجيل جنبا إلى جنب مع توفير النصائح الفنية والتقنية ذات الصلة بالبرنامج الإلكترونية.
تفعيل وسائل الأعلام

ويعمل أخصائيو التوجيه المهني على مساعدة الطلبة في ترتيب تخصصاتهم وبرامجهم الأكاديمية من خلال الموائمة بين قدراتهم الشخصية وميولهم المهنية، وفي هذا الإطار وبالتنسيق مع القبول الموحد سيعمل المركز على زيارة مختلف المحافظات التعليمية لتعريف أخصائيي التوجيه المهني بجميع المستجدات التسجيل بنظام القبول الموحد والتأكد من وعي الطلبة بمختلف المستجدات. ويبذل الأخصائي المهني بالمدراس دورا في توعية الطلبة.
ويشير سعيد بن محمد المجيني (أخصائي توجيه مهني بمدرسة الخليل بن أحمد الفراهيدي) إلى أن أخصائيي التوجيه المهني بالمدارس يبذلون جهودا مكثفة لتوجيه طلبة الصف الثاني عشر لاختيار تخصصاتهم الجامعية والالتحاق بمؤسسات التعليم العالي حيث يعد الأخصائيون خطة زمنية للبرنامج التوعوي لطلبة الصف الثاني عشر للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي « المرحلة الجامعية الأولى » للعام الأكاديمي 2016/‏‏‏2017.
وتشمل هذه الخطة العديد من الفعاليات كتفعيل وسائل الإعلام في المدرسة لخدمة برنامج التوعية (إذاعة، صحافة، لوحات إعلانية) واستخدام إحصائيات عن الوظائف وسوق العمل كما يتم توجيه الطلبة للاطلاع على مجموعة من المراجع المفيدة لتحديد التخصص المناسب لهم كالتقرير الإحصائي السنوي للقبول الموحد الصادر من مركز القبول الموحد والكتيبات التعريفية عن الجامعات والكليات والمعاهد التي توضح تخصصاتها وبرامجها الدراسية وتقديم عرض توعوي يوضح مستجدات مسار التعليم العالي هذا بالإضافة إلى توجيه الطلبة لقراءة دليل الطالب للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي الصادر من مركز القبول الموحد قراءة متأنية لفهم إجراءات التسجيل ومعرفة البرامج الدراسية المطروحة وشروط الالتحاق واختيار ما يتناسب منها مع رغباتهم وموادهم الدراسية وإدراجها في طلب الالتحاق بنظام القبول الإلكتروني، والتأكيد على أهمية ترتيب الطالب لبرامجه حسب الأفضلية للمقاعد الدراسية، كما يتم توضيح آلية التسجيل من خلال تقديم العروض المرئية التي توضح خطوات ومراحل التسجيل والقبول ببرامج مؤسسات التعليم العالي ومناقشة الأخطاء التي يقع فيها الطلبة في مراحل التسجيل والقبول المختلفة وتقديم توضيح حول إجراءات التسجيل في نظام القبول الإلكتروني. وعما إذا كانت هناك حالات ترد إلى اخصائي التوجيه المهني يصعب عليها الاختيار أو تواجه ضغوطات من ولي الأمر في اختيار تخصص ما أجاب المجيني: بعض الطلبة يواجهون صعوبة في اختيار التخصص المناسب لهم، وهنا يأتي دور أخصائي التوجيه المهني في تقديم الاستشارات الفردية والجمعية للطلاب وأولياء الأمور؛ لمساعدتهم في تحديد الخيارات من البرامج الدراسية .
ويؤكد سعيد المجيني أهمية استشارة الطلاب لأخصائي التوجيه المهني لمساعدتهم في تحديد خياراتهم من البرامج الدراسية والإجابة عن استفساراته وكذلك ضرورة استشارة الطلبة لأولياء أمورهم على أن يكون اختيارهم للبرامج الدراسية وفقا لقدراتهم وميولهم الشخصية ليتمكنوا من تحقيق طموحاتهم وتشجيعهم للثبات على خياراتهم من البرامج الدراسية وعدم التأثر بالزملاء عند اختيار التخصصات الدراسية والجامعات والكليات.
وحول ما إذا كانت هناك ضغوطات من قبل ولي الأمر في اختيار تخصص معين، قال سعيد : نحن كأخصائيي توجيه مهني نعقد لقاء توعويا لأولياء الأمور لتوضيح دورهم في مساعدة أبنائهم على الاختيار الدقيق بما يتوافق مع ميول وقدرات ورغبات أبنائهم وشرح مستجدات البرامج الدراسية ومراحل التسجيل والقبول ببرامج مؤسسات التعليم العالي والخطوات التي يجب إتباعها قبل البدء في التسجيل بالنظام وكذلك الخطوات التي يجب اتباعها عند التسجيل في النظام وأهمية ترتيب الخيارات حسب الأفضلية للمقاعد الدراسية والخطوات التي يجب اتباعها في مرحلة تعديل الرغبات ( بعد ظهور نتائج امتحانات دبلوم التعليم العام ).
***
تتوافق الآراء إذن حول أهمية معرفة الطلبة لميولهم ولطموحاتهم المستقبلية وتحديد المجالات التي يرغبون في العمل بها عقب انتهاء الدراسة والتي على أساسها تتحدد خياراتهم للتخصصات الدراسية، كما أنه على أولياء الأمور الوقوف إلى جوار أبناهم وليس أمام طموحاتهم لدعم مستقبل هؤلاء الأبناء ومن ثم دعم بناء الوطن بسواعد أبنائه وذلك منذ مرحلة التسجيل حتى لا تتكرر مأساة «ريم».